ما المقصود بــ “الشريعة”
الجواب:
الشريعة في أوسع معانيها وأدقها تكاد تشمل الدين كله لكن التوافق بين اسم الشريعة وما اشتق منه هذا الاسم وشيوع اسم التشريع عرفا بمعنى سن الشرائع جعل المتبادر إلى الأذهان من إطلاق كلمة الشريعة ما يرادف القانون والأمر ليس كذلك فالشرعة عندنا كما في قوله (تعالي): ﴿لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا …﴾(المائدة:48)، فلا شيئا من الدين يخرج عن الشرعة والمنهاج سبيل تطبيق الشريعة وجعلها نظام للحياة يتناول جوانبه تعد جزء من الشريعة كلها فالأخلاق والسلوك من الشريعة والطلاق والنكاح وبناء الأسرة وحقوق الأبناء والآباء وكذلك المعاملات بأنواعها كلها … ومثله السير وأحكام الحرب والسلم والأسرة والعلاقات الدولية والسياسات العامة كل ذلك يندرج تحت معنى الشريعة ومنظومة العقوبات والتشريع الجنائي تندرج تحت مفهوم الشريعة، وكل ذلك شرع الله لنا فيه شرعا، وبين الله لنا فيه منهاجًا، والحدود والعقبات والتشريع الجنائي تمثل جزءًا يسيرًا من الشريعة، ومن السائغ لغة إطلاق اللفظ الكلي على بعض ما يتناوله من أجزاء، وبهذا المعني يمكن أن نقول: إن التشريع الجنائي أو العقوبات التي سنها الشارع شريعة أو من الشريعة، ولكن ليست كلها والمؤسف أن بعض الكاتبين والدعاة قد حصروا معنى الشريعة في تلك العقوبات، كعقوبة الزنا والقتل والسرقة والقذف واطلقوا عليها شريعة، وبعض الساسة المعاصريين الذين أرادوا أن يضفوا علي أنفسهم صفات الأئمة ويكسبوا قلوب المسلمين ويستفيدوا سياسيا من مشاعرهم استسهلوا أمر تطبيق بعض الحدود حتي وإن لم تتوافر شروط تطبيقها وأطلقوا عليها كلمة شريعة، حدث ذلك في بلدان إسلامية كثيرة، لا نود تسميتها تلافيا للإحراج، فالشريعة أعم من الحدود فتشملها وتشمل سواها فإذا أطلقت على الحدود وحدها وأراد من أطلقها حصرها في الحدود فذلك أمر مرفوض أما إذا أطلقها علي سبيل إطلاق الكل على الجزئي بعلاقة الجزئية فهو إطلاق مجازي يقبل بشروطه فتأمل ما قلنا وفقك الله.