مراجعة التراث الإسلامي القائم على مصدرية القرآن والسنة في ضوء منهجية القرآن المعرفية
التراث هو ذلك الجهد الكبير الذي ورثناه عن سلف هذه الأمة الصالح. والعاملون في حقل الفكر الإسلامي ينقسمون تجاه التراث إلى قسمين:
الأول: متشبث به داع إلى عدم المساس به؛ لأنهم يَرَوْن فيه “خلاص الأمة”، ويرون في الدفاع عنه “وفاءً لروح الإسلام وإخلاصًا للدين، وبعضهم حوله إلى عقيدة، ومقدس ينافس قداسة القرآن، له صلاحيات واسعة على البشر، رغم أنه من وضع البشر.
الثاني: داع إلى مقاطعة جريئة للتراث، وتحميله مسؤولية كل العلل التي آلت إليها الأوضاع في العالم العربي والإسلامي.
والحقيقة أنه لا يمكن تحميل التراث الديني، المسؤولية الكاملة عن دخول العقل العربي في سبات منذ قرون، فأسباب التخلف الفكري كثيرة وقديمة. كما أنه من الصعوبة بمكان إقامة أي مشروع حداثي في العالم الإسلامي بإعلان قطيعة كلية مع التراث، فإن بناء أية نهضة لا يستقيم إلا عبر الرجوع إلى هذا الموروث والاتصال به نقدا وتفكيكا ودراسة، بما يتوافق ومتطلبات وحاجيات أجيال العصر .
ويهدف المشروع الذي نتبناه إلى إعادة بناء علوم الأمة التراثية ومناهج تدريس العلوم الشرعية والإسلامية على أسس نقدية بناءة مستمدة من القرآن الكريم ومنهجيته المعرفية، وذلك من خلال:
أولا : ضرورة الفصل اليوم في العالم الإسلامي بين الدين والتدين، ونعني بالدين القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة المطبقة للقرآن الكريم، ونعني بالتدين سائر المنتج البشري المرتبط بهما من علوم أنتجها سلفنا الصالح، فالأول مقدس والثاني بشري غير مقدس.
ثانيا: تكوين عقلية قادرة على توليد فكر ديني فقهي، يلبي احتياجات الواقع، متماهيا مع القرآن الكريم، مجافيا للآفات التي علقت بتراثنا.
ثالثا : وضع آلية لتنقية هذا التراث مما علق به من شوائب بسبب ظروف سياسية أو عسكرية، أو لحاجة الواقع- آنذاك- لمثل هذا الجهد.
رابعا : عرض قضايا التراث على القرآن الكريم لتحديد موقعها منه هل هي متوافقة مع ثوابته أم متعارضة وهل يقبلها القرآن الكريم أم يرفضها .
هذا جهد عظيم نحو نهضة الامة وتحسس موقعها في هذا العالم المتضارب والمادي مع الارتكاز على ثوابت القرإن الكريم
رحم الله الدكتور طه العلواني