Menu
منهجية التعامل مع التراث الإسلامي - مراجعة لكتاب من أدب الاختلاف إلى نبذ الاختلاف - أُمْنِيّة أهلِ السجود([1]) - The future of Islam in America and west - جانب من جلسات فريق باحثي الأزهر للعمل على وضع منهجية مراجعة التراث - حوار حول الربيع العربي - الإسلام والمسلمون من وجهة نظر غربية - برنامج اخترنا لمكتبتك - معالم في المنهج القرآني - ومضات فكرية

السبيل لإعداد دراسة تحبب الناس في القرآن

كيف السبيل لإعداد دراسة تحبب الناس في القرآن وتدعوهمم إلى قراءته والتدبر فيه؟

الجواب:

بالنسبة للبيئة التي تتحرك فيها يجب أن تقتنع بأن القرآن كتاب الله (تعالى) وكلامه، وهو من حيث مصدريته وغايته مثل الإنجيل والتوراة وتشرح ذلك في إطار الآيات الأولى من سورة آل عمران للربط بين الكتب الثلاث، وبعد أن تطمئن لوصول طلابك إلى قناعة تامة بأن الكتب الثلاث في مصدرها وغاياتها متساوية لكن العهدين (القديم والجديد) وجه الخطاب فيهما إلى بني إسرائيل لجعل بني إسرائيل نموذج للعالمين إذا اهتدوا بهذين الكتابان.

وأما القرآن فقد جاء بعدهما ليصدق عليهما أولا ويؤكد حجيتهما على بني إسرائيل دون إغفال لما هو مشترك مثل الإيمان بالله (تعالى) وسائر عناصر الإيمان بالله والملائكة والكتب السماوية والأنبياء كافة واليوم الآخر ومثل المسؤولية الأخلاقية التي بمقتضاها أوجب الله (تعالى) على الإنسان ما أوجب من تقوى وهداية وعبادة وحرم ما حرم مثل الزنا والخمرة وما إليها.

فالخطاب العالمي في القرآن الكريم يشمل البشريَّة كلها ويخاطب بني آدم كافة، كما خاطب إبراهيم البشرية كلها ووضع جميع بني آدم أمام مسؤلياتهم وقدم مثالا ونموذجا في إطار ملته لتقتدي البشرية كلها به ولتلف حول النموذج الذي أرسى دعائمه ملة أبيكم إبراهيم. فالقرآن الكريم اشتمل على الأساسيات واليقينيات الكبرى التي وردت في التوراة والإنجيل وأعاد إنتاج النموذج الإبراهيمي الموحد الذي يقوم على القيم المشتركة بين الجميع. ولذلك كان خاتم الكتب وآخرها كما اعتبر من حمله، وأنزل على قلب خاتم النبيين (صلى الله عليه وآله وسلم) .

فإذا فرغت من ذلك فتبدأ في بيان المحاور الأساسية للقرآن الكريم التي هي محاور جميع ما أنزل الله (تعالى) من كتب وصحف وهي محاور أساسية لجميع الرسلات وهي أولا: الإيمان، ثانيا: تزكية الإنسان وتطهيره وتطيهر بيئته كلها ليحافظ على نقائه، ثالثا: إعمار الأرض بالقيم المشتركة ونشر العدل والمساواة وقيم الخير والحق والهدى والأمانة والجمال فيها كلها.

وتؤكد على وحدة البشرية انطلاقا من قوله تعالى: ﴿إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾(الحجرات:13).

وقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾(النساء:1).

فالإنسان أخو الإنسان في الإنسانية، فإذا أضيف إلى الإنسانية الاشتراك في الانتفاع من خيرات الأرض وتوزيع الأرزاق ثم توحيد المواقف تجاه القيم المشتركة فذلك يعطي مزيدًا من توثيق العلائق ويبعد الحروب والاختلافات وما إلى ذلك.

ثم تبين عناية القرآن بإحياء الأرض وذلك بطريق إعمارها للاستفادة من جميع خيراتها التي قدر الله بمنتهى الدقة -تلك الأقوات والأغذية- لتكون كافية للبشرية إلى يوم القيامة، وذلك إذا أحسنت التصرف فيها وحافظت على البيئة من كل تخريب أو تدمير أو إفساد فلا يكون هناك أي تلوث يدمر موارد الإنسان فضلا عن تدمير الإنسان ذاته.

ثم تبين أن الرسل كلهم قد أكدوا على هذه المشتركات التي نجدها بوضوح في القرآن الكريم، وعمل القرآن الكريم على دعوة البشرية لأن تكون أمة واحدة في هذه الأمور، تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر لكي نصل إلى مستوى يمكن أن يدخل الناس فيه كافة في السلم بجميع معانيه، فإذًا القرآن ليس كتابا للمسلمين أو لطائفة من البشر فقط بل هو كتاب البشرية كلها والإنسانية جميعها، وقد صدق وهيمن على الكتب السابقة ليضمن أن أي شيء منها إذا فقد أو أهمل أو ضاع فإن أصله سيكون موجودًا في القرآن الكريم.

بعد ذلك تستطيع أن تتكلم عن ما اشتمل القرآن عليه من أخبار الأنبياء والمرسلين والأمم السابقين لأخذ الدروس والعبر ثم يأتي دور القرآن في إرساء دعائم المنهج والشريعة لكل جعلنا منكم شرعة.

وتبين من التفاصيل ما تراه مناسبا خاصة في ما يتعلق ببناء الأسرة التي تفتقر البيئة الأمريكية لمنهاج لإعادة بنائها بشكل سليم وتنقية البيئة ورفض العنف ووضع البشرية كلها على طريق السلام فمكنونات الأرض وخيراتها كافية للبشر كلهم إذا اتبعوا هداية القرآن في إرساء دعائم النظام العادل في سياسات الإنتاج والتوزيع والاستهلاك.

ولدنا العزيز هذا مختصر لعله يعينك في تبين سبيل تحبيب الناس في القرآن ودعوتهم إلى قراءته والتدبر فيه.

وأوصيك بأن لا تجعلهم ينغمسون في قرآة التفاسير القديمة منها والحديثة إلا بشكل منتقى وموجه، وأن تقدم القرآن الكريم نقيا صافيا كما هو لا تكدره الشوائب، وأهم من كل ذلك أن تعلم الناس كيف يتدبرون القرآن بأنفسهم وكيف يتعلمون منه ويحاورونه ويسائلونه ويستشيرونه ويستثيرونه لكي تقوم الصلة المباشرة بين فطرهم وعقولهم وقلوبهم وبين القرآن المجيد.

شكرا لك وبارك الله فيك.

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *