كثير من أحكام الفقه الإسلامي لا نجد لها دليلا مباشرًا من القرآن بل تكون مندرجة تحت قاعدة مستنبطة منه وقد تخفى وقد يختلف حول شرعية القاعدة مثل شرع من قبلنا هل هو شرع لنا وغيرها … فهل يمكن تسميته حكما قرآنيا رغم عدم قطعيته؟
الجواب
فهل يمكن تسميته حكما قرآنيا رغم عدم قطعيته، نعم يمكن تسميته حكما قرآنيا، لغلبة ظن المجتهد أنه قد استنبط هذا الحكم من القرآن.
أما شرع من قبلنا فهي قاعدة وضعها الأصوليون المخالفون للمعتزلة، وذلك لأن المعتزلة افترضوا فرضية عما قبل نزول الشرائع؛ ليثبتوا صحة مقولتهم في العقل، وتحسينه وتقبيحه، فرد عليهم مخالفوهم بأننا قبل نزول القرآن الكريم وما فيه من شرعة ومنهاج كنا مكلفين بشرع من قبلنا، والجدل حول هذا الأمر جدل عقيم، ولم نكن بحاجة إلى وضع هذه القاعدة فالله (جل شأنه) قال في الآية الكريمة: ﴿لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَآ آتَاكُم فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ إِلَى الله مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ﴾ (المائدة:48) فالإيمان واحد جاء به الأنبياء كافة، والشرائع قد تختلف في جزئياتها وتتفق في أصولها، فلا يستقيم القول بأن شرع من قبلنا شرع لنا ما لم يرد ناسخ، لأن الله قال لنبيه الكريم بعد أن ذكر شرائع من قبله وأثنى عليها:﴿ ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِّنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاء الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾ (الجاثية:18).