Menu
منهجية التعامل مع التراث الإسلامي - مراجعة لكتاب من أدب الاختلاف إلى نبذ الاختلاف - أُمْنِيّة أهلِ السجود([1]) - The future of Islam in America and west - جانب من جلسات فريق باحثي الأزهر للعمل على وضع منهجية مراجعة التراث - حوار حول الربيع العربي - الإسلام والمسلمون من وجهة نظر غربية - برنامج اخترنا لمكتبتك - معالم في المنهج القرآني - ومضات فكرية

سلسلة تأملات رمضانية (17) حديث السحر ج 2

 

الحلقة السابعة عشر

حديث السحر

الجزء الثاني

                                  أ.د. طه جابر العلواني

     نشرت صحيفة عكاظ في 10/11/1431ه ـ- أي قبل ثلاث سنوات- أَنَّ قاضيًا من القضاة كان قد أُحيلَ إلى التحقيق، بتهمة رشوة كبيرة، وحينما بدأ التحقيق معه ذكر للمحققين أنَّ هناك وسيطًا لأهل الرشوة قد سحره وجعله يقبل الرشوة، وأنّه يطلب بعض أولئك الذين يستطيعون كشف السحر أن يؤكّدوا كلامه أو ينفوه. فطلبت المحكمة إحضار راقٍ يرقيه، فجاء الراقي المسمى “فايز القثامي” وأقرَّ بعد مقابلة القاضي المتَّهم بأَنَّ القاضي المتّهم قد سُحِرَ فعلًا، وأن الراقي القثامي قد استنطق الجنيَّ الذي تلبَّس القاضي المسحور بحضور عضوين من لجنة السحر من هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذين حضرا بناءً على طلبه هو، وذلك بعد أن طلب قاضٍ آخر في المحكمة أن يفعل ذلك، وأنَّ الهيئة سجَّلت الحوار بين الراقي والجنِّيّ، وحين سُئل الراقي القثامي عن الجنّيّ: هل تطرق لقضايا الفساد وقضية الرشوة؟ قال: نعم تطرق لها لكن دون تفاصيل لأني لا أستطيع ذكر التفاصيل، لأنَّ هذه الأمور تحتاج سرِّيَّةً، وقال الراقي فخورًا بقوته وطاقاته في الكلام مع الجن إنَّ القاضي المتهم قد قرأ عليه مشايخ كثيرون ومنهم بعض مشايخ القصيم وتكلم الجنّيّ معهم، وقال الراقي: إنَّ الجنيَّ مهيَّأ للكلام مع من يقرأ عليه.

 وسئلَ القثامي عن وجود دليل أو وقائع تؤيد ما ذهب إليه، فأجاب أنَّ الرسول نفسه قد سُحِرَ، فلا ينكر السحر، وأنه -عليه الصلاة والسلام- كان يفعل الشيء ولا يفعله؛ يعني وكأنه لم يكن يدري ما يفعل وما يترك.

ومعروف لدى علماء الحديث: أنَّ معارضة الحديث لكتاب الله تستوجب ردَّ الحديث، بقطع النظر عن وضع الأسانيد، وهذا الحديث يناقض صريح القرآن بنصِّه على عصمة الله لرسوله”: (يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِى الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ)(المائدة: 67)، لكن اليهود يحاولون اختراق جدار العصمة لرسله وأنبيائه؛ ألم أقل لكم إنَّ هذه الظاهرة المزعومة قد تحولت إلى مسلَّمة فدخلت مجالات القضاء والتحقيق، وصار بإمكان حراميَّة الحكومات أن يسرقوا أموال الشعوب ويدفعوا عن أنفسهم بهذه الحجة؟! وتحضرني نكتة لشيخنا الراحل محمد الغزالي، حين ذكر بعضُهم له قضية السحر ودخول الجن في الإنسان، فقال: “هيَّ العفاريت مش لاقية إلا المسلمين تخش فيهم، عمرنا ما اسمعناش أمريكي أو بريطاني ادَّعى أنَّ جنيّ دخله مش كفاية الاستعمار باقي علينا الجنّ كمان!”.

     وإذا كان للجن كل هذه القدرات وكان لدينا رقاة يتواصلون معهم بهذه الوسائل البسيطة، فلِمَ لا نجنِّدُ لنا جيوشًا من الجنِّ للتنقيب عن البترول وأخرى تدافع عن حدودنا، وجيوشًا أخرى تحقق لنا التنمية، وأخرى تحقِّق الانتقالات نحو الديمقراطية وتراقب الانتخابات؟! فكل ذلك عند أولئك ممكن وفق تلك العقائد الباطلة!

    إن هؤلاء أعداء الرسالات وخاصةً رسالة محمد -عليه الصلاة والسلام- (وكذلك جعلنا لكل نبي عدوًا شياطين الجن والإنس يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورًا ولو شاء ربُّك ما فعلوه فذرهم وما يفعلون) (الأنعام: 112).

وهؤلاء ومَن يروج لهم ويصدق خرافاتهم ممن ينتمون إلى العلم لم يتدبروا القرآن الكريم، ولو تدبروه لعقلوه ولأدركوا دلالات الوعيد الذي جاء في الآية المذكورة وفي قوله تعالى: (ويوم يحشرهم جميعًا يا معاشر الجنِّ قد استكثرتم من الإنس وقال أولياؤهم من الإنس ربَّنا استمتع بعضنا ببعض وبلغنا أجلَنا الذي أجَّلت لنا قال النار مثواكم خالدين فيها إلا ما شاء الله إنَّ ربَّك حكيم عليم) (الأنعام: 128).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *