Menu
منهجية التعامل مع التراث الإسلامي - مراجعة لكتاب من أدب الاختلاف إلى نبذ الاختلاف - أُمْنِيّة أهلِ السجود([1]) - The future of Islam in America and west - جانب من جلسات فريق باحثي الأزهر للعمل على وضع منهجية مراجعة التراث - حوار حول الربيع العربي - الإسلام والمسلمون من وجهة نظر غربية - برنامج اخترنا لمكتبتك - معالم في المنهج القرآني - ومضات فكرية

مفهوم السبر

سمعت و قرأت لفضيلتكم حديثكم عن السبر كقولكم
(وسُوقت تلك الروايات، وحصلت على تزكية بالسبر) (واعرفوا أنَّ من صححها فإنَّما صححها بطريق السبر)
فما هو بالتحديد مفهوم السبر
بارك الله فيكم

الجواب:

 مفهوم السبر: أن جيل الصحابة والتابعين قد خلا من عملية الجرح والتعديل والتوثيق والتضعيف، وكانت البدايات في عهد كبار أتباع التابعين ثم من جاء بعدهم حين بدأوا يسندون ولا يقبلون الرواية دون سند، حتى جاء الخطيب البغدادي وقال: إن هذا الحديث دين فتحروا عمن تأخذون عنه دينكم، ويعتبر الخطيب آخر المتقدمين وأول المتأخرين، من الذين اشتغلوا بعلوم الحديث ومارسوا النقد، فوجود ذلك الفراغ الذي امتد ما بين مائة وعشرين إلى مائة وأربعين سنة تقريبا حين لم يكن الناس يسندون ولا يعنون بالسند والإسناد حين جاء من بعدهم النقاد الذين اعتنوا في معرفة الإسناد والرواية والتوثيق والتضعيف وما إلى ذلك اضطروا بأن يأخذوا بشيء يعرف بالسبر وهو غير مفهوم السبر لدى الأصوليين والمناطقة، فسبر المحدثين يكون بتحري عدالة الراوي في مجموعة مما روى من أحاديث، فمثلا لو روى راو عشرة أحاديث تولى النقاد دراسة أسانيدها ونقدها واجتازت وفقا لشروطهم الاختبار فيقال هذا الرجل ثقة مثلا، ويروي عن الثقات، ثم تروى أحاديث أخرى للناقد من قبل الشخص نفسه فيقبل روايته دون فحص، استصحابا لثقته بما روى سابقا، كأن يروي شخص بأنه عن فلان عن فلان عن فلان أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول أقيموا صلاتكم وأدوا زكاتكم …، فمثلا هذا موافق لما في كتاب الله، فإذا روى الرواة حديثا مثل هذا لا شك أنه يقبل ويوثق راويه، ولا يطعن به، وهكذا، حتى يمنح لقب ثقة عند مجموعة من النقاد، فإذا روى بعد ذلك فالنقاد يكتفون بتوثيقه السابق عن النظر فيما استجد له من روايات، ويستصحبون حكمهم السابق عليه في الروايات الجديدة، وهذا ما يطلقون عليه السبر؛ لأن الناقد قد يقول سبرنا رواياته فيما مضى فوجدناه ثقة يروي عن الثقات، فحديثه اليوم نثق به لأن الرجل لم يتغير، وقد سبق أن روى لنا عدة أحاديث اختبرنا أسانيدها فهذا الذي يرويه اليوم مثل تلك، في وجوب قبوله وتوثيق صاحبه، وهكذا. فذلك هو السبر لديهم، وكثير من الأحاديث التي رويت زكي أو وثق أصحابها وعدلوا أو جرحوا في بعض الأحيان بطريق السبر هذا، وهو طريق غير مأمون العاقبة، فإنا لا ندري أن من وثقناه قبل بضع سنين ما الذي طرأ عليه بعد ذلك فقد يكون انتحل نحلة أو ابتدع بدعة أو تغير سلوكه بأي سبب من الأسباب ولذلك فإن الحديث الذي يصحح ويعتمد عليه كأنه كيان مستقل ويفترض أن نراجع التوثيق والتضعيف وانطباق شروط التوثيق عليه أو التضعيف مع كل حديث يرويه، لنكون على بينة من الأمر، وعلى ثقة بما يروي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *