نجزم كمسلمين أن النصر فوق الرؤوس لاينتظر إلا كلمة كن فيكون السؤال: لماذا لم ينزل حتى الآن؟ هل يتعلق النصر بمجتمع راشد لا ينزل إذا لم يتكون ذلك المجتمع ؟ وهل يستحق جيلنا الحاضر النصر على ما به من علات وخيرات ؟ أين المشكلة في عدم انتصار الأمة وعودتها إلى سالف عهدها ؟
الجواب:
ما ظننت أن مراقبا دقيق النظر في أحوال الأمة وما يجري وجرى من ضعف وتخاذل وتفكك وتفسخ وعجز عن مقاومة الجهل والفقر والمرض وسائر الآفات يسأل أو يتساءل عن تأخر النصر، فالله يا أخي لا يصلح عمل المفسدين، ولا المخرفين، ولا الجهلة، والفاسدين، ولا المرائين، ولا الظالمين ولا المرتشين، ولا المرضى مع قدرتهم على معالجة أنفسهم، ولا الذين يبددون ثرواتهم ليبقوا فقراء، فالأمة التي تتوهم أن على الله أن ينصرها لمجرد أنها ما زالت تحتفظ بالإسلام عنوانا لها وتفهمه، فهم أصحاب البقرة للتوراة، وتحمل كتاب ربها كمثل الحمار يحمل أسفارا، وتتعمد إشاعة الفرقة بين صفوفها وتقاتل أبناءها، وتخذل أولياءها، وترتمي في أحضان أعدائها وتشيع فيها الأخلاق الفاسدة، والتصرفات السيئة، كيف تنتظر من الله (جل شأنه) أن ينصرها على أمم أخرى عمَّرت الأرض واستثمرت خيراتها واهتمت بحقوق الإنسان، وكرامته، وعُنيت بالعدل والحرية، وسائر القيم التي جاءت الأديان لإرساء دعائها وإشاعتها بين الناس، كيف تتوهم يا أخي أن على الله أن ينصر أولئك البطلة المتعطلين على أمم أخرى، والله (جل شأنه) جعل سنته تتعلق بالعمل الصالح، والنية الصادقة، والعبودية لرب العالمين، لا للمستبدين، إلى آخر ما جاء الإسلام به، فاقرأ يا بني ولاحظ لكيلا تسيئ الظن بربك الذي لا يظلم الناس شيئا ولكن الناس أنفسهم يظلمون.