أليس مصطلح الدعوة من المصطلحات المظلومة؟ بمعنى أن وصف الداعية صار كثيرا ما ينطبق على شكل معين وأقصد بذلك أصحاب العمائم ممن يتحدثون في العلوم الشرعية، ويستطيعون أن يعظوا الناس بكلامهم وفصاحتهم في المجالس العامة، أو في منابر الإعلام، أليس الدعوة أعم ومتجاوزة لذلك كله، إذا ما استقرأنا وجود المصطلح في القرآن، أرجوا منك شيخي أن تضيء لنا الموضوع بأفكارك النيرة والسلام
الجواب:
إن الله (تبارك وتعالى) حين أعلن خيرية هذه الأمة في قوله جل شأنه: ﴿كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ (آل عمران:110)، ففي هذه الآية ذكر صفات عدة:
أولها أنها أمة مخرجة أخرجت للناس لتكون قدوة ونموذجا تقتدي الأمم بها، وتعمل على التأسي بسلوكها وسياساتها ونظمها وطرائق حياتها، وذلك تنويها بشأنها وبيانا لامتيازها على الأمة المــُدخلة أمة بني إسرائيل الذين أمروا بأن يدخلوا الأرض المقدسة، وتستطيع أن تستكمل باقي قصة دخولهم في الآيات الأخرى من الكتاب الكريم.
ثانيا: أمتنا بوصفها أمة مخرجة من شأنها أن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، وتؤمن بالله، وتدعوا إلى الخير، وتنصر الحق، وتحارب الباطل، وهذا كله واجبات على الأمة كلها باعتبارها أمة، كل في موقعه، وكل بحسب طاقته، وبحسب موقعه من الأمة، وبالتالي فإن الدعوة مهمة هذه الأمة ورسالتها وواجبها الأساس، لكن كثيرا من المسلمين يهملون فروض الأمة، ويتوهمون أن هذه الفروض التي سماها الفقهاء بفروض الكفاية هي فروض تخص طوائف من الأمة، وليست شائعة فيها، والصحيح أنها فروض على المشاع لابد من أن تنهض الأمة بها بدرجة كافية، ويعمل لتحقيقها كل المنتمين إلى الأمة لتتحقق بشكل أكفأ وأمثل وأقوى، والله أعلم.