برأيكم أستاذنا الفاضل: ما أبرز إشكالية يعاني منها الفكر الإسلامي اليوم؟
ونفع الله بكم
الجواب:
أولا: أرى أن الفكر في المحيط الإسلامي ضعيف جدا، بحيث أتردد في تسميته فكرا إسلاميا، ذلك لأن جل الإسلاميين يتشبثون بموروثات ينقلونها عن المتقدمين، مقلدين لمن سبقهم، والبعض ينزعون منزع التبعية للمعاصرين، والفكر الإسلامي الأصيل عندي هو فكر يقوم على عقلية بناها الإسلام وأرسى دعائمها على منهج القرآن، ومنحها طاقات الاجتهاد والإبداع، وفقا للمنهج القرآني، الذي جاء في قوله تعالى: ﴿.. لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا..﴾ (المائدة:48)، والمنهاج ينبغي أن يكون قائما على جهود عقلية، تضع كل شيء وجزئية في ذلك المنهاج بعد أن تبذل جهدا يحس العاقل مطمئنا إلى أنه لا قدرة عنده على بذل مزيد من الجهد، ويكون كل ذلك محوطا بضوابط القرآن المجيد، ملتزما به، مع النظر الدائم المستمر في القرآن من الفاتحة حتى الناس، ورصد كلياته، وجزئياته، وقواعده، وسننه، ومقاصده، وفي حدود علمي أن المفكرين الذين يوصفون بأنهم مفكرون مسلمون أو إسلاميون أو يطلق عليهم الآخرون هذا اللقب إما مقلدون أو يتبعون سواهم، أو يمزجون من هنا وهناك من التراث ومن المعاصرة ما يطلقون عليه فكرا إسلاميا، وما هو في الحقيقة بفكر، وما هو بفكر إسلامي، وهذه أكبر إشكالية عندي.
ثانيا: عدم قيام ذلك الفكر على الرؤية الكونية الكلية التي أرست عقيدة التوحيد دعائمها، وبنتها لبنة لبنة، لتكون منطلقا سليما للرؤى والأفكار المنظورات في سائر جوانب الحياة، وفي كل أنواع المعرفة، فهذه الرؤية الكلية الكونية القائمة على عقيدة التوحيد معطلة عند الكثيرين، ومهيمن عليها عند البعض الآخر، وهذا يجعل الأفكار التي تنطلق بها ألسنة البعض أفكارا منبتة، يصعب أن نقول عنها إنها ذات أصل ثابت، وفرعها في السماء.
ثالثا: الإنشغال بالمظاهر عن الجذور، والخلفيات والأسباب الحقيقية، وهذا أمر شائع قد لا نحتاج إلى التدليل عليه. وهناك أمور أخرى لا نود أن نطيل عليك بها ولعل فيما قدمناه مؤشرا كافيا.