هل يجوز لك الاستمرار في العمل مع جهة تمتهن السرقة والتخريب في بلدك، وهل الأفضل أن تبقى معهم وتكشف أساليبهم وجرائمهم ضد البلاد والعباد أو تنأى وتعتزل لتنجو بنفسك؟ وما موقف الفقه الإسلامي من رجل ابتلي بالعمل مع مجموعة أو شركة احترفت الغش والخداع والسرقة والفساد في الأرض وإفساد زمم الموظفين والعاملين معها؟
الجواب:
والجواب سيكون في منتهى الوضوح أن مساعدة هذه الشركة أو الجماعة محرم شرعا، ومشاركة لهم في فسادهم وركون إلى الذين ظلموا، ﴿ وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللّهِ مِنْ أَوْلِيَاء ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ﴾ (هود:113) ولا يكون أمام الفقيه إلا أن يقول بأن هذا النوع من العمل محرم ممنوع، وأن المرتب الذي يتقاضاه الإنسان من هؤلاء سُحت، كثمن الحر وأجر البغي، ولكن إذا كان جميع الطيبين ينأون بأنفسهم للنجاة بها، وهم لن يعدموا أن يجدوا بدائل وتبقى عجلتهم دائرة وجرائمهم مستمرة دون نظر إلى من يوقفها ويكشفها ويفضحها، فإن الأمر تترتب عليه مفسدة أكبر، ولكن إذا كان الإنسان يعمل على كشف عوامل الفساد والإفساد التي تتبناها هذه الجهات أو المؤسسات والأضرار التي تترتب على نشاطها فإن العمل لكشفها من الداخل وتوعية الناس بما تفعل بمختلف الوسائل المتاحة ومنها الانترنت، وتجمع الوثاق الصادقة التي لا يستطيعون إنكارها والتفلت منها ويفضح عملاؤها والمروجون لأعمالها فإن ذلك يشكل حماية لذلك الذي يمثل بقية تنهى عن الفساد في الأرض وتحاول أن تقاوم المفسدين وتنتصر للمستضعفين من أبناء البلاد، وتسترد أو تعمل على استرداد ثرواتهم من أولئك. فإن في ذلك مصلحة قد تجعل هذا الإنسان مكلفا بأن يبقى في ذلك الموقع حتى يكشف عيوبه وتآمراته، ومفاسده، ويجعل الآخرين على وعي تام صادق تعززه الأدلة بما يفعل أولئك.
وأنت نفسك حين كنت خارج المنظومة لم تكن على وعي بما تفعل، لكنك حين انضممت إليها وتابعت بعين الناقد أساليب عملها اكتشفت ما اكتشفت من جرائمها وألاعبها فاحرص على الرصد وجمع الوثائق التي تدين هؤلاء وتكشف مؤامراتهم على اقتصاد البلاد ومصالح العباد والله يوفقك ويرعاك ويحميك.