Menu
منهجية التعامل مع التراث الإسلامي - مراجعة لكتاب من أدب الاختلاف إلى نبذ الاختلاف - أُمْنِيّة أهلِ السجود([1]) - The future of Islam in America and west - جانب من جلسات فريق باحثي الأزهر للعمل على وضع منهجية مراجعة التراث - حوار حول الربيع العربي - الإسلام والمسلمون من وجهة نظر غربية - برنامج اخترنا لمكتبتك - معالم في المنهج القرآني - ومضات فكرية

مؤهلات الحوار في منظمة الأديان

د‏.‏طه جابر العلواني‏

تحديد أجندة الحوار يُعدُّ حجر الزاوية في هذا النوع من الحوار، فالذي يحدّد أجندة الحوار والقضايا التي يُدار الحوار حولها، سوف يكون قادرًا إلى حدٍّ كبير على التحكم بنتائج الحوار‏،‏ وحوارات الأديان خاصة تحتاج إلى جهد كبير‏، وتوافق حول ما سوف يُدار الحوار حوله من شؤون وشجون‏.‏

والذين يشاركون في هذه الحوارات من علماء المسلمين، مطالبون بأن يستحضروا في أذهانهم عدة أمور؛ منها‏:‏‏ أنَّ علماء المسلمين الذي يُحاورون علماء الأديان الأخرى، خاصّة الكتابية منها -أعني اليهوديَّة والنصرانيَّة- في حاجةٍ إلى أن يدركوا حقيقة الرؤية المعاصرة للدّين لدى الصهيونيَّة والمذاهب اليهوديَّة المعاصرة‏، كذلك لا بدّ من إدراك حقيقة الرؤية الغربية للدين‏،‏ الأوروبية والأمريكية بصفة خاصة، والاختلاف بين الرؤيتين كبير، إضافةً إلى الاختلاف في رؤى الكنائس العديدة للدين.‏

لابدّ من إدراك المشتركات بين الطوائف اليهوديَّة والرؤية الصهيونيَّة‏, والكنائس الغربيّة بصفة عامة, وإذا كان هناك تفاوت في مواقف بعض الكنائس من الصهيونية واليهودية، فهو تفاوت محدود يحتاج المحاور المسلم إلى إدراك حجمه وحقيقته‏.‏

لابدّ من معرفة موقف من يتصدَّى العالم المسلم لمحاورتهم، لا إلى الدين بصفة عامة فحسب, بل لابدّ من معرفة الرؤية الحقيقيَّة الداخليَّة لله وللعالم‏, والنبي محمد -صلى الله عليه وآله وسلم-‏ والقرآن والحضارة والتاريخ الإسلاميين‏.‏

أما عامل اللغة‏، وإتقان إحدى اللغات اللاتينية -لغة اللاهوت- إضافة إلى الإنجليزية أو الفرنسية أو الألمانية، فذلك أمر مفروغ منه، وأظنُّه من البدهيَّات‏.‏

أعود إلى مشاركتي في حوار مؤتمر منظمة الأديان‏، حيث قمت بتلخيص بعض المشكلات الكبرى من وجهة نظري‏، قلت: المشكلة الأولى‏ تفكك نظام الأسرة، فالأسرة -كما عرفتها الأديان كلها- عقد بين رجل وامرأة، قائم على التراضي والإيجاب والقبول بينهما، بتفاصيل ليست كثيرة ولا معقدة، ولا تختلف كثيرًا من دين لآخر‏.‏

ولقد انتهت اليوم إلى أن هذا النوع من الأسر، هو من الأسرة التقليدية، أما الأنواع الأخرى للأسرة الحديثة فهي كثيرة‏؛‏ وذلك لأنهم حوَّلوا مفهوم الزوجية إلى مفهوم عددي فقط‏، فإذا اتّفق لوطيَّان أو شاذَّان جنسيًّا على العيش المشترك، فذلك كافٍ لإعلانهما زوجين‏، وإخضاعهما ضريبيًّا لذات القانون الذي يخضع له الزوجان فيما صار يُعرف بالأسرة التقليدية، وكذلك لو اتفقت امرأتان سُحاقيَّتان أو شاذَّتان‏، ولو تبنَّى شاذ لقيطًا‏، وكبر في ظله، ثم اتّفقا على ما يسمُّونه زواجًا فله ذلك‏،‏ وكذلك الحال بالنسبة للمرأة الشاذَّة‏، فهذه الأنواع كلها أطلقوا عليها أسرة، اعترفت حتى الآن ولايتان أمريكيتان بهذه الأنواع‏، وصارت قوانين الولايتين تتعامل معها –رسميًّا- باعتبارها أسرًا‏، فهذه مشكلة كبري من المشكلات العالميَّة المشتركة تهدد المجتمعات والعلاقات الإنسانيَّة بالانهيار، فلِمَ لا تتعاون الأديان -كلها- علي تدعيم نظام الأسرة التقليدية وحمايته‏، وبيان أنَّ أيَّة صيغة أخرى هي صيغة مرفوضة، والإسلام يمكن أن يقدِّم تصورًا كاملاً وبرنامجًا صالحًا ليتبناه العالم –كله- لردِّ الاعتبار إلى الأسرة التقليدية وتدعيمها‏.‏

المشكلة الكبري الثانية‏:‏ هي مشكلة الحروب والنـزاعات بأنواعها المختلفة‏، وهذه الحروب والنـزاعات إنّما تحدث بفعل عوامل عديدة ومتنوعة، وتترتب عليها مشكلات لا حصر لها‏، ويمكن للأديان إذا تحركت بجِدٍّ أن تساعد في تقليل عوامل الصراعات والحروب وتقلِّل منها‏، وإذا نشبت فقد تستطيع المشاركة في التقليل من ويلاتها‏.‏

كما أنها تستطيع -إذا تعاونت- أنْ تُنشئ وعيًا عالميًّا ورأيًا عامًّا كونيًّا على خطورة تلك العوامل‏، والعمل علي تجنُّبها وتجاوزها‏، والتفريق بين الحروب العادلة وغير العادلة،‏ وقد تستطيع أن توجد وعيًا عالميًّا يرفض صناعة وإنتاج أسلحة الدمار الشامل بالنسبة للمجتمع العالمي كله‏.‏

وهناك مشكلات عالميَّة كبرى أخرى مشتركة؛ كتلوث البيئة وانتشار الجريمة وحقوق الإنسان وغيرها‏،‏ وقد نجحت في جعل هذه الأمور موضوع نقاش بين الحاضرين, واهتمامًا مشتركًا قد انعكس بشكل أو بآخر علي الحوارات التي تلت ذلك اللقاء، إن هذه الحوارات من المهم جدًّا أن نجعلها تدور حول مفاهيم كبرى وقضايا أساسيَّة لا يستطيع أحد أن يُقلِّل من أهميتها أو يُجادل في ضرورة مناقشتها‏.‏

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *