أ.د/ طه جابر العلواني
وأخيرًا قد أفقرت حكومات حزب “الدعوة الشيعي” العراق، ولم يبق إلَّا أن تعلن انتهاء دولته، وإفلاس أهله، وتحولهم إلى لاجئين.
حين كنت في السادس من عمري رأيت آلاف الأخوة الفلسطينيين يأتون إلينا هاربين بأرواحهم من تنكيل المنظمات الصهيونية: “الهاجاناه” “الآرجون” و”شتيرن” وغيرها، تلك المنظمات التي صبَّت على الفلسطينيين من أنواع العذاب ما قيل في حينها أنَّه لم يعاني البشر، ولم تشهد البشريَّة تنكيلًا أشد من ذلك التنكيل، فجاءت دولة القانون دولة حزب الدعوة، والمسابح، والرايات السود، والعمائم السوداء، دولة الذين يزعمون أنهم أنصار الحسين -رضي الله عنه وأرضاه- الذين يتأسون به، ويقتدون بفعاله، وحاشا الحسين وآل البيت أن يكونوا ستارًا للظلمة، وغطاءً للسُّراق والحرامية.
لا أدري ما موقف المرجعيات المحترمة، وآيات الله، وحجج الإسلام من هذا الفساد الذي صوغ لنفسه أولًا: استدراج الأجنبي، وخداعه، وتزوير الوثائق والصور؛ لدفعه دفعًا إلى احتلال البلاد واذلال العباد.
وهذا “توني بلير” ” tony blair”يعترف بأنَّه لم يكن لدى العراق لا أسلحة كيماوية، ولا استعدادات لصناعة قنبلة ذرية، وما كانت تملك العراق -وما تزال-إلا “خنجر أبو جِروة”، وأظن أن هذا المثل مفهوم لدى أبنائنا في العراق.
ما الذي تقوله المرجعيَّة الآن عن الذين شرَّدوا الملايين، وملأوا الأرض باللاجئين تحت شعارات ثبت أنَّهم ما رفعوها إلا خداعًا وغشًا؟
ماذا تقول المرجعيات اليوم بالذين دمروا العراق، وأذلوا العراقيين، وهتكوا أعراضهم، وشردوهم في داخل بلادهم وخارجها، وجعلت المعرَّة تغشى العراقيين بعد أن كانوا أعزة؟
ماذا يقول المراجع العظام عن هؤلاء الحرامية الذين حاولوا أن يخدعوا شعبنا بدعوى حبهم لآل البيت؟
لقد كان يزيد أقل فسادًا منهم عندما عمل إمام الشهداء الحسين -رضي الله عنه وأرضاه-على تغييره، واستبداله، وإبعاده عن السلطة.
إنَّ هؤلاء الذين ضمَّهم البيت الشيعي ونادوا وتنادوا إلى نهب العراق وتدميره، أثبتوا أنَّهم أعداء الإمام الحسين، وأعداء آل البيت، وخصوم الأطهار الأخيار منهم، نحتاج من المراجع إلى كلمة فيهم، نحتاج إلى أن يقولوا رأيهم، أو يفتوا فتاواهم في هؤلاء القتلة السُرَّاق المجَّان.
إنَّنا نأمل أن ترتفع أصوات المراجع الآن بالدعوة إلى محاسبة هؤلاء، وإقامة الحدود عليهم من الخيانة العظمى إلى سائر مستوى الخيانات، فهم لم يتركوا جريمة إلا ارتكبوها، ولا فتنة إلا سقطوا فيها، ولا رذيلة إلا تمرغوا فيها، لقد اثبتوا أنَّهم أكثر ظلمًا من يزيد، وأكثر غشامة من “الشمر بن ذي الجوشن” وأولى بأن يحشروا معهم ومع أنصارهم من أنَّ يحشروا مع الحُسين وأنصاره ومحبيه الحقيقيين.
فأين فتاوى العلماء والمراجع العظام من هؤلاء الذين دعت بعض المراجع للأسف قبل شهور إلى استنفار الناس وراءهم ودعوة الناس إلى تأييدهم؟
ألا ترى المرجعيَّة أنَّها إذا لم تتبرأ منهم اليوم قبل الغد، وتعلن وجوب تنحيتهم، والقبض عليهم، ومحاسبتهم على كل ما ارتكبوه، فإنَّ المرجعيَّة تغامر بمستقبلِها في العراق تعرض سمعتها ومكانتها لخطر جسيم، فمن الذي يجرؤ أن يقلد مرجعًا، أو يدفع له حقوقًا بعد أن يعلم أنَّه قد ساند الحراميَّة، وكرس حكم المفسدين، وعزز من سلطان مستذلي الشعب العراقيّ، ومنتهكيّ أعراضه، وحرماته، ومشردي أهله؟
إنَّ الذي ينظر إلى بغداد وهي تتمرغ بالوحل نتيجة الأمطار يرى وحل الفساد أشد، وأشق على نفوس العراقيين من تلك الأوحال، والمخاطر التي جاءت بها الأمطار والسيول.
إنَّ السُنة لم يبق بين أيديهم إلا بعض مساجدهم، وقد اضطروا إلى فتحها أمام بعض المنكوبين، وإيوائهم بها، لعل ذلك يخفف -ولو بنسبة ضئيلة-من معاناة من العراقيين.
أمَّا المراجع العظام فالناس بحاجة إلى أنّ يسمعوا منهم توبة، واستغفارًا، ودعاء إلى الله (جلَّ شأنه) أن يغفر لهم دعمهم لتلك الشلة المريضة التي سميت نفسها بـــــــــ الدعوة، وأهل الفضيلة، وما إلى ذلك.
إنَّ العراقيين اليوم وتحت ضغط هذه النكبات المتلاحقة، لا يجدون مغيًثا إلَّا الله (جلَّ شأنه) وبعض من لا يزالون يؤمنون به، ثم المساجد التي أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه فإذا بها ترفع ليلجأ إليها عباده المستضعفون المستذلون.
يا حزب الدعوة ليتك تكون صادقًا مع نفسك، فإنَّك لم تعد حزب دعوة، بل حزب فساد، واستبعاد لكل قيم الإسلام، وما كنتم تقولونه عن “حزب البعث” وحكم “صدَّام”: بأنَّ ما شهد العراق أسوأ من ذلك النظام، وكأنَّكم دخلتم معه في سباق؛ لتثبتوا أنَّكم الأسوأ، وأحط من أحط الأوصاف التي وصفتم النظام السابق بها.
اللهم إنَّا نعوذ بك من هذا الضلال، وهذه الغشاوة، ونبرأ إليك من الفساد والمفسدين.