أ.د/ طه جابر العلواني
رحم الله غازي القصيبي وغفر لنا وله، حين وصف الجسر الرابط بين المملكة العربيَّة السعوديَّة والبحرين وأطلق عليه جسر المحبة، وقال قصيدته الشهيرة “جسر من المحبة لا جسر من الحجر”:
ضرب من العشق لا درب من الحجر
هذا الذي طار بالواحات للجزر
ساق الخيام إلى الشطآن فانزلقت
عبر المياه شراع أبيض الخفر
ماذا أرى؟؟ زورق في الماء مندفع
أم أنَّه جمل ما كَلّ من سفر
وهذه أغنيات الغوص في أذني
أم الحداة شدوا بالشعر في السحر
واستيقظت نخلة وسنى توشوشني
من طوق النخل بالأصداف والدرر؟؟
نسيت أين أنا!! أنَّ الرياض هنا
مع المنامة مشغولان بالسمر
أم هذه جدة جاءت بأنجمها
أم المحرق زارتنا مع القمر
وهذه ضحكات الفجر في الخبر
أم الرفاع رنت في موسم المطر
أم أنَّها مسقط السمراء زائرتي
أم أنَّها الدوحة الخضراء في قطر
أم الكويت التي حبت فهمت بها
أم أنَّها العين فكم في العين من حور
بدو وبحارة ما الفرق بينهما
والبر والبحر ينسابان من مضر
خليج إن حبال الله تربطنا
فهل يقربنا خيط من الحجر
وقد بني الجسر وأصبح شريانًا هامًا من شرايين المواصلات والاتصالات في الخليج، وكلما سمع الناس بغرق عبارة أو ازدحام ميناء سفاجة أو نويبع، كلما تمنوا على خادم الحرمين والقيادة المصريَّة أن تبني بين مصر والسعوديَّة جسرًا مماثلًا لما بنت بين السعوديَّة والبحرين، فتبني بينها وبين مصر جسرًا من الحب، يحمي أرواح المصريين من الهلاك غرقًا في مياه البحر، ويكون شريانًا يحمل الحب والخير والحجاج والمعتمرين والعمال والمسافرين على جسر من الحب لا جسور من الخطر، وليكون بوابة تعيد اتصال مصر بمشرقها العربي بعد أن فقدت هذه الميزة منذ قيام دولة إسرائيل، وحرم العرب من الاتصال البري بالمغرب العربي، واتصال أهلهم بالمغرب بهم نتيجة لذلك. وهذا الجسر قد حاول أبو متعب خادم الحرمين إنشاءه في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك.
وفيما نعلم أنَّ خادم الحرمين قد وقف على الجانب السعودي بنفسه ليضع حجر الأساس، ولكن السيد حسني مبارك لأسباب مجهولة تجاهل الأمر ولم يخرج إلى الموقع من الجهة المصريَّة ليضع حجر الأساس، ولو فعل لكان الجسر اليوم حقيقة لا حلمًا.
فكم نتمنى على القيادة الحاليَّة أن تحقق هذا الحلم، وهذا المشروع، لترتبط مصر بالمشرق والمغرب وتكون بوابة اقتصاديَّة وثقافيَّة واجتماعيَّة بين مشرق العالم العربي ومغربه، ناهيك عن الفوائد الاقتصاديَّة الكبيرة التي ستعود عليها من هذا المشروع، نسأله (سبحانه وتعالى) أن يلهم ويسدد ويرشِّد ويعين، إنَّه سميع مجيب.