أ.د/ طه جابر العلواني
ومن النقاط التي سقطتُ فيها أيضًا في كتابي أدب الاختلاف، وتحتاج إلى مراجعة فكريَّة ومنهجيَّة تتناسب مع قاعدة تحكيم القرآن في كل ما ننتجه الأمثلة التالية:
سابعًا: اعتمدتُ على أحاديث ثبت عندي الآن -بعد الدراسة الحديثيَّة الناقدة- أنَّها تعارض القرآن الكريم، وقد اتفق المحدِّثون على رد ما يعارض «القرآن الكريم»، وكذلك سائر علماء المسلمين، ومنها حديث: “أمرتُ أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله”([1])، فهذا الحديث وإن ورد من طرق عديدة؛ لكنَّ طريقًا واحدًا منها لم تخل من مدلس، أو مرسل، أو مطعون فيه بشكل، أو بآخر، وقد حققتُ ذلك، وحققه غيري، ووصلت إلى أنَّ هذا الحديث لو قُبِل؛ فسيؤدي إلى مناقضة مائتي آية من «آيات الكتاب الكريمة المحكمة»، وأنَّ هذا الحديث قد شاع؛ بعد أن تحوَّل المسلمون من الدعوة إلى الفتح؛ ليعزّز مَنْ شاء اتجاهات الفتح، والغزو، ويرجِّحها على اتجاهات الدعوة السلميَّة؛ التي جاء القرآن بها، قال (تعالى) ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّواْ أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُواْ رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ قلْ مَتَاعُ الدَّنْيَا قَلِيلٌ وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِّمَنِ اتَّقَى وَلاَ تُظْلَمُونَ فَتِيلاً﴾ (النساء:77).
ثامنًا: أشرت في أكثر من موضع إلى مرجعيَّة السلف دون ربطها بمرجعيَّة القرآن، وهذا مناقض لمشروعي التجديديّ القائم على ضرورة عرض تراثنا الإسلاميّ كلّه -أصوله وفقهه وكلامه وحديثه وتفسيره- على كتاب الله (جلّ شأنه) ﴿قُلْ إِنِّي عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَكَذَّبْتُم بِهِ مَا عِندِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ﴾ (الأنعام:57)، وقوله (تعالى) ﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوْتُواْ نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِّنْهُمْ وَهُم مُّعْرِضُونَ ﴾ (آل عمران:23). فالمرجعيَّة للقرآن الكريم، ولما اتصل به من سنَّة رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلِّم)، وكان اتِّباعًا له وتطبيقًا لآياته.
وقد اقتضى ذلك منِّي أن أقول بأنَّ: “جميع القضايا الخلافيَّة يجب ردها إلى مذاهب «كرام العلماء» من أئمة السلف”([2]) وهذا ظاهر في مناقضته لمشروعي القرآنيّ الآن، الذي حصرت المرجعيَّة فيه بالقرآن المجيد، باعتباره «المصدر المنشئ للأحكام»، وبالسنَّة النبويَّة المتصلة به باعتبارها «السنَّة التطبيقيَّة التي قدَّمت لنا منهج اتباع القرآن»، وتطبيقه وكيفيَّاته بطريق المعصوم (صلَّى الله عليه وآله وسلِّم).
تاسعًا: كنتُ -كأي أزهري آخر- أقول بـ«النسخ»، فاستندت إليه في أكثر من موضع في الكتاب. كذلك كنت أقول بـ«الإجماع» بكل تفاصيله التي قال بها الشافعيَّة، والمتكلمون، وهو أمر تجاوزته الآن، واعتبرت المرجعيَّة لكتاب الله وحده، وأنَّ الأمَّة يمكن أن تتبنى بعض المذاهب على أن تستند إلى كتاب الله في الاستدلال لها، وليس لها أن تدَّعي الإجماع على شيء لم يأت الكتاب به.
عاشرًا: أوردت في الكتاب كثيرًا من الروايات مثل: محاورة «ابن عباس» للخوارج، ومحاورات بعض الأئمة لبعضهم؛ دون توثيق، ودون التأكد من صحة وقوع تلك الحوارات، أو عدم وقوعها، وهي في سائر الأحوال إنَّما تندرج في إطار أدب الحوار. كذلك تبنيّت وجهة نظر تعديل الصحابة، وذهبت إلى تبني مفهوم الصحبة كما جاء عند الأشاعرة، والشافعية، والتأكيد أنَّهم كانوا جميعًا على حق. ولي في هذا الآن مواقف أخرى تعلَّمتها من «القرآن الكريم» تقتضي ضرورة تعديل مفهوم الصحبة، الذي ميَّز بين مستويات الصحبة ولم يطلقها إلا على ما يشتمل على الديمومة وطول الملازمة لا على مجرد الرؤية أو اللقاء لبرهة، كما شاع لدى المحدثين، فلا يعتبر مَنْ لم يصفه القرآن بالصاحب صاحبًا، والأخذ بالصحبة كمفهوم قرآنيّ؛ فلا يعتبر مَنْ لم يصفه القرآن بالصاحب صاحبًا؛ ولذلك فإنَّ القرآن قد أعلم رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بما لم يكن يعلم، فقال له ﴿ وَمِمَّنْ حَوْلَكُم مِّنَ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُواْ عَلَى النِّفَاقِ لاَ تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ﴾ (التوبة:101)؛ ولذلك فإنَّ القول بعدالة الصحابة -رضوان الله عليهم- يقتضي إعادة تقييم مفهوم «الصحبة»، وإعادة بنائه قرآنيًّا، وبعد ذلك تمييز مَنْ يُعتبرون أصحابًا للنبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، ومَنْ يوصفون بالعدالة كأهل الشجرة، والذين امتدحهم القرآن، وضرب لهم المثل في التوراة، والإنجيل في قوله (تعالى) ﴿ مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا﴾(الفتح:29)، فـ«الذين معه» لا بد من أخذهم بنظر الاعتبار عندما نتكلم عن الصحبة، وعدالة الصحابة في الرواية وغيرها.
حادي عشر: لقد سردت أحداث السقيفة أو أحداث الفتنة كما هي عند المؤرخين دون تحقيق، وأحداث السقيفة قد أضيف إليها وحذف منها، ولا تصلح للاستشهاد بها إلا إذا تمت تنقيتها وتصحيح تراثها، ودراستها وَفْقًا لمناهج المحدِّثين لمعرفة حقائق ما دار فيها فعلًا.
ثاني عشر: تكلمت فى ضوابط الأخوَّة الإسلاميَّة ووحدة الصف. وكأنَّ حديثي ذاك -كما أنظر إليه اليوم- حديث خطيب جمعة، أو واعظ من الواعظين، لا يقدم الوَحْدة من منطلق حضاريّ مثلما قدمها القرآن المجيد، بحيث تصبح ممكنة بناءً على حاكميَّة الكتاب، وعالمية الخطاب، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): “لا فضل لعربى على عجمى، ولا لعجمى على عربى، ولا لأبيض على أسود، ولا لأسود على أبيض إلا بالتقوى”[3]، والمساواة بين بقاع الأرض، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): “فُضِّلْتُ بأربَعٍ: جُعِلَتْ لِيَ الأَرْضُ مَسْجِدًا وطَهُورًا، فأيُّما رجلٍ مِنْ أُمَّتِي أَتَى الصلاةَ فَلَمْ يَجِدْ ما يُصَلِّي عليه وَجَدَ الأرضَ مَسْجِدًا وطَهُورًا، وأُرْسِلْتُ إِلَى الناسِ كافَّةً، ونُصِرْتُ بالرُّعْبِ مِنْ مسيرةِ شهْرينِ يسيرُ بينَ يَدَيَّ، وأُحِلَّتْ لِي الغنائِمُ”[4]. والمساواة بين البشر في الاستفادة من خيرات الأرض، قال (تعالى) ﴿ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ ﴾ (فصلت:10).
إنَّ ذلك كلّه جعلني أنظر إلى أنَّ (طه العلواني) الذي كتب «أدب الاختلاف» قبل ما يقرب من أربعين عامًا قد تغيَّر، واهتدى بالقرآن الكريم إلى مواقف لم يوصّله التراث إليها، فأنا اليوم صاحب منهج أدور مع القرآن حيث دار، وألتزم بكل ما نزل على قلب محمد (صلّى الله عليه وآله وسلم)، ثم فاض على جوارحه منهجًا واتِّباعًا وبناءً؛ ولذلك فإنَّني استغفر الله لما قدَّمت وأخَّرت، وأعلن هذا على الملأ، لعلّ الله (جلَّ شأنه) يغفر لي ما بدر منّي، ويكون مع نيَّتي -التي كانت وما تزال خالصة له- لا مع ما وقع منّي، وقد رأيت أن أتقدم بهذا إلى طلابي، وإخواني؛ ليعلموا أنَّ المراجعات بالفعل ضروريَّة. لقد راجع الإمام «الرازي» تراثه قبل وفاته، وكتب وصيَّته بناءً على ذلك، فقال: “لقد اختبرت الطرق الكلاميَّة، والمناهج الفلسفيَّة فما رأيت فيها فائدة تساوي الفائدة التي وجدتها في «القرآن العظيم»؛ لأنَّه يسعى في تسليم العظمة، والجلال بالكليَّة لله (تعالى)، ويمنع عن التعمُّق في إيراد المعارضات، والمناقضات، وما ذاك إلا العلم بأنَّ العقول البشريَّة تتلاشى، وتضمحل في تلك المضايق العميقة، والمناهج الخفيَّة”. فلهذا أقول: “كل ما ثبت بالدلائل الظاهرة من وجوب وجوده، ووحدته، وبراءته عن الشركاء في القدم، والأزليَّة، والتدبير، والفاعلية؛ فذاك هو الذي أقول به، وألقى الله تعالى به”. إنَّني أدعو إخواني، وتلامذتي ألا يستنكف أحد منهم إذا ما بدا له أنَّه أخطأ في شيء أن ينبه إلى ذلك الخطأ، ويدعو إلى تصحيحه.
ولقد تجنبت «الفُتيا» قدر ما استطعت، ورفضت أن أفتي بشيء خوفًا من أن أكتشف بعد الفتوى خطأ فيها، ثم لا أملك أن أنبه مَنْ أفتيه إلى ذلك الخطأ، أو أحذره من العمل به، أو على الأقل من الاستمرار في العمل فيه؛ ولذلك فإنَّني دائمًا أحيل مَنْ يستفتيني إلى أهل الفتوى، وأهل النظر.
أقول قولي هذا، واستغفر الله لي ولكم. وأرجو الله (عزَّ وجلَّ) السداد، وأن يكون مع صالح قصدي لا مع سيئ رأيي وعملي. وإذا اكتشفتُ لي أخطاء في ضوء هذا المنهج -منهج العرض على القرآن المجيد- في أي كتاب من كتبي، فإنَّني على استعداد للرجوع عنه حيًّا، وأرجو من تلامذتي وإخواني الاستغفار لي عن كل ما لم استطع مراجعته في عمري، وإعلان الرجوع عنه. وفق الله الجميع لما يحبه، ويرضاه.
([1]) أخرجه البخاري ومسلم بسنديهما عن أبي هريرة -رضي الله عنه-. (صحيح البخاري مع الفتح-كتاب الزكاة- باب وجوب الزكاة- 3/308، رقم 1399 و1400) و(صحيح مسلم- كتاب الإيمان- باب الأمر بقتال الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله محمد رسول الله . . . 1/51-52، رقم 20-21. وهناك دراسة لهذا الحديث كشفت عن معارضته للكتاب الكريم في متنه، وللحديث «أربع وثلاثون ومائتا طريق» وليست العبرة بكثرة الطرق وتعددها، بل بعدالة وسلامة الأشخاص الذين دارت عليهم تلك الطرق – كما هو معروف لدى أهل الاختصاص، وهذه الطرق:
- منها 40 تدور كلها على/ الزهري، و24 على/ الأعمش، و20 على/ حميد الطويل، و16 على/ شعيب بن أبي حمزة، و12 على/ سفيان الثوري و6 على/ الحسن البصري، و4 على/ شريك النخعي.
- وكل من هؤلاء مدلس، ولم يصرح هنا بسماعه؛ ولم يصرح أيّ من هؤلاء بالسماع فالمدارات كلها مظلمة؛ فباطلة؛ فلا اعتبار بها.
- هذا فضلًا عن عورات أخرى بالأسانيد.
- ومنها 23 تدور كلها على/ سماك بن حرب عمن فوقه عمن فوقه و8 على/ كثير بن عبيـــــــــــــد و4 على/ سفيان بن عامر الترمذي، و3 على/ زياد بن قيس و1 على/ حاتم بن يوسف الجلاب عن عبد المؤمن بن خالد، و1 على/ عبد الرحمن بن عبيد الله، و1 على/ عجلان مولى فاطمة، و1 على/ أبي عبيدة مسلم بن أبي كريمة و2 مرسلتان.
- وسماك ضعيف وسائر هؤلاء مجهولون؛ فالمدارات كلها مظلمة؛ فباطلة؛ فلا اعتبار بها.
- هذا فضلًا عن عورات أخرى بالأسانيد.
- ومنها 7 تدور على/ العلاء بن عبد الرحمن، و2 على/ سليمان بن أبـي داود و1 على/ عمرَ بن أبي بكر الموصلي عن زكريا بن عيسى، و1 على/ يحيى بن أيوب الغافقي، و1 على/ سليمان بن أحمد الواسطي، و1 على/ أبي عبد الرحمن الوكيعي عن إبراهيم بن عيينة.
- وكل من هؤلاء ليس بمحل للحجة مطلقًا، لا مفردًا ولا مقرونًا بغيره؛ فالمدارات كلها مظلمة؛ فباطلة فلا اعتبار بها.
- هذا فضلًا عن عورات أخرى بالأسانيد.
- ومنها 8 تدور على/ يونس بن يزيد الأيلي، و5 على/ ابن المذهب عن القطيعـي و5 على/ عبد الحميد بن بهرام عن شهر بن حوشب، و3 على/ سهيل بن أبي صالح، و3 على/ عبد العزيز الدراوري عن محمد بن عمرو بن علقمة، و1 على/ أبي بكر بن عياش عن عاصم بن بهدلة، و1 على/ مصعب بن ثابت.
- وكل من هؤلاء ضعيف.
- هذا فضلًا عن عورات أخرى بالأسانيد تحيل اعتبار بعضها ببعض.
- ومنها 3 على/ يحيى بن بكيـر عن الليث بن سعد، ويحيى ضعيف، والليث مدلس، ولم يصرح بالسماع.
- ومنها 11 على/ قتيبة بن سعيد عن الليث بن سعد، والليث مدلس ولم يصرح بالسمـاع، وهنا شذوذ لعله مما أدخله خالد المدائني على الليث.
- ومنها 10 على/ شعبة عن واقد بن محمد عن أبيه عن ابن عمر، وهنا شذوذ وجهالة متنًا وإسنادًا.
- ومنها 2 على/ أحمد بن عمرو البزار عمن فوقه عن القاسم بن مالك عن أبي مالك الأشجعي سعد بن طارق بن أشيم عن أبيه. والبزار ضعيف يخطئ في المتن والإسناد، والقاسم ضعيف وفي سعد ريبة، وفي دعوى صحبة أبيه ريبة أيضًا؛ فالإسناد مظلم؛ فباطل؛ فلا اعتبار به.
- ومنها 1 على/ نعيم بن حماد عمن فوقه عن أبي مالك الأشجعي سعد بن طارق عن أبيه. ونعيم ليس بثقة، وفي سعد ريبة، وفي دعوى صحبة أبيه ريبة أيضًا، فالإسناد مظلم؛ فباطل؛ فلا اعتبار به.
- ومنها 1 على/ أحمد بن يوسف السلمي عن عبد الرزاق، وعبد الرزاق مدلس ولم يصرح بسماعه وقد اختلط بأخرةٍ، ولا يدرى أسمع السلمي منه قبل اختلاطه أم بعده؛ فالإسناد مظلم؛ فباطل؛ فلا اعتبار به.
- ومنها 1 على/ إسحاقَ بن إبراهيمَ الدبري عن عبد الرزاق، وعبد الرزاق مدلس ولم يصرح بسماعه وقد اختلط بأخرةٍ، ومات وعمْر الدبري ستٌّ أو سبعُ سنوات فاستصغر فيه، فالإسناد مظلم فباطل فلا اعتبار به.
- هذا فضلًا عن عورات أخرى بالأسانيد تحيل اعتبار بعضها ببعض وتقوية بعضها بعضًا.
ولا اعتبار بين المجروحين في عدالتهم بل بين الضعفاء في حفظهم ضعفًا خفيفًا لا شديدًا، ولا اعتبار في جهالة لأنَّ الجهالة مظنة جرح، ولا في تدليس لأنَّ التدليس مظنة جهالة، ولا في ضعف شديد.
أمَّا من حيث المتن فإنَّ الحديث بلفظه يقع في دائرة تعارض مع القرآن المجيد لا تسمح بقبوله، فهو صريح في أنَّ القتال الذي أمر به رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) والمسلمون هدفه إكراه الناس على الإيمان وقول: «لا إله إلا الله» ولا تخفى معارضته لسائر آيات التخيير منها: ﴿لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ﴾ (البقرة:256)، ﴿لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ ﴾ (الغاشية:22)، ﴿وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ ﴾ (ق:45)، ﴿أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ﴾ (يونس:99)، ﴿أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنْتُمْ لَهَا كَارِهُونَ﴾ (هود:28).
وهناك بحث كامل يمثل رسالة ماجيستير أعدها باحث درس جميع طرق الحديث وخرج بهذه النتائج؛ وهو قيد الإعداد للنشر. أعد الرسالة أخونا المهندس الشيخ متولي إبراهيم تلميذ الشيخ الراحل ناصر الدين الألباني – يرحمه الله.
([2]) للمزيد عن معنى السلفية توجد مقالتين للدكتور طه على موقع العلواني، على هذا الرابط: (http://goo.gl/6zLFs1) و (http://goo.gl/AEPOV1).
([3] ) شعب الإيمان للبيهقي، 8/289.
[4] ) مسند أحمد، الرسالة،36/543.