(ما يسمى بتنظيم الدولة الإسلاميَّة) وصنائعهم
أ.د/ طه جابر العلواني
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله نستغفره، ونستعينه، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ سيدنا محمد عبده ورسوله، وصفيه وخليله، الرحمة المهداة، والنعمة المسداة، والسراج المنير، صلى الله عليه وعلى أله وأصحابه ومن تبعه واهتدى بهديه والتزم بسنته إلى يوم الدين، ثم أمَّا بعد:
فقد كتبت عدة مقالات ناصحًا لأولئك الشباب الذين أثرت فيهم ظروف الأمَّة السيئة، وتراجعها في سائر الميادين، وشتاتها وتفرقها، فجعلتهم نتيجة لكميَّة المشاعر السلبيَّة الهائلة فريسة لدعاة العنف، وحملة رايات الإرهاب والتعسف، وذوي العاهات، وأصحاب الجراحات النفسيَّة، والأمراض القلبيَّة، الذين اختاروا لأنفسهم أسماء ما أنزال الله بها من سلطان، وكنى هي جزء لا يتجزأ من تلبيسهم وتدليسهم، ووقفوا يجتالون الشباب، ويخيلون لهم أنَّهم سيقودنهم نحو النصر، وهزيمة الأعداء، وإعادة بناء الأمَّة، وإنقاذها من فرقتها، وهم من الذين خسروا أنفسهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنَّهم يحسنون صنعا: ﴿قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا﴾ (الكهف:103-104)، وصدق عليه إبليس ظنه فاتبعوه: ﴿وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ (سبأ:20)، وأغواهم الشيطان، مستفيدًا من قسوة القلوب، وظلام العقول، وخفة الأذهان، وطيش الغلمان، وسفاهة السفهاء، وظلم الظالمين، فركبوا رؤوسهم، وبدلًا من أن يبينوا للناس أدبهم وحسن أخلاقهم فيقبلوا كلمة الحق، وينصاعوا إليها، ويناقشوا صاحبها أو يحاوروه بالتي هي أحسن؛ أخرجوا أسوأ ما لديهم، وانهالوا علينا بشتائم لا تليق إلا بهم، وبقادتهم، وذلك سلاح الأغبياء، وسيوف الجبناء، ورماح الأذلاء، فلو كان لديهم أثارة من علم أو بسطة في الحلم لما سلَّطوا علينا ألسنة السفهاء، ولغة الحاقدين، وسباب الخارجين، لكنَّهم بفضل الله أبوا إلا أن يكشفوا عن معدنهم السيئ، ومنبتهم السوء الذي نبتوا فيه وخرجوا منه، فإذا بهم يسلطون فحيح أفاعيهم علينا، وما هم بضارين به من أحد إلا أن يشاء الله.
إنَّنا حين ناقشناهم حاولنا إنصافهم، ورجعنا إلى كتبهم ومصادرهم ومجلاتهم ومقالاتهم: (رفع الهمم في مواجهة الأمم لأبي مصعب الأثري، رسالة إلى أمَّة التوحيد والجهاد لأبي منتصر العراقي، وكتـاب مهمـات المسـائل لأبـو البـراء الأزدي، والحور وأهل الثغور لتركي البنعلي، ومجلة حصار الجهاد، والقيادة الجديدة لتنظيم القاعدة لأبي ميسرة الشامي، ومجلة النبأ “العمليَّات العسكريَّة الموثقة للدولة الإسلاميَّة” لسنة 1434 هـ في العراق، والأربعون الجهاديَّة لسليمان بن ناصر العلوان، والسبع الحسان في نصرة دولة الإسلام لأبو حامد البرقاوي، ومجلة البلاغ، وريح الجنة لأيمن الظواهري) وغيرها، ويمكن أن يضاف إليها مصادر أخرى، وكتب أخرى كثيرة كلها تصب في هذا الإطار.
إنَّنا ندعو الشباب الذي ما زال فيه نقاء وصفاء ولم تلوث يده بدماء الأبرياء، أن يفتحوا عقولهم، وقلوبهم، قبل أن يأتي يوم يقول فيه المضللون والمستضعفون: ﴿وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفَاء لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنتُم مُّغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِّنَ النَّارِ * قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُلٌّ فِيهَا إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ * وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِّنَ الْعَذَابِ * قَالُوا أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا بَلَى قَالُوا فَادْعُوا وَمَا دُعَاء الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ * إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ * يَوْمَ لَا يَنفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ﴾ (غافر:47-52).
ذلك ما نحذر شبابنا منه، ونحاول حمايتهم من السقوط في براثنه، فلن تغني عنهم الأسماء التي سميتموها أنتم وشياطينكم، والكنى التي كنيتم أنفسكم بها، والألقاب التي افتعلتموها، فانفضوا أيديكم من هؤلاء، ولا تنتظروهم حتى يتراجعوا ويركعوا بين أيدي من ضللوهم واخترقوا تنظيماتهم، وانبثوا في صفوفهم، إنَّهم يقودونكم إلى نار الدنيا وفتنها وجحيم الآخرة، ألا هل بلغت اللهم فاشهد، ألا هل بلغت اللهم فاشهد، ألا هل بلغت اللهم فاشهد.
﴿فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ * فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ﴾ (غافر:44-45)