Menu
منهجية التعامل مع التراث الإسلامي - مراجعة لكتاب من أدب الاختلاف إلى نبذ الاختلاف - أُمْنِيّة أهلِ السجود([1]) - The future of Islam in America and west - جانب من جلسات فريق باحثي الأزهر للعمل على وضع منهجية مراجعة التراث - حوار حول الربيع العربي - الإسلام والمسلمون من وجهة نظر غربية - برنامج اخترنا لمكتبتك - معالم في المنهج القرآني - ومضات فكرية

بين رمضان وأكتوبر

أ.د/ طه جابر العلواني

كل الذين عاشوا فترة حرب أكتوبر 1973 شعروا بأهميَّة ما فعله مشايخ كثيرون في معنويَّات القوات المسلحة المصريَّة ضباطًا وجنودًا وقادةً، وخاصَّة العمالقة الثلاثة الشيخ/ عبد الحليم محمود، الشيخ الأكبر للجامع الأزهر، والشيخ/ محمد متولي الشعراوي، والشيخ/ محمد الغزالي، فهؤلاء العمالقة الثلاثة مع كثير من العلماء والمشايخ كانوا يُعتبرون أهم جهاز للتوجيه المعنوي، أدى ما لم يؤده أي جهاز إعلامي معاصر في حياة شعبنا في مصر، فقد فُهم وعُرف على أيدي هؤلاء الأئمة العظام مفعول كلمة “الله أكبر” لا في نفس الهاتف بها وحده بل في نفسه وفي نفوس سامعيه من أصدقاء أو أعداء.

ولقد أصدر الأئمة الثلاث في حينها فتوى لجنود جيش العبور بالإفطار؛ لأنَّ ما هم فيه من جهاد شامل لجهاد الدفع ولجهاد الطلب يحتاج إلى أن يكون الجندي في أقوى حالاته البدنيَّة والمعنويَّة، ومع ذلك فقد أصر كثير من جنود مصر على أن يقاتلوا ويعبروا القناة وهم صيام، وكان بعضهم يهتف بمن يطالبونه بالإفطار: “إنَّني أريد أن أفطر في الجنة، على مائدة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وبرفقة أبي عبيدة وخالد وحمزة وجعفر الطيار وابن أبي رواحة وغيرهم من قادة الأئمة وشهدائها”، هذه الروح التي شارك في إيجادها الزمان وهو شهر رمضان، والمكان وهو مصر العزيزة الغالية، والإنسان وهم خير أجناد الأرض، والتوجيه المعنوي الطاهر النقي، الصادر عن أئمة أعلام ما زالت ذكراهم تعطر الأجواء وتفوح روائحها الطيبة بين الأرض والسماء، الأستاذ الأكبر الشيخ/ عبد الحليم محمود، وإمام الدعاة/ محمد متولي الشعرواي، والداعية الأديب الشيخ/ محمد الغزالي.

ولذلك فإنَّ تخليد هذه الذكرى والاحتفال بها في العاشر من رمضان من كل عام يعد اعترافًا باجتماع عبقريَّة الزمان والمكان في انتصارات أكتوبر، واسترداد شيءٍ من الكرامة للجندي العربي المسلم، الذي امتهنت كرامته في حروب سابقة مثل الأيام الستة أو الساعات الستة وغيرها، ذلك التلاحم بين القوى المصريَّة كلها إلى جانب قواتها المسلحة وقيام كل بدوره، حقق تلك الانتصارات التي منحت شرعيَّة جديدة، ودماء جديدة، وأحيت الموات في قلوب الناس وأعادت الأمل بقدرات هذه الأمَّة حين تجتمع كلمتها وتصفو غاياتها وتعلو قيمها ومقاصدها.

أمَّا محاولة فك الارتباط بين تلك الانتصارات وبين عبقريَّة الزمان والمكان بتناسي موعد الذكرى في شهر رمضان المعظم فهو أمر يحتاج إلى الكثير من إعادة النظر، لئلا يفوت ويضيع الدرس المستفاد من ضم عبقريَّة المكان، إلى قدسية الزمان، إلى طهارة الإنسان، واستعداد الشعب ليكون يدًا واحدة تسعى لتحقيق غاية مشتركة واسترداد الكرامة. فمعذرة للعاشر من رمضان إذا شغلت الأحداث عنه، وأدت إلى تجاهل ما حدث فيه، ﴿وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ (الذاريات:55).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *