Menu
منهجية التعامل مع التراث الإسلامي - مراجعة لكتاب من أدب الاختلاف إلى نبذ الاختلاف - أُمْنِيّة أهلِ السجود([1]) - The future of Islam in America and west - جانب من جلسات فريق باحثي الأزهر للعمل على وضع منهجية مراجعة التراث - حوار حول الربيع العربي - الإسلام والمسلمون من وجهة نظر غربية - برنامج اخترنا لمكتبتك - معالم في المنهج القرآني - ومضات فكرية

درس معاصر من الرابع عشر من رمضان

أ.د/ طه جابر العلواني

في الرابع عشر من رمضان وقعت في العراق عمليَّة انقلابيَّة خطيرة، وذلك في عام 1963 في ثمانية وتسعة وعشرة فبراير، فقد قام مجموعة كبيرة من الضبَّاط المتقاعدين بقيادة عبد السلام عارف وبتعاون مع حزب البعث وبعض الفئات القوميَّة الأخرى بانقلاب دموي ضد عبد الكريم قاسم، الذي كان قد استبد وحده دون مشاركيه من الضباط بحكم العراق حكمًا فرديًّا استمر أربع سنوات ونصف، بدأ في الرابع عشر من تموز 1958، حتى الرابع عشر من رمضان، الثامن من فبراير 1963.

كان الانقلاب قد تجاوز هدفه بإسقاط نظام عبد الكريم قاسم ليصفي حساباته مع الشيوعيين والحزب الشيوعي ومؤيدي عبد الكريم قاسم الذين أطلق عليهم آنذاك القاسميون، فوقعت مجازر في بغداد سقط فيها عدد كبير من القتلى والجرحى، ومنهم عبد الكريم قاسم نفسه، وكثير من مؤيديه وأنصاره، والمتعاونين معه. وقد تناسى الناس الصيام وشهر رمضان وما يستحقه من احترام، ودخلت البلاد في حمَّامات دم بقيت آثارها إلى وقت طويل، ولم تنس تلك المجازر، بل فتحت الباب واسعًا أمام مجازر أخرى، ورشحت العراق إلى الوقوع في مستنقع العنف والعنف المضاد بين كل تلك الفئات المتصارعة.

تمر هذه الذكرى، ذكرى الرابع عشر من رمضان وما حدث فيه كالعام والعراق لم يعد عراقًا، بل صار يعرف بمدنه وأقاليمه ومحافظاته الممزقة، ومسلسل العنف ما زالت رحاه دائرة، وتدخُّل الأمريكان ودخولهم البلاد ما زاد الحالة إلا سوءًا. واللافت للنظر أنَّ ما حدث في الرابع عشر من رمضان الثامن من فبراير في بغداد حدث مثله في الشام في سوريا بعد شهر واحد أي في الثامن من آزار، فقد وقع فيها انقلاب آخر شارك فيه حزب البعث، ووصل إلى السلطة، وصارت مقدرات سوريا كرة متداولة بين أرجل اللاعبين من القوى المتصارعة في حزب البعث، لتؤول في النهاية إلى تركة وميراث تتوارثها أسرة الأسد، تورث إلى ولده بشار، وولده يقود سوريا إلى التفكك والدمار؛ لتكون سوريا على يديه، أسوأ حظًا من العراق على أيدي الاحتلال، فهل من معتبر؟ وهل من متعظ؟ وهل من وقفة للعرب أمام الذات لمناقشة ما جرَّته الانقلابات عليهم من مصائب وويلات؟!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *