Menu
منهجية التعامل مع التراث الإسلامي - مراجعة لكتاب من أدب الاختلاف إلى نبذ الاختلاف - أُمْنِيّة أهلِ السجود([1]) - The future of Islam in America and west - جانب من جلسات فريق باحثي الأزهر للعمل على وضع منهجية مراجعة التراث - حوار حول الربيع العربي - الإسلام والمسلمون من وجهة نظر غربية - برنامج اخترنا لمكتبتك - معالم في المنهج القرآني - ومضات فكرية

“السلفية”

الحلقة الثانية

أ.د/ طه جابر العلواني

حين كتبت الحلقة الأولى من خاطرة: “السلفية” قدرت أني أخاطب شرائح كثيرة من الناس وبالتالي حاولت ألا استرسل في ذكر دلائل الكتاب على مفهوم السلفية ومن هم السلف الصالحون وحين جاءت بعض ردود أفعال القراء تسأل عن نقاط مكملة لابد منها وددت أن أتناول هذه النقاط:

1.لم تكن بي غفلة عن الأحاديث الواردة في خير القرون وهي ما رواه الطبراني من حديث ابن مسعود قال رسول الله –صلى الله عليه وآله وسلم-:  “خير الناس قرني ثم الثاني ثم الثالث ثم يجئ قوم لا خير فيهم”،  وكذلك ما اخرجه الترمذي والحاكم عن عمران بن الحصين قال رسول الله –صلى الله عليه وآله وسلم-: “خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم يأتي من بعدهم قوم يتسمّنون ويحبون السمّن يعطون الشهادة قبل أن يُسألوها”.

والحديث فيه مشكلات في السند ضعفته ومشكلات في المتن وهو معارض بأحاديث مماثلة تثني على المتأخرين الذين آمنوا برسول الله –صلى الله عليه وآله وسلم-  دون أن يروه أو يستعموا إليه.

  1. إن الخيرية منحت من الله جل شأنه لهذه الأمة مسببة معللة فقال جل شأنه:﴿ كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ (آل عمران:110) ، فهي خيرية تتصف الأمة بها كلها ما دامت تتصف بما وصفها الله به من إيمان وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر.

 وكذلك الوسطية والشهادة وصفت بها الأمة كلها  في قوله تعالى:﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلاَّ عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللّهُ وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ (البقرة:143) ، والله تبارك وتعالى جعل الشهادة في الأمة: ﴿ لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا

  1. أن هناك إجمالًا في القرنِ: أيراد به الجيل أم يراد به القرن الزماني أم ماذا ؟!.
  2. والإمام الشافعي قد أخذ في اجتهاداته البغدادية بحجية مذهب الصحابي وكان يعزز ما ذهب إليه بخيريتهم -وهم أخيار بصفة عامة ولا شك- وحين أنتقل إلى مصر رجع عن إجتهاده ذاك ونفى القول بحجية قول الصحابي لأنه أدرك أن الصحابة رضوان الله عليهم قد اختلفوا بعد رسول الله –صلى الله عليه وآله وسلم-.

فبمذهب من سيأخذون عند الإختلاف؟!، وقرر أخيرًا أن يرجع الي رواية الصحابي لا إلى رأيه.

 وكثير من التابعين وفي مقدمتهم الأعمش كانوا يقولون: ” من كان مستنًا فليستن بمن قد مات”، يريدون بذلك أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم- فهم جيل التلقي؛ ولذلك فإننا حين نقول بأن سلف هذه الأمة هم السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والبدريون والذين حظوا وشرفوا بمعية رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-، وضرب الله لهم مثلًا في التوراة والانجيل فقال الله جل شأنه: ﴿ مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ … ﴾ (الفتح:29).

وبالتالي فالسلفية مرحلة مرتبطة بزمان وأشخاص كالهجرة والصحبة انتهت في وقتها ومن حرص على أن يلقب بأنه سلفي فينبغي أن يكون مستنًا ومتأسيًا برسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم– وأصحابه الذين كانوا معه. أما الأجيال التي جاءت بعد ذلك فلا تمثل النقاء الذي مثله من شاهدوا الوحي ينزل على رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم– وعاشوا معه وعايشوه رضوان الله عليهم أجمعين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *