Menu
منهجية التعامل مع التراث الإسلامي - مراجعة لكتاب من أدب الاختلاف إلى نبذ الاختلاف - أُمْنِيّة أهلِ السجود([1]) - The future of Islam in America and west - جانب من جلسات فريق باحثي الأزهر للعمل على وضع منهجية مراجعة التراث - حوار حول الربيع العربي - الإسلام والمسلمون من وجهة نظر غربية - برنامج اخترنا لمكتبتك - معالم في المنهج القرآني - ومضات فكرية

العراق بين بوشين

أ.د/ طه جابر العلواني

ألم يأتكم نبأ الاجتياحْ؟

لقد كان هذا لكم عبرةً

يا أولي الانبطاحْ.

اجتياح المالكي وأهل السلاح

لقومي وأهلي وحي على الفلاح

ليكمل بوش مهمته

ويرفع إبليس كل نوع من السلاح

يبيد به أطفالنا، ويستبيح به أعراضنا

وداعش تسرح، والإرهاب يمرح

والنساء تذبح بسيف الانفتاح

فتوح الأشيجر، والأحيمر، وأهل الكفاح

وأحزاب دعوة، وأقزام دولة

تنفذ لليهودي أمره بحد السلاح

أفي الرُّومِ شكْ؟

لقد أفلحَ المُنتَهَكْ.

فمن بعدِ عَجنٍ وَعَكٍّ ودَكْ

وشعبٍ تَــفَـــرَّى … وشعبٍ هَـــلَــكْ

أطَلَّ الصباحُ

وطال المساءُ

فهذا قائد مُهيبٌ مَهيبٌ

وهذا مليكٌ وذاك مَلَكْ.

ودارَ الفَلَكْ!

تَــبـــاركَ ذو المكتبِ البيضويِّ

القوي الغويُّ

وسُبحانَ هيئةِ شنِّ الحروبِ

وَوَصل الشّمالِ ..

وفصل الجَنوبِ

وَفَــرضِ السَّــلامِ بقتلِ الحَمامِ

وتَركِ الشَّبَكْ!

* * *

وقُل رَبِّ ضــــاقَتْ

ولم يبقَ إلاّكَ … والأمرُ لَكْ!

ومعذرة للشاعر الكبير أحمد مطر، فبلادنا اليوم، والأنبار منها خاصَّة، وكذلك المحافظات العربيَّة السنيَّة الأخرى كلها تعيش اليوم بين نحرين، نحر بوش، وولفويتس، ونحر المالكي وقواته. فالنحر الأول كان تمهيدًا لنزول السيد المسيح، فعقيدة ما يزيد عن خمسين مليونًا من الأمريكيين الذين يسمون بالمسيحيين اليهود أو اليهود المسيحيون؛ أنَّ الأرض يجب أن تملأ خرابًا، وأرض العراق تصبح يبابًا، وتُقرأ مزامير داود في أطلال قصر نبوخذنصر في بابل.

 وكان هؤلاء يعتقدون أنَّ السيد المسيح سوف ينزل على الهيكل في بيت المقدس قبل أن تنتهي ولاية بوش الثانية، أي ما بين سنة 2001 : 2009، وظل بوش يساند إسرائيل بكل ما استطاع من قوة، ويناصرها في قضاياها طيلة فترة ولايته، لتنشر الخراب فيما حول موقع المعبد والهيكل؛ لأنَّ السيد المسيح لن ينزل إلا بعد أن تمتلئ الأرض بالخراب، وينتشر فيها الدمار، وإلا فكيف يكون مخلِّصًا؟ ومخلِّصًا من ماذا؟.

وفي تلك الفترة سارعت القوى التي تؤمن بضرورة مجيئ المهدي المنتظر قبل نزول السيد المسيح؛ لأنَّ المفترض أن ينزل السيد المسيح والمهدي يؤم الناس في الصلاة،؛ صلاة فجر، عند منارة بيضاء في الشام، فالتقت الإرادتان إرادة بوش وإرادة الماهدين، أو إرادة المسيحيين اليهود أو اليهود المسيحيون، وإرادة الماهدين الذين يمهدون لظهور المهدي على تدمير العراق وتفتيت وحدته، والقضاء على عروبته وسنيَّته.

 وهناك مكتب في الولايات المتحدة الأمريكيَّة يعمل في نيويورك وفي شيكاغو باسم مكتب انتظار المهدي، تسلمت منه عدة رسائل تؤكد على أنَّ المهدي قد هيأ شنطه واستعد للظهور عام 2003، ولم أكن أدري العلاقة بين ساعة الصفر للغزو الأمريكي للعراق وبين المهدي المنتظر في نيويورك وشيكاغو، إلى أن وقع الاحتلال سنة 2003م، وتحولت تلك النبوءات إلى حقائق، ولكن المهدي المنتظر لم يظهر، بل ظهر في أرض بابل مستر بول ولفويتس، الذي كان مساعدًا لرامسفيلد في غزو العراق، والمخطط للغزو، والمورط لأمريكا في غزو العراق، وهو يهودي لم يتزوج، فكان أول مسئول أمريكي كبير بعد قائد القوات المسلحة يدخل العراق، ويذهب من فوره إلى موقع أطلال قصر نبوخذنصر في آثار بابل في منطقة الحلة، ووضع الشال اليهودي على رأسه وبدأ يقرأ بمزامير داود؛ ليصدق التوراة، وفي هذه المزامير وأناشيد يهود وشيء مما قاله ولفويتس من تلك الأناشيد: “ألم أقل لك يا بابليون سيجعلك الرب خرابًا ينعق فيك البوم والوحوش الكاسرة وستسبى بناتك ويباد  أبناؤك..” إلى آخر الأناشيد.

وتمزَّق العراق وانتهى بوصفه دولة إلى الأبد، ولم يظهر المهدي ولم ينزل عيسى. وبقي الطرف الآخر في المعادلة وهي مصر التي كانت الهدف الثاني بعد العراق، فمصر ما تزال مسئولة في نظر هؤلاء عن الاستبداد ببني إسرائيل، وتسخيرهم لبناء الأهرامات، والمعابد الفرعونيَّة العظمى، مثل الكرنك وغيره، وفي نظرهم لابد أن تنتشر فيه الفوضى ويعم فيها الخراب، وإذا كان بول ولفويتس غراب البين في أطلال قصر نبوخذنصر، فمن هو المرشح ليكون غراب البين في مصرنا الحبيبة لا سمح الله؟ ولعلكم تتذكرون بكاء مناحم بيجن حين اصطحبه السادات إلى الأهرام ليريه أمجاد الفراعنة ويرفه عنه، فإذا به يجلس وينتحب بالبكاء فقال له السادات: ما الذي جرى يا بيجن؟ أتيت بك للترفيه عنك، قال: لقد تذكرت آبائي وأجدادي الذين سخرهم أجدادك لبناء هذه الأهرامات قبورا لهم، فمات الآلاف منهم تحت هذه الصخور، فهي بالنسبة لنا أشد على نفوسنا من أي هولكوست سابق أو لاحق[1].

لذلك فإنَّني أعيش حالة رعب، وأخشى أن يكون المخطط ما يزال قائمًا، وأن يكونوا قد مدوا فترة الانتظار بالنسبة للمهدي؛ ليعطوا فرصة للماهدين أن يزيدوا في الفتن الطائفيَّة، ويشعلوا نيران الفتن، والصراعات الداخليَّة؛ ليأتي المخلِّص بعد الخراب، المهدي ثم المخلِّص سيدنا عيسى، بعد أن يكون المسرح قد أعد؛ لتتحقق عليه كل تلك الخيالات المريضة، وإذا كان العراقيُّون فشلوا في حماية العراق إلى أن حقق الماهدون فيه والمسيحيون اليهود تخريفاتهم، فإنَّ الأمل كبير في خير أجناد الأرض وأبناء الكنانة أن لا يستسلموا لمثل هذه الخدع، وأن لا يدمروا بلادهم، وأن لا يفككوا وحدة وطنهم وشعبهم مهما كثرت المطارق، وأن لا ينسوا أنَّ بني إسرائيل يرون أنَّ الأهرامات داخله في حدود دولتهم، وهذا معنى شعارهم المعروف: “أرضك يا إسرائيل من النيل إلى الفرات”.

ونسأل الله السلامة، والتوفيق، وأن يحفظ هذا البلد آمنًا مطمئنًا، وسائر بلاد المسلمين.

[1] قال موقع «المصدر» الإسرائيلي، إن القصة التي يتبناها العديد من الإسرائيليين، حول بناء «بني إسرائيل» الأهرامات «في ظل عبودية وإكراه»، قبل خروجهم من مصر، مجرد «أسطورة» رسختها «هوليوود» في بعض أفلامها مثل فيلم «الوصايا العشر»، وتبناها العديد من السياسيين الإسرائيليين، بينهم رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، مناحم بيجن، الذي «نجح في إغاظة المصريين»، عندما قال أمام الرئيس الأسبق، أنور السادات، خلال أولى زياراته لمصر، والتي تضمنت زيارة منطقة الأهرامات، إن هذه الأهرام: «بناها آباؤنا الأوائل»، في إشارة إلى «بني إسرائيل».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *