أ.د/ طه جابر العلواني
قبل يومين أثيرت في مصر ضجة لم تهدأ حتى الآن، حول القارئ الدكتور/ فرج الله الشاذلي، الذي زار العراق ضيفًا على إدارة مسجد مقام على قبر ينسب لآل البيت، وطلب منه مضيفوه أن يرفع بصوته الشجي الأذان، على أن يكون بألفاظ الأذان لدى الإخوة الشيعة، أي أن تذكر الشهادة الثالثة بعد الشهادتين، فيقال: “أشهد أنَّ عليًا ولي الله، وأشهد أنَّ عليًا حجة الله”، وأن يقال بعد حي على الصلاة حي على الفلاح: “حي على خير العمل”، ولما رآه المضيفون من تساهل الضيف؛ فقد طمعوا فيه، وطلبوا منهم أن ينضم لحركة الماهدين، والماهدون عندهم: أولئك الذين أخذوا على عاتقهم التمهيد لظهور المهدي محمد بن الحسن العسكري من غيبته الكبرى التي طالت بأضعاف عزلة أهل الكهف، فامتدت من بدايات القرن الرابع الهجري حتى يومنا هذا.
والماهدون الذين تولوا مسئوليَّة تمهيد الأرض ليستطيع المهدي الخروج من مخبئه في جبل رضوى في الشام، في نفق لم يعرف التاريخ القديم ولا الحديث في الطول ولا في العمق مثله، فيفترض أنَّ المهدي يسلك ذلك النفق ما بين سوريا والعراق، ويخرج في قرية صغيرة قريبة من الفلوجة لا تبعد عنها بأكثر من عشرة كيلو مترات، مازالت يطلق عليها اسم الأزرﮔـَّية، إشارة إلى أنَّه سيزرﮒ تحت الأرض؛ ليخرج في (الأزرﮔـيَّة) يتنفس الهواء ويشرب الماء ثم يعود إلى النفق الطويل، ليخرج ثانية في سامراء ما بين مرقدي الإمامين الهادي والعسكري فيها، وكوة الغيبة التي تقع في مدرسة سامراء الدينيَّة السنيَّة، وكانت أسرة سنيَّة سامرائيَّة تقوم على خدمتها، فيخرج المهدي من تلك الكوة معلنًا مهدويته، ثم يبدأ يملأ الأرض عدلًا بعد أن مُلئت جورًا، وكأنَّ ما يجري في العراق اليوم من ذبح للسنَّة وتدمير لمساجدهم ومحافظاتهم ومصادرة لحقوقهم، كله داخل في عمليَّة التحضير، والتمهيد لظهور المهدي؛ لأنَّه لابد أن تخرب الأرض لكي يصلحها وإلا فما فائدة مجيئه إذا لم يجد خرابًا يصلح.
فرفع الشيخ الشاذلي الأذان، بمرونة المصري الطيب وسلامة قلبه، قلب الفلاح المصري الذي لا يبحث وراء الظواهر، فرفع الأذان الشيعي، ودعى للمهدي بالخروج، والشيخ فرج لم يكن يخطر بباله أبدًا أنَّه كان يدعو بدعاء معناه إبادة السنَّة في العراق، وتخريب أراضيهم وتدمير جميع مقدراتهم، وبطيبة الفلاح المصري، انضم إلى حركة الماهدين، وهي تذكرني ببوش وحركة الماهدين من البيض الأمريكان لنزول السيد المسيح، فبوش انضم إلى حركة دينيَّة متطرفة، تعتقد بأنَّ السيد المسيح لن ينزل إلا بعد أن تعم المجازر والمذابح والخراب والدمار والفساد الأرض كلها، فيأتي الماهدون بقيادة بوش ليمهدوا له ولنزوله، ويهيئوا الأرض لذلك.
وبما أنَّ القصص تقول: بأنَّ السيد المسيح سينزل أولًا بأرض الشام ومنها ينطلق إلى فلسطين والهيكل؛ فلتدمر الشام، وليدمر الوجود الفلسطيني في فلسطين، ولما كانت دولة إسرائيل يجب أن تمتد من النيل إلى الفرات؛ فلتدمر العراق لأنَّها أرض الرافدين، ولينشر الخراب في مصر، وتقسم السودان، وليصطرع على الكحكة الإسلاميَّة الروس والأمريكان بانتظار الماهدين، ليكملوا التمهيدات؛ فدمر بوش العراق واجتمع الماهدون للمهدي وللسيد المسيح على تدمير العراق والمساكين السنَّة فيه.
ووجد الشيخ الشاذلي بعد عودته أنَّ طيبة الفلاح المصري قد استغلت، واكتشف عمليَّة الاستدراج، وندم ولات حين مندم، فقد أعلنت عليه أفواه كثيرة حربًا لا تبقي ولا تذر، وأخذ يتلقى الضربات من هنا ومن هناك، هذا يطالبه بالتوبة، وذاك يطالبه بالرجوع إلى الحق ووو، فتلك هي ورطة الفلاح المصري الطيب، الذي لم تستطع شهادة الدكتوراه التي يحملها أن تحميه من طيبة الفلاح، وبساطته فسقط في شرك الماهدين. غفر الله لنا وله.