Menu
منهجية التعامل مع التراث الإسلامي - مراجعة لكتاب من أدب الاختلاف إلى نبذ الاختلاف - أُمْنِيّة أهلِ السجود([1]) - The future of Islam in America and west - جانب من جلسات فريق باحثي الأزهر للعمل على وضع منهجية مراجعة التراث - حوار حول الربيع العربي - الإسلام والمسلمون من وجهة نظر غربية - برنامج اخترنا لمكتبتك - معالم في المنهج القرآني - ومضات فكرية

المرض الأول: عقليَّة العوام 2

 أ.د/ طه جابر العلواني.

السلام عليكم أيُّها الحكيم.

رد الحكيم: وعليك السلام يا بني.

قلت: قد وعدتني في لقائنا السابق أن تفصِّل لي في أمر الأمراض الثلاث التي فتكت بأمَّتنا، وكيفيَّة العلاج منها، فهلَّا زدتني من علمك.

قال الحكيم: اسمع يا بني، أمَّا المرض الأول فهو: عقليَّة العوام. هي عقليَّة ساذجة بسيطة، يصعب عليها معاناة التفكير، وإدراك العلاقات بين الأسباب، والمسببات، كما يصعب عليها تذوق المجردات كالحق، والمساواة، والتفكير فيها، فلا تعرف كيف تستنبط العبر، أو تستخلص الدروس من كل تجارب الحياة، فمن الصعب عليها أن تربط بين الوقائع، ومقدماتها، وأسبابها، لا ترى من الأشياء غير صورتها النهائيَّة؛ لذلك فكثيرًا ما تتشتت بينها فلا تدرك الروابط بينها، وقد تعلل نتيجة مّا بأسباب لا علاقة لها بها، تميل إلى الخرافة، وتتشبث بالمجهول لا تسأل عن برهان، ولا تبحث عن دليل، عقليَّة مشرعة الأبواب والنوافذ، يدخل إليها كل غث وسمين، بقطع النظر عن الوعاء الذي تخرج منه تلك الدواخل، فلا تتأكد من صحة ما يدخل، ولا من مصدره.

هذه العقليَّة تحب التقليد، وتعشق التبعية، وتجبن عن الاستقلال في التفكير، ولا تطيقه، ولا تصبر عليه إن هي حاولت ممارسته؛ لذلك فهي عقليَّة قد تسوق حاملها إلى حتفه بنفسه، لا تفرِّق بين حق، وباطل، ولا بين صدق، وكذب، ولا تدرك البراهين، والحجج، وإذا عرضت عليها فلا تشعر باختلافها عن سواها. هي عقليَّة لا تعقل، وتسير في الحياة لا بمقتضى فطر العقول بل بمقتضى التوجيه الغريزي، لا تثق، ولا يوثق بها، كَلٌّ على الأسياد أينما يوجههونها لا تأتِ بخير، بكماء عن الحق خرساء في وجه الباطل، جبانة رعديدة إذا ووجهت بالقوة.

هي عقليَّة عاجزة بكل المقاييس عن سائر ما ينتظر من العقل فعله من تفكر، وتدبر، وتذكر، وتعقل، وإبداع.

قلت : إذن أيُّها الحكيم، فما علاجها؟

قال الحكيم: هذه العقليَّة لا يمكن أن تتغيَّر إلا بهدي إلهي، ونور من الوحي، وكتاب مبين؛ ليكون شفاءً لها، ومطهرًا من أضرارها، و سيئآتها، والله أعلم. فكتاب الله يبني في العقل قواه، ويدفعه دفعًا إلى استخدامه، وتنميته، والتفكر في الكبير، والصغير، وعدم قبول الأشياء بدون براهين، وكيفيَّة تمييز الحق عن الباطل، والظلمات عن النور والصلاح عن الفساد.

فمن أعلم بالخلق من خالقهم؟

أنزل عليهم كتابًا يخرجهم من الظلمات إلى النور، ويهديهم صراطًا مستقيمًا، صرَّف الله فيه للناس من كل مثل، ولا يأتيه الناس بمثل إلا جاءهم بالحق وأحسن تفسيرًا.

قلت: جزاك الله خيرًا أيُّها الشيخ الحكيم، هلا تعلمني عن المرض الثاني؟

قال الحكيم: إذن فانتظر حتى أحدث لك منها ذكرا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *