Menu
منهجية التعامل مع التراث الإسلامي - مراجعة لكتاب من أدب الاختلاف إلى نبذ الاختلاف - أُمْنِيّة أهلِ السجود([1]) - The future of Islam in America and west - جانب من جلسات فريق باحثي الأزهر للعمل على وضع منهجية مراجعة التراث - حوار حول الربيع العربي - الإسلام والمسلمون من وجهة نظر غربية - برنامج اخترنا لمكتبتك - معالم في المنهج القرآني - ومضات فكرية

سلسلة تأملات رمضانية (26) الحرب العادلة

الحلقة السادسة والعشرون

الحرب العادلة

The Just War

أ.د. طه جابر العلواني

كثر الحديث بعد الحرب العالمية الثانية في الأوساط العسكرية والتربوية ذات الصلة بالمؤسسات العسكرية حول مفهوم الحرب العادلة وكتب في ذلك كثير جدًا وألقيت محاضرات وربما اشتملت بعض المقررات الدراسية للعسكريين على ما يمكن أن يستفاد به في تحديد مفهوم الحرب العادلة فقيل الكثير عن مواصفات القادة العسكريين الذين يمكن أن يقودوا حروب عادلة وطرحت أسماء لامعة مثل رومل ومنتي جومري وأيزن هور وشارل ديجول  وآخرين واستدعيت بعض الأسماء التاريخية وأغلبها من الجذور الغربية وذلك لبيان مواصفات القادة الذين يمكن أن يقودوا حروب عادلة وتلخصت الصفات منها الثقافة الواسعة للقائد في تاريخ الأمم والحضارات التي تجعله قادر على معرفة الأمم الأخرى وتاريخها ومنها أحياننا الإطلاع على الفلسفة والأخذ بنصيب وافر منها والأديان وتاريخها والمؤثرات التي أثرت على مسيرة الحرب والسلام في تاريخ البشرية كل ذلك من أجل أن يكون القادة يتمتعون بحس إنساني عالي يحترم الذات ويحترم الآخر ويجعلهم أقدر على العدل وهم يقاتلون والقرآن المجيد قد اختصر ذلك كله بقوله تعالى: ” ولا يجرمنكم على ألا تعدلوا اعدلوا هو اقرب للتقوي” فمن افضل من يعلم الانسان العدل المعرفة الواسعة بتواريخ الشعوب والحضارات والاديان والنظم الاجتماعية والقانونية فتلك امور اذا اتقن تعليمها واحسن المعلم تلقيها تكون فيه ملكة العدالة والقدرة على الإنصاف والسلوك الإنساني لا في السلم فقط بل في الحرب كذلك .

وحين عقدنا مؤتمرات حول هذا جرى الحديث فيها عن أن من الممكن إعداد برامج لتكوين القادة وآخرى لتكوين الضباط دون مرتبة وثالثة لتكوين الجند وغير ذلك فذلك كله من الممكن تعديله وتطويره والتدخل فيه ليوجد لنا الإنسان الإنساني في ذلك كله لكن العقبة كانت هذه الأسلحة الحديثة التي مهما قيل عن ذكاء بعضها وغباء البعض الأخر فانها اسلحة خفت او ثقلت لا تستطيع ان تميز بين المقاتل الذي يشكل خطر وبين المسالم البرئ فهي أسلحة فتاكة شديدة الإنفجار والإنتشار لا تفرق بين رجل وامرءة وعدو وصديق ومسالم ومحارب بل هي اسلحة يغلب عليها ان تكون مهلكة للحرث والنسل والانسان والحيوان وتدمير كل شئ وهذه الاسلحة في كل يوم تطور ويزاد في طاقتها التدميرية فلا يمكن السيطرة عليها بحال فلا يستطيع البشر اليوم الاستغناء عن كثير من تلك الاسلحة واذا استعملوها فان الاطفال ولانساء والشيوخ والمرضى والمسالمين لا يمكن انقاذهم او فرزهم وابعادهم عما في تلك الاسلحة من طاقات تدميرية ولذلك فقد صار من المستحيل ان تقوم حرب عادلة في عصورنا هذا وصار دخولنا الناس في السلم كافة هدف بعيد المنال جدًا وبناء على ذلك فلم يعد من الممكن قيام حرب عادلة مهما حاول البشر ولذلك أخذت الأصوات تتعالى في نوع من التردد في أمريكا واوربا تتعالي لتنادي بنزع الأسلحة الفتاكة وتحريم استعمالها دوليًا والاتفاق على ذلك لكن تحقيق ذلك يعتبر ضرب من المحال ولذلك فان المؤتمر الاخير الذي عقدناه في جامعة العلوم الاسلامية والاجتماعية وشارك فيه رجال من الاديان الثلاثة الكبري مع اخرين من بعض الاديان ذات الوجود الثانوي في الولايات المتحدة صادر باتفاق قرار بأنه لم يعد من الممكن في عصرنا هذا ان تقوم حرب العادلة مع وجود هذه الاسلحة كلها وانه اذا اريد ذلك فلابد من اشاعة الثقافة القائلة بضرورة نزع السلاح وتخلص البشرية من الاسلحة الفتاكة بكل انواعها لكي يكون من الممكن بعد ذلك التقاتل بأسلحة تميز بين المقاتلين وغيرهم وبدون ذلك فلن يكون هناك أي مجال لإيجاد حرب عادلة .

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *