Menu
منهجية التعامل مع التراث الإسلامي - مراجعة لكتاب من أدب الاختلاف إلى نبذ الاختلاف - أُمْنِيّة أهلِ السجود([1]) - The future of Islam in America and west - جانب من جلسات فريق باحثي الأزهر للعمل على وضع منهجية مراجعة التراث - حوار حول الربيع العربي - الإسلام والمسلمون من وجهة نظر غربية - برنامج اخترنا لمكتبتك - معالم في المنهج القرآني - ومضات فكرية

سلسلة تأملات رمضانية (13) الترغيب والترهيب

الترغيب والترهيب

أ.د: طه جابر العلواني

هناك فنٌّ من فنون القصَّاصين والدعاة عُرِف بالترغيب والترهيب، فتح على المسلمين أبوابًا من الشر لم يستطيعوا إغلاقها حتى يومنا هذا؛ ولذلك فإنَّك تسمع أحدهم يقول لك: “من أنفق درهمًا في وقت كذا على صنف كذا من البشر أدخله الله الجنَّة، ومنحه مائة منزل فيها، وزوجه بألف حوريَّة، و..و..و.. إلخ، وله ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر”. فتقول لهم: لا يمكن أن يقول رسول الله هذا، أو يأتي الشرع بهذا، فيقولون لك: وماذا نفعل لقد فترت الهمم عن الطاعات ولابد من ترغيب الناس -أي ولو بالكذب على الله ورسوله!

وقد يقول لك: من فعل كذا سلَّط الله عليه شجاعًا أقرع، وهذا الشجاع الأقرع يبالغون بوصفه، ولا أدري لما جعلوه أقرع، فالشجاع يمكن أن يكون أقرع ويمكن أن يكون ذا شعر، وفعل به في قبره كذا وكذا. وتقول لهم: حنانيكم، إنَّ القرآن الكريم هدد الذين يعملون السيئات وتوعدهم ولكن ليس بهذا الشكل ولا بهذه المبالغات، فيقولون لك: لقد تجرأ الناس على المحرمات والمكروهات ولابد من تنفيرهم.

 والله –تبارك وتعالى- يرفض عمل هؤلاء ومبالغاتهم، بل وأكاذيبهم، ويقول: ﴿… لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ … (البقرة:286)، ويقول: ﴿فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (الزلزلة:7-8)، ويقول: ﴿وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ (الأنبياء:47)، وقال: ﴿فَالْيَوْمَ لَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَلَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (يس:54)، وقال: ﴿وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ (القمر:53)، ذلك هو العدل الإلهي، وما يقوله هؤلاء هو الشطط الإنساني، المعبِّر عن أمراض نفسيَّة وانحرافات مزاجيَّة، تشطط في كل شيء، وتجانب العدل في كل أمر، وتعطي لنفسها من الحق في التصرف في مصائر الناس ما لم يأذن به الله.

فاتقوا الله فينا أيُّها القصاصون، لا تحطموا نفسيَّات الناس، ولا تدمروها، فالله أعلم وأرأف وأعدل وأرحم من أن يترك الناس إلى أحكامكم الجائرة، ومبالغاتكم الثائرة.

أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *