Menu
منهجية التعامل مع التراث الإسلامي - مراجعة لكتاب من أدب الاختلاف إلى نبذ الاختلاف - أُمْنِيّة أهلِ السجود([1]) - The future of Islam in America and west - جانب من جلسات فريق باحثي الأزهر للعمل على وضع منهجية مراجعة التراث - حوار حول الربيع العربي - الإسلام والمسلمون من وجهة نظر غربية - برنامج اخترنا لمكتبتك - معالم في المنهج القرآني - ومضات فكرية

سلسلة تأملات رمضانية (12) تصديق القرآن وهيمنته على السنة

تصديق القرآن وهيمنته على السنَّة

                                                                      أ.د: طه جابر العلواني

كان الإمام أبو حنيفة من أكثر الأئمة تأثرًا بمنهج أم المؤمنين عائشة وأمير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضي الله عنهما-، فرُوي له حديث فيه: “إنَّ المؤمن إذا زنا، خلع الإيمان من رأسه كما يخلع القميص، ثم إذا تاب أعيد إليه إيمانه”، فسأله أحد أصحابه ما موقفك من هذا الحديث؟ أتشك في قولهم -أي رواته- أم تصدقهم؟ فإن صدَّقت قولهم دخلت في قول الخوارج، وإن شككت في قولهم شككت في أمر الخوارج، ورجعت عن العدل، وإن كذَّبت قولهم كذَّبت بقول نبي الله –عليه الصلاة والسلام- فإنَّهم روول ذلك عن رجال حتى انتهو إلى رسول الله –صلى الله عليه وآله وسلَّم-.

فأجابه الإمام أبو حنيفة بقوله: “أكذب هؤلاء ولا يكون تكذيبي لهؤلاء وردّي ما رووه تكذيبًا للنبي –صلى الله عليه وآله وسلَّم-، فأنا مؤمن بكل شيء تكلَّم به النبي، غير أنَّ النبي لم يخالف القرآن في أي شيء، لقوله تعالى: ﴿وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ * لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ * ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ * فَمَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ (الحاقة:44-47)، ونبي الله لا يخالف كتاب الله، ومخالف كتاب الله لا يكون نبيًّا لله، وهذا الذي رووه خلاف القرآن؛ لأنَّ القرآن قال: ﴿الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي …(النور:2)، ولم ينفِ عنهما اسم الإيمان لأنَّه -جل شأنه- قال في آية أخرى: ﴿وَاللَّذَانَ يَأْتِيَانِهَا مِنكُمْ … (النساء:16)، وقوله منكم عنى به المسلمين لا غيرهم، فرد أي حديث يخالف القرآن ليس ردًا على النبي –صلى الله عليه وآله وسلَّم- ولا تكذيبَّا له، لكنَّه ردٌّ على من يحدث عن النبي –صلى الله عليه وآله وسلَّم- بالباطل، والتهمة داخلة عليه لا على نبي الله –عليه الصلاة والسلام- وكل شيء تكلم به نبي الله سمعناه أو لم نسمعه فعلى الرأس والعينين، قد آمنا به، ونشهد أنَّه كما قال نبي الله، ونشهد –أيضًا- على النبي –صلى الله عليه وآله وسلَّم- أنَّه لم يأمر بأي شيء نهى الله عنه، ولم يقطع شيئًا وصله الله، ولا وصف أمرًا بغير ما وصف به، ونشهد أنَّه كان موافقًا لله ولكتابه في جميع الأمور، لم يبتدع ولم يتقوَّل على الله بغير ما قال، ولا كان من المتكلفين؛ ولذلك أمرنا بطاعته، وقال: ﴿مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ … (النساء:80). ا.ه.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *