Menu
منهجية التعامل مع التراث الإسلامي - مراجعة لكتاب من أدب الاختلاف إلى نبذ الاختلاف - أُمْنِيّة أهلِ السجود([1]) - The future of Islam in America and west - جانب من جلسات فريق باحثي الأزهر للعمل على وضع منهجية مراجعة التراث - حوار حول الربيع العربي - الإسلام والمسلمون من وجهة نظر غربية - برنامج اخترنا لمكتبتك - معالم في المنهج القرآني - ومضات فكرية

سلسلة تأملات رمضانية (10) صفات الصديق

صفات الصديق

أ.د: طه جابر العلواني

أُثر عن الإمام الشافعي –رضي الله عنه- أنَّه قال في الصديق قصيدة هي:

إِذا المَرءُ لا يَرعاكَ إِلّا تَكَلُّفا ***        فَدَعهُ وَلا تُكثِر عَلَيهِ التَأَسُّفا

فَفِي النَّاسِ أبْدَالٌ وَفي التَّرْكِ رَاحة ٌ*** وفي القلبِ صبرٌ للحبيب ولو جفا

فَمَا كُلُّ مَنْ تَهْوَاهُ يَهْوَاكَ قلبهُ *** وَلا كلُّ مَنْ صَافَيْتَه لَكَ قَدْ صَفَا

إذا لم يكن صفو الوداد طبيعة ً*** فلا خيرَ في ودٍ يجيءُ تكلُّفا

ولا خيرَ في خلٍّ يخونُ خليلهُ *** ويلقاهُ من بعدِ المودَّة ِ بالجفا

وَيُنْكِرُ عَيْشًا قَدْ تَقَادَمَ عَهْدُهُ *** وَيُظْهِرُ سِرًّا كان بِالأَمْسِ قَدْ خَفَا

سَلامٌ عَلَى الدُّنْيَا إذا لَمْ يَكُنْ بِهَا *** صديق صدوق صادق الوعد منصفا

والقرآن الكريم الذي لا يأتي الناس بشيء و َثَل إلا جاءهم بالحق وأحسن تفسيرًا يقول: ﴿الْأَخِلَّاء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ (الزخرف:67)، فيُجمل في هذه الآية صفات الخليل الوفي، الخليل الذي لا يتوقع أن يأتي منه ضرر، ولا أن يكون سببًا في إتعاب خليله أو إزعاجه، فهو من أكرم الناس لأنَّه تقيٌّ، وهو من أحنى الناس وأزكاهم وأطيبهم وأوفاهم، لا ينقض عهدًا، ولا يضيِّع وعدًا، ولا يفرِّط بصديقه، تستوي عنده أحوال الشدة والضنك، وأحوال الفرج والرفاهية، ففي كل تلك الأحوال هو هو، ثابت على ما هو عليه، لا يتغيَّر ولا يتبدَّل، إذا نظرت إليه سرك، وإذا حادثته أفادك، وإذا احتجت إليه أسعفك، وإن أصابك عرض من أعراض الدنيا كان إلى جانبك يلازمك كظلك، إن أنعم الله عليك فرِحَ لذلك وهشّ وبشّ، وتمنى لك المزيد، إن استنصحته نصحك. وقديمًا قالوا: “صديقك من صدَقك لا من صدَّقك”، لا يبخل عليك بالنصح، ولا يضن عليك بماله أو وجهه، أو جاهه، ترى فيه امتدادًا لك، وعدَّة مَنَّ الله بها عليك، إذا غدرت بك الأيام وقف إلى جانبك، يسند ظهرك ويمسك الوضر عنك، لا يمنّ ولا يؤذي، تأمنه على نفسك وعلى عرضك وعلى كل ما خولك الله من نِعم.

فأين ذلك من صداقات اليوم؟ فصديق اليوم صديق مؤقت، صديق لا يرى للصداقة حقوقًا ولا يرى على نفسه فيها واجبات، يتجاهلها في أقرب محنة، ويتنازل عنها في أول موقف شدة، لا يتردد في حسدك إذا أنعم الله عليك، وبعض الصداقات موبقة مهلكة، يستدرج الصديق صديقه لممارسة كثير من الأمور الضاره، فقد يُعلِّم الصديق صديقه أنواع الانحرافات، وهذا ليس بصديق بل هو عدو، وسيظهر الله العداوة بينهما في الدنيا وفي الآخرة، وهؤلاء هم الذين يقال فيهم: ﴿الْأَخِلَّاء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ … (الزخرف:67).

فاحرص على الصديق التقي، واعلم أنَّ صديقك هو نفسك، فاحرص على اختياره، وابحث عنه، فإذا وجدته فإياك وتضييعه أو التفريط فيه.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *