Menu
منهجية التعامل مع التراث الإسلامي - مراجعة لكتاب من أدب الاختلاف إلى نبذ الاختلاف - أُمْنِيّة أهلِ السجود([1]) - The future of Islam in America and west - جانب من جلسات فريق باحثي الأزهر للعمل على وضع منهجية مراجعة التراث - حوار حول الربيع العربي - الإسلام والمسلمون من وجهة نظر غربية - برنامج اخترنا لمكتبتك - معالم في المنهج القرآني - ومضات فكرية

العراق وما يجري فيه من دماء

أبو زينب الدليمي

إلى أهلنا في الأنبار، وهم يعانون المحنة بعد الأخرى، والنكبة الثانية والثالثة والعاشرة بعد الأولى، إلى مدينتي الصامدة الفلوجة، إلى الرمادي، إلى الخالديَّة، إلى الـﮕرمة، إلى الصِقلاوية، إلى كل هؤلاء وأولئك الذين يذبحون في الموصل والأنبار وصلاح الدين وكركوك والتأمين وبغداد وديالى، والناصريَّة، والعمارة، وغيرها، حاولت أن أجد شيئًا أقوله لمن خلف صدام من “حزب الدعوة الطائفي”، هؤلاء الذين حملوا الصدر على أن يلم رفات أهله من الشهداء، محمد باقر الصدر، والآخرين، ويهرب ببقايا رفاتهم، بعيدًا عن سياسة أولئك، ونَتن طائفيَّتهم البغيضة، واستغلالهم الفظيع المريع.

لقد قالوا في صدام ما قالوا، وقالوا في البعثيين ما قالوا، وكالوا الوعود، وأخذوا العهود، وأقسموا بما أقسموا، وعاهدوا في العتبات من عاهدوا، فإذا هم ينكصون، ويزايدون على الطغاة، الذين نددوا بهم من قبلهم بكل شر، يزايدون عليهم في التعذيب وانتهاك الأعراض، ودك البيوت على ساكنيها، واستعمال الأسلحة المحرمة، وتسخير الجيش لخدمة النظام، وتدمير البلد بأموال البترول، وأسلحة الدمار، إلى هؤلاء جميعًا وإلى الضحايا وإلى بوش وأنصاره من الذين زعموا أنَّهم ذاهبون إلى العراق لينشروا الديمقراطيَّة فيه، فكذبوا في كل ما قالوا، ونشروا فيه الدمار والخراب، واستبدلوا طغاة بطغاة، ومخربين بمخربين، ومدمرين لهذا البلد المسكين.

إلى هؤلاء جميعًا وجدت قصيدة أحمد مطر “بلاد ما بين النحرين” ما تزال فاعلة قويَّة، مؤثرة، كأنَّها قيلت في دكتاتوري اليوم، من عناصر “حزب الدعوة الطائفي”، وقادته، وطائفيي “البيت الشيعي”، ودهاقنته، وسرَّاق البنك المركزي، والبترول، وخزائنه، وجدت أحمد مطر الذي قال هذه القصيدة قبل ما يزيد عن ربع قرن، كأنَّه يقولها اليوم، فوددت إهدائها إلى “النَّوري المستبد الطاغية”، الذي سمى نفسه بالمالكي، وإلى زميله في النضال إبراهيم الشقيري الجعفري، وأعوانهما، وحواشيهما ممن سكنوا مساكن الذين ظلموا وتبين لهم كيف فعل الله بهم وضرب لهم الأمثال، ومع أنَّهم يسكنون في المنطقة الخضراء في مساكن من ظلموا أنفسهم من قبل، واضطهدوا هذا الشعب، وأذلوا جيشه، وضرب الله بهم الأمثال، إذا بهؤلاء يعيدون الأخطاء نفسها وزيادة وهم يمسكون بحبات المسابح، وربما يطلقون اللحى، واستطاعوا أن يرتهنوا عمائم، ويستأجروا منها الأبيض والأسود والأحمر والأخضر، وأي لون يريدون. قصيدة أحمد مطر ما تزال معبرة، فليتها تُقرأ على المراجع العظام العظام، وعلى الآيات الكرام … ، وعلى أصحاب الفضيلة الضخام، لعلها تحيي بعض الموات وتمنح لبعض هؤلاء الحياة، فيواسوا ضعفاء المحافظات العرب الذين تفتك بهم الدبابات والمدافع والطائرات.

وجدتها من خير ما يمكن إهداؤه إلى حزب الدعوة، وقادة حزب الدعوة، وأنصار حزب الدعوة، والمخدوعين بحزب الدعوة، الذي يزعم اليوم أنَّه يكافح الأرهاب، وهو ما نشأ ولا تأسس إلا على الأرهاب ومن أجله، وما قام إلا لتدعيم الإرهاب ونصرته، والذي يعيث الآن في أرض العراق فسادًا، دونه فساد المغول والتتار ومن إليهم، فإلى قصيدة أحمد مطر، لعلها تكون وسيلة سمر، في مجالس المراجع، ولعلها تجد من يرددها من الندَّابين واللطَّامين لتصل إلى آذان أولئك، الذين ملأوا الدنيا ضجيجًا حين كانوا يعانون من شيء من الاضطهاد الذي يُذِيقُونه أنواعًا وأضعافًا إلى إخوانهم، في المدن والمحافظات السنيَّة، في العراق، وخاصَّة في بغداد والأنبار والموصل وصلاح الدين والبصرة وكركوك وغيرها:


بلاد ما بين النحرين

ألم يأتكم نبأ الاجتياحْ ؟

لقد كان هذا لكم عبرةً

يا أولي الانبطاحْ.

يُباع السلاحُ لقتل الشعوب

ويُشرى السلاح بقوت الشعوب
وها قد علمتمْ

بأنَّ الشعوبَ سلاحُ السلاحْ

فهلَّا تركتم لها ما يُباحْ ؟

وها قد عرفتم فتوحَ الحروب

فهلا تركتم فتوحَ النكاحْ ؟ ؟

– 2 –
ألا.. هل أتاكم حديثُ الجنودْ ؟

الجنود العظام

العظام التي أنكرتْ لحمها والجلودْ

الجلود التي ساعة الإلتحام
استحالتْ بساطيرَ
تمشي طوابيرَ
تحملُ بيضَ البنود
وتلعقُ سودَ الجلودْ
جلودِ نعالِ الجنودِ اليهودْ؟!
وداروا على النارِ ذاتِ الوَقود
ودارتْ خوازيقُ ذُلٍّ
وإذ هم قعودْ
وأنتم عليهم شهودْ
ألم تسألوا…
كيف يفنى بها من يُقادُ
وينجو بها من يقودْ ؟!
تباركَ ذو المكتب البيضوي
وحمدًا وشكرًا لآل السعود !
– 3 –
نِعالٌ كرامُ نِعالُ الكرامْ
عليها السلام.
أعدِوا لهم ما استطعتم..
من الاحترام.
عليها السلام.
وتلكَ النِعالُ نداولها بينكم يا نشامى
فخِرّوا لها سُجدًا أو نياما
أفي لثمها ما يغيظُ وفيكم ألدُّ الخصام ؟!
وربــِّك لا تأمنونَ الحِمامْ
اذا لم تذوبوا غرامًا بهذا الرَّغامْ.
فويلٌ لمن لا ينامْ
وويلٌ لمن لا يفكُ الحزامْ
وطوبى لبـَـغْـلٍ
تسامى لنعلٍ
وصلّى لنغلٍ.. صلاةَ النَّعامْ !
أحِلَّ لكم أن تعيشوا مطايا
وأن تزحفوا للمنايا
جياعًا عرايا
وأن تشحذوا من أيادي البغايا
بقايا الطعامْ.
أُحِــلَّ لكم أن تُميتوا
وأن تستميتوا
ليحيا النظام.
أُحـِلَّ لكم أن تموتوا
ويبقى لنا وجهُ أمُ المعاركِ
وابن الحرامْ !
– 4 –
واذا قال إبليس
إني أُريكم سبيل الرشادْ.
فيا قومِ.. شُلَّتْ يد الاقتصاد
وران الكسادْ
وإني أرى ثروتي في نَفادْ.
فما ليَ لا أرتدي جُبَّــةً
من بيار بن كاردانَ
أو عِمـَـةً من بلاد الضبابْ ؟
أذلكَ شيءٌ عجاب ؟
ألا إنَّكم في ازدياد
وإني على خفضِكُمْ قادرٌ..
فانفروا للجهادْ !
وبَشر عبادْ
بأنَّ لهم ملجــًا دون سقفٍ
وأن لهم قَصعةً دون زادْ.
بلى, إنَّ هذا لشيءٌ يُرادْ !
ألا إنَّ هذي حقـــولٌ..
وهذا أوانُ الحصادْ
وأنتم جَرادْ.
ألا فاسرقوا كل بيتٍ
ألا واهتكوا كلّ عرضٍ
ألا واحرقوا كلّ بيتٍ
وصُـــبوا الأسيدَ
وشُدوا الوَثاقَ
وشُدوا الزِّنادْ
ولا تُفسدوا…
إنني لا أحبُ الفسادْ !
* * *
فيا حسرتاه على هؤلاء العبادْ
أتوا من بلادٍ
عَتَوا في بلادٍ
وما كان قبرٌ لهم في بلادْ.
فهُــمْ من ترابٍ… وهمْ للرَّمادْ
وهُــمْ لم يعودوا..
وإبليسُ عادْ!
– 5 –
ألـــم
ذلك الجيشُ لا ريبَ في الريب فيه
ارتقى.. فاستوى والقَدَمْ
وطالتْ يداه
فُجرَّ الإلهْ
وعلَّقهُ في قماش العلمْ
فـــداءَ الصنمْ.
وسالتْ مياهُ الجباهْ
وما كان فيها مياهْ !
وسالتْ دماه
وما كان فيها دمٌ,
هل لدى الجيشُ دمْ ؟
ألمْ ترى كيف أغارَ على أهلهِ كالذئاب,
وولّى أمام العدى كالغَنَمْ ؟!
– 6 –
ألـــم
ذلك الشعبُ لم يبقَ في جسمهِ
موضعٌ صالحٌ للألمْ !
ألم يَــفْــنَ ما بين نحرينِ:
نحرِ ابن أمِّ الـ…. ونحر الأممْ ؟
فكم من دماءٍ
وكم من دموعٍ
وكم من..
وكم..
وما بين موتى وموتى
جرى الموتُ مسترسلَ الخطوِ حتى
هوى الموتُ مْــيـْتا !
وهذا الوجودُ العظيمُ الحقيرُ
البصيرُ الضريرُ
السميعُ الأصمْ
وجودٌ عدمْ !
فلا غُصةٌ في فؤادٍ
ولا صرخةٌ فوقَ فمْ.
وهذي الرِّمـَمْ
تَفَـنَّنَ فيها الفناءُ
ونام عليها المنامُ
ولكنَّها لم تنمْ !
فمنها الرمادُ استوى ناقمًا.. فانتَقمْ
وفيها الحِمامُ بسيلِ الحميمِ استَحَمْ
وفيها البكاءُ ابتسمْ !
وهذا الوجودُ اللئيمُ الرؤوفُ
العدُوُّ الحليفُ
الوضيعُ الأشمْ
وجودٌ عدمْ.
فلا فرحةٌ في فؤادٍ
ولا ضحكةٌ فوقَ فمْ.
تناومَ حتى تنامى الرَّمادْ
وبادَ العبادُ
وحَـــلّقَ ظُلْمٌ.. وحطّت ظُلَمْ !
وعبدُ الخَــدَمْ
عفا عن رُفات الضحايا..
نَعمْ ؟!
عفا ؟
كيف يعفو ؟
ألا إنَّهُ وحدهُ المُتهَّمْ !
– 7 –
إذا جاء نصرُ الذي ما انتصرْ
بأدنى الضررْ :
كهَدم المباني
وذبح المعاني
وقتل الأماني
ومسح البوادي, ومحو الحضرْ
فهذا قَدَرْ !
ومن فضلهِ أن حباكم
بهذا الرئيس الأغرْ
وأن بثَّ من شكلهِ أمَّةً
في صفاتٍ أُخَرْ.
فَـسَـبّح بحمدِ الحجار
وسبّح بحمدِ الصورْ !
– 8 –
ولما أوى الفتيةُ المؤمنونْ
إلى كـهـفهـمْ
كان في الكهفِ من قبلهم مُخبرونْ!
ظننتمْ
إذن, أنَّنا غافلون ؟
كذلكَ ظنَّ الذينَ أتَوا قبلكمْ
فاستجبنا..
ولو تعلمونْ
بما قد أُعــدَ لهم من قواريرَ
كانت قواريرَ منصوبةً
فوقها يقعدونْ.
ولو قد رأيتُم, وثَمَّ رأيتُمْ
مَراوحَ سَـقفٍ بها يُربَطونَ.
وفازوا بفقْدِ الشعورِ
وفازوا بحلقِ الشعورِ
وحرق الشعور التي في الصُدورِ
وشَيِّ الظهور
وصعقِ الـ(…) واقتلاع العُيونْ.
وأنتم على إثْرِهم سائرونْ.
لينشُرَ ماذا لكم ربّكم ؟
رحمةً ؟
تحلمونْ !
وهل قد حسبتم بأنَّ المباحثَ ملهى
وأنَّا بها لاعبونْ ؟!
سنُملي لكم من لَدُّنا اعترافاتكمْ
ثُمَّ أنتم عليها بأسمائكم تَبصِمونْ.
فإنا لَنعلمُ ما لم تقولوا..
وندري بما في غدٍ تَصنعونْ.
وإنا لنسمعُ صوتَ السكون
وإنا لَنُحصي ظنونَ الظّنونْ!
أكُنتم لنا (مِربدًا) تهجُرونْ
وفي مولد الموت لا ترقصونْ
وإن قيلَ إنَّ ابن هذي.. شريفٌ
وضَعتم أصابعكم فوقَ أشيائكم تضحكونْ ؟
وكنتم تقولونَ
إنا وجدنا مديرَ الرقابةِ تيسًا
وإنا له عاطفونْ.
فسُحقًا لما قد كتبتمْ.
وبُعدًا لما تنشرونْ.
وأصغى لأبواق سيارةٍ..
قالَ: بُشرايَ
هذا رقيبُ السجونْ.
* * *
وقيلَ لهم: كم لَبِثتمْ ؟

فقالوا: مئاتِ القرون.
أنُبعَثُ ؟
قال الذي عنده العلمُ:
بل قد لبثنا سنينًا
وما زال أولادُ أمِّ الكذا يحكمونْ.
وما دامَ ( بعثٌ ).. فلا تُبعَثونْ !
– 9 –
أفي الرُّومِ شك ؟
أفي ريبة أنتَ
مــمّنْ على ظهرنا أركَبَك ؟
وأعطاكَ رتبةَ ألفي رئيسٍ
ورَصَّ على كتفيكَ التَنَك ؟
أفَــضلكَ آتٍ من ( الفضلِ )
أم من فضيلةِ تلك التي.. ( هَـيْتَ لك ) ؟ !
عَفا الرومُ عنكْ
خُذْ العفو واأمر لهم كل يومٍ
بمليون صكْ
وأغلقْ فَمَكْ.
فماذا عليك ؟ أكانت تُراثَ الذي خَلّفكْ ؟
دَعِ الناسَ تَسجدْ
لذي العرشِ داحي القروشِ
وحامي القُروشِ ذوات الكروشِ
التي في العروشْ
وتأكلْ بغمسِ الرُّفوش بقايا الجيوشِ
جيوشِ الوحوشِ وجيش النُّعوشْ
وتَنشِق عبيرَ الدُّخان
وتَشربْ رحيقَ البِرَكْ !
* * *
أفي الرُّومِ شكْ ؟
لقد أفلحَ المُنتَهَكْ.
فمن بعدِ عَجنٍ وَعَكٍّ ودَكْ
وشعبٍ تَــفَـــرَّى… وشعبٍ هَـــلَــكْ
أطَلَّ الصباحُ
وطال المساءُ
فهذا مُهيبٌ مَهيبٌ
وهذا مليكٌ مَلَكْ.
ودارَ الفَلَكْ !
تَــبـــاركَ ذو المكتبِ البيضويِّ
الرحـــــيمُ الغويُّ
وسُبحانَ هيئةِ شنِّ الحروبِ
وَوَصل الشّمالِ..
وفصل الجَنوبِ
وَفَــرضِ السَّــلامِ بقتلِ الحَمامِ
وتَركِ الشَّبَكْ !
* * *

وقُل رَبِّ ضــــاقَتْ
ولم يبقَ إلاّكَ… والأمرُ لَكْ !

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *