Menu
منهجية التعامل مع التراث الإسلامي - مراجعة لكتاب من أدب الاختلاف إلى نبذ الاختلاف - أُمْنِيّة أهلِ السجود([1]) - The future of Islam in America and west - جانب من جلسات فريق باحثي الأزهر للعمل على وضع منهجية مراجعة التراث - حوار حول الربيع العربي - الإسلام والمسلمون من وجهة نظر غربية - برنامج اخترنا لمكتبتك - معالم في المنهج القرآني - ومضات فكرية

طهروا التراث

أ.د/ طه جابر العلواني.

حين نادينا منذ أربعين عامًا، أو يزيد؛ بأنَّ تراثنا فى حاجة إلى مراجعة، وغسل بعضه سبعًا إحداهن بالتراب؛ لما في ذلك البعض من مصائب، وما اشتمل عليه من أمور خطره تغلغلت فى ثناياه بطريقة يصعب ميزها، وفصلها إلا على نطاسيّين خبروا التراث، وعرفوا دروبه، ومصادره، والأفهام التى شكلته. حين نادينا بذلك ووجهنا بموجة من تكفير، وتفسيق، وتبديع، وهمز، ولمز، من قوم لا يرقبون فى مؤمن إلًّا، ولا ذمة؛ وذلك خلق يهودي انتقل إلينا من أبناء عمومتنا  يهود؛ الذين قامت ثقافتهم على أن يرتقوا بمن يحبون أعلى الدرجات، والذين يخالفونهم ينزلون بهم أقصى الدركات. ومعي نص من  النصوص، لعالم من علماء الفرق الإسلاميَّة؛ ولا شك أنَّه نص يندرج بجدارة تحت  النصوص التى نادينا بضرورة تركها، ومراجعتها، فأرجو أن تتأملوه، وتروا، أو تقرؤا الآثار التى ترتبت عليه؛ فكم من نفوس أزهقت، وكم من بلاد مزقت، وكم من أشخاص تناحرت، وكم من أموال أتلفت، وكم من جهود أهدرت. وكم..وكم..

قال ‹أبو يعقوب بن يوسف بن إبراهيم الورجلاني› في كتابه ‹الدليل والبرهان›: “..والذي ينبغي لأمير المؤمنين أن يستعمله بينه، وبين أهل الخلاف أن يدعوهم إلى ترك ما به ضلوا، فإن أجابوا  اهتدوا، وصاروا إخواننا، لهم ما لنا، وعليهم ما علينا …”، كما قال ‹أبو حمزة المختار بن عوف› -في ثورة طالب الحق التي انطلقت من حضرموت- وقد  خطب أهل المدينة فقال: “أيُّها الناس نحن من الناس، والناس منا، إلا عابد وثن، وملكًا جبارًا، وصاحب بدعة يدعو الناس إليها. وإن امتنعوا من ذلك دعوناهم إلى أن نجري عليهم حكم الله تعالى؛ من دفع الحقوق، والخضوع لواجب الأحكام،  فإن أطاعوا بذلك تركناهم على ما هم عليه، ووجب لهم من الحقوق، والأحكام ما يجب لنا، وعلينا، إلا ما كان من الاستنفار فلا حق لهم فيه ما داموا متمادين على ما هم عليه من الضلالة، ووسعنا، وإياهم العدل، ولهم حقوقهم من الفيء، والغنائم، والصدقات على وجوهها، ولهم علينا دفع الظلم عنهم كما يجب لسائر المسلمين (أي الإباضية) … ومن امتنع منهم مما وجب عليه من الحقوق أدبناه؛ بقمعه وبِردِّه إلى سواء السبيل، وإن جاوز ذلك سفكنا دمه، واستحللنا قتاله. وإن اعترفوا بطاعتنا، وانفردوا ببلادهم، وأجروا فيها أحكامهم تركناهم، وذلك  مالم يكن ردًا على: ‹آية محكمة›، أو ‹سنة قائمة›، ونستقضي عليهم. منهم من يقوم بواجب الحقوق عليهم، ولهم … وإن اتهمناهم في شيء أعذرنا إليهم، وننبذ  إليهم على سواء. ولا نتركهم يظهرون منكرًا بين أيدينا. ونمنعهم من أن يحدثوا في  أيامنا إلا أن يكون أمرًا لا مكروه تحته، فلنا الخيار …. وإن قدرنا عليهم قتلنا منهم كل من قتل أحدًا بعينه، ولا نستعمل فيهم حكم المحاربين، ونقتل منهم  الولاة، والرؤساء، ونترك العامَّة، ولا نعرض لأحد من العامَّة إلا من طعن في  الدين، أو قتل من المسلمين، أو دلّ عليهم، فهم يُقتلون إذا قدرنا عليهم، ولو تابوا، إلا من تاب من قبل أن نقدر عليه، ونصلي على قتلاهم وندفنهم. وتجري المواريث بيننا وبينهم على وجوهها، والعدد، والأموال، والحرمات على وجوهها”.

قلت: فماذا يريد الناس منهم بعد هذه الرقة، واللطافة، والمشاعر الطيبة؟ نقتلهم، ونصلي عليهم، وندعو لهم بدخول الجنة، ونريحهم فى قبورهم حيث السكون، والهدوء، وحيث منكر، ونكير؛ يتولون نيابة عنا تعذيبهم، وإيلامهم،  وحيث الشجاع الأقرع snake bite يتلوى على ظهورهم، وبطونهم؛ ذلك لما قدمت أيديهم من مخالفة أهل الحق، وعدم الانخراط فى صفوفهم. حين تتحول مثل هذه الأفكار، وجميع أفكار الفرق الإسلاميَّة فى التاريخ إلى ثقافة ظاهره، أو كامنة، فما الذى يمكن أن تنتجه غير العنف، والصراع، والدمار، والتدمير. فيا قومنا راجعوا تراثنا، وطهروه، ونقوه وفقًا لكتاب الله مما أصابه؛ تصفو لكم حياتكم، ويستقم لكم أمركم، ولعلكم تستعيدون شيئًا من ألفتكم، ووحدتكم. فهل من مستجيب؟.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *