Menu
منهجية التعامل مع التراث الإسلامي - مراجعة لكتاب من أدب الاختلاف إلى نبذ الاختلاف - أُمْنِيّة أهلِ السجود([1]) - The future of Islam in America and west - جانب من جلسات فريق باحثي الأزهر للعمل على وضع منهجية مراجعة التراث - حوار حول الربيع العربي - الإسلام والمسلمون من وجهة نظر غربية - برنامج اخترنا لمكتبتك - معالم في المنهج القرآني - ومضات فكرية

الحق والباطل

د. طه العلواني

خلق الله تعالى السموات والأرض وما بينهما وما عليهما بالحق، فالحق أساس كل شيء وعماد كل شيء، والحياة الدنيا حق ووجودنا فيها حق، وابتلاؤنا فيها ليتبين الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه ويتبين الكاذبون كذلك حق.

ويتناقض الحق ويضاده الباطل كما يناقضه الفساد، ويعاضده في الوقت نفسه الصلاح والإصلاح. قد استخلف الله –تبارك وتعالى- الإنسان في هذه الأرض ليكون حاملا للحق ناصرا له محافظا عليه، دارئا للباطل ونائيا بنفسه عنه، وذلك يعني أن هناك قانونا إلهيًّا وضعه الله -سبحانه وتعالى- يمكن أن يسمى “بقانون الدفع والتدافع” أو أي تسمية مناسبة أخرى تؤدي المعنى، والله –تبارك وتعالى- قد يقذف بنفسه بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق؛ لأنه لا شيء يمكن أن يرد ما يقذفه الله –جل شأنه- أو يقاومه.

 أما البشر فقد هداهم الله –جل شأنه- وعلمهم مفهومي الحق والباطل في كل شيء، وأرسل إليهم بذلك رسلا وهداهم بأنبيائه وكتبه، وكلماته لكي يكونوا دائما على بينة من الأمر وبصيرة منه، فلا تلتبس بهم الأهواء ولا تضيق عليهم الطرق؛ ولكنهم حين يدفعون الباطل بالحق يحتاجون إلى توخي منهج الله، ومعرفة سننه وقوانينه، وكيفية توظيف تلك السنن والقوانيين في دفع الباطل بالحق ودمغه به، وجعله زاهقا عاجزا عن الامتداد؛ فالحق والباطل مثل الظلمات والنور فقد تمتد الظلمات وتنتشر حينما يختفي النور أو ينكمش فهي تمتد في فراغه وهو يستطيع إيقافها مهما بلغت فإن شمعة واحدة قد تضيء ظلام الليل؛ ولذلك فإن حملة الحق والنور ينبغي أن يكونوا في حالة يقظه وحذر وتربص بحيث لا تعطى للظلمات ولا للباطل أية فرصة بالامتداد، وذلك لأن الشيطان وحزبه والباطل وأهله لا يقلون تأهبا واستعداد للمنازلة في كل وقت؛ ولذلك قال –جل شأنه-: ﴿وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ (الزخرف:36)، واللافت للنظر أن الله –تبارك وتعالى- لم يقل “ومن يعمى” بل قال: “من يعش”، والعشو مجرد ضعف في الإبصار يجعل الإنسان عاجزا عن الإبصار في الليل، فمجرد الغفلة أو العشو حتى إذا لم يمتد زمنه كفيل أن يفتح الأبواب ويجعلها مشروعة أمام الشيطان وحزبه ليقتحم ساحة الحق ويفسد في الأرض ويدمر على أهل الحق حقهم وما هم عليه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *