Menu
منهجية التعامل مع التراث الإسلامي - مراجعة لكتاب من أدب الاختلاف إلى نبذ الاختلاف - أُمْنِيّة أهلِ السجود([1]) - The future of Islam in America and west - جانب من جلسات فريق باحثي الأزهر للعمل على وضع منهجية مراجعة التراث - حوار حول الربيع العربي - الإسلام والمسلمون من وجهة نظر غربية - برنامج اخترنا لمكتبتك - معالم في المنهج القرآني - ومضات فكرية

اقتراح لحل أزمة وضع دستور مصر العزيزة

د. طه جابر العلواني

شهدتُ وعشتُ أزمات مصر وأحداثها الكبرى منذ عام 1953م، ولم تكن مشاعري اتجاه كل ما شهدته أقل من مشاعر أي مصريّ عاش تلك الأحداث، وخبر تلك الوقائع وانفعل بها. وكنت إذا عنَّ لي شيء في رأي أو رؤية في تلك الأحداث ذكرته لمن حولي على استحياء، ورجوتهم التفكُّر فيه؛ وذلك لخوفي من أن أقترح أمرًا غير مناسب أو غير مفيد، ويقال لي: “أهل مكة أدرى بشعابها” وتلك كلمة أتهيّبها ولا أود سماعها، لكنَّني هذه المرة وأنا أعايش أزمة لجنة الدستور، شعرت برغبة شديدة في أن أقول ما لدي لمن يقرؤه، فمن رضيه فله أن يوصله إلى من يستطيع الاستفادة به، ومن لم يرتضه فما أكثر الأمور التي يسمعها الناس اليوم ويلقونها وراء ظهورهم، فليلقها من لم تعجبه وراء ظهره إن شاء.

 كان في مقدور الفئات السياسيَّة المصريَّة والمجلس العسكريّ وسائر القوى المؤثرة في القرار السياسيّ اليوم أن يختاروا من بين الفنيين والقضاء والأساتذة والخبراء الدستوريين والمستشارين _وما أكثرهم في مصر_ فيعهد إلى تلك اللجنة أن تضع مواد دستور وجيزة مختصرة تحدد العلاقات بين السلطات الثلاث “القانونيَّة والتشريعيَّة والتنفيذيَّة”، وتبيّن أدوارها في إيجاد نظام متوازٍ يحقق مصالح سائر فصائل المجتمع وفئاته، وفي الوقت نفسه تستخلص العبر والدروس في تاريخ مصر كلّه على طوله وثرائه، فتضع فيه أفضل المواد التي تقدم الضمانات الكافية لكل فئات المجتمع، وتحافظ على التوازن بينها، وتحقق القيم والمثل العليا المشتركة من عدالة وحريَّة ومساواة، ومحافظة على الحقوق، وضمانات لحسن أداء الواجبات. وهذه اللجنة الفنيَّة المتخصصة المتنوعة في تخصصاتها تضع ذلك كله بعد دراسة أهم الدساتير المصريَّة السابقة، والدساتير العلميَّة والعالميَّة القائمة، ثم تتقدم بذلك الدستور المقترح إلى مجلس الشعب والشورى لمناقشتها والوصول إلى توافق غير نهائيّ عليها، ثم عرض ذلك الدستور على استفتاء عام كما حدث بالنسبة لمواد البيان الدستوريّ. فإذا تم إقرار ذلك من قبل الشعب كلّه فسنخرج بدستور جديد لا تستطيع فئة أن تدّعي الاستقلال والاستبداد بوضعه، كما لا يمكن لفئة أن تُحرم من إبداء رأيها أو المشاركة في وضع دستور سيطبق عليها.

إنَّ الشعب قد قبل تعديل المواد التي عرفت بالبيان الدستوريّ مع أنَّ كثيرين لم يرتضوها، بل أبدى بعض المصريين  ندمه على التصويت لها أو ضدّها؛ لكن لم يؤدِ ذلك كلّه إلى أي شقاق بين أبناء الشعب ولا الفئات السياسيَّة ولا رجّح مواقف فئة على فئة.

 إنَّ هناك قوى أجنبيَّة وإقليميَّة تتمنى لو استطاعت أن تفكك مصر الحبيبة باعتبارها الكتلة البشريَّة العربيَّة الوحيدة المتماسكة التي لم تفرّق بينها الطائفيَّة والمذهبيَّة؛ ولذلك فإنَّ تلك الدول والقوى تعمل ليل نهار لتفكك الروابط المصريَّة وإيجاد الفرقة بين أبناء مصر، وأبناء مصر أحوج ما يكونون اليوم إلى التحلي بالوعي والشجاعة والتضحية لئلا يفتحوا ثغرة في البناء المصريّ المتماسك -بإذن الله- ينفذ منها أعداء هذا البلد ويصادروا عليه ثورته ومنجزاتها ويوهنوا خلالها. وقد يكون في هذا الاقتراح ما يسمح بتجاوز أزمة الدستور -إن شاء الله- إذا تبناه  القادرون على إنفاذه والأخذ به.

سائلين العلي القدير أن يجمع الكلمة ويحقق الهدف، إنَّه سميع مجيب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *