أ.د. طه جابر العلواني
الناس في مواقفهم من “التقوى والصبر الجميل” على أقسام
القسم الأول: هم الذين يجمعون بين “التقوى والصبر” ويتواصون بهما: “وهم أهل التقوى وأهل المغفرة” الذين وصفهم الله تعالى بأنّهم الذين “يتواصون بالحق ويتواصون بالصبر عليه والثبات على طريقته” وقادة ركب هؤلاء الذين أنعم الله عليهم من النبيّين والصديقين والشهداء والصالحين الذين تأسّوا بهم وساروا على نهجهم، وسلكوا سبيلهم.
القسم الثاني: أناس منّ الله تعالى أن وفقهم ليكونوا على جانب من “التقوى” فهم يؤدون الصلوات، ويحرصون على الفرائض، ويتجنّبون المحرّمات. لكنَّهم لا يصبرون على البلاء ويجزعون عند الابتلاء إذا أصاب أحدهم شيء في ماله أو بدنه أو عرضه أو هدّده عدو في شيء من ذلك عظم جزعه، وظهر هلعه ، وفقد توازنه، واضطربت أحواله ولم ينفعه ما لديه من التقوى في التحقق بالثبات والشجاعة التي تعينه على التحلّي بالصر ومقاومة الخوف والجزع؛ وهو أمر قد يرجع إلى مرض نفسيّ، وحالة فطريَّة تقتضي منه معالجة ذلك بالوسائل الملائمة لذلك.
ومن أهم ما يعينه على تجاوز تلك الحالة المرضيَّة استحضار عظم الله، والإكثار من ذكره وحمل النفس على الإحساس بمعيَّته، واليقين بأن لا يصيب الإنسان إلا ما كتب الله تعالى له. وقد ينفع مثل هؤلاء القصص الصادقة التي تشتمل على ما يؤكد هذه المعاني، وكيف ينجي الله المتقين!! وفي مقدّمتها قصص الأنبياء في القرآن وكذلك قصص أولئك الذين أنجاهم الله –تعالى- من مخاطر شبه أكيدة الوقوع لولا لطف الله –جل شأنه- وقد ينفع مثل هؤلاء بعض ما يستخدمه علماء النفس من وسائل وتدريبات لتعديل هذا النوع من الأمزجة البشريَّة. ويعدّ الصيام وما يتطلبه من صبر، وما يشتمل عليه من معان، وذكر دائم لله –تعالى- من أهم وسائل إعادة “التوازن النفسيّ” وتعديل وتقويم الانحرافات السلوكيَّة عندما يؤدّى على وجهه المشروع.
القسم الثالث: الذين يستطيعون “الصبر” لكنهم لا يتّقون. فقد يتحمّل هؤلاء المشاق بصبر وجلد، ويكون فيهم من لا يبالون بالآلام وإن اشتدت، ولا يأبهون بالمخاطر وإن عظمت يقودهم تصميم عجيب للحصول على ما يريدون. فقد يكون أحدهم من قطّاع الطرق أو طلاب الرشاوى، أو الساعين إلى الرئاسات فيقتحمون المجازفات والمهالك، ويستهينون بالعواقب، بحيث يتمنى المصلح لو رأى هؤلاء في جسارتهم بين حملة الأهداف النبيلة والتيارات الإصلاحيَّة التي تخدم الأمَّة فذلك لو حدث لعاد بالخير العميم على الأمَّة ولو حدث ذلك لتحققت انجازات متعثّرة؛ لأنّها لا تجد الأقوياء الأمناء الذين يدفعون بها إلى غاياتها. وهؤلاء من يحتاجون من حملة “خطاب الأمَّة” إلى عناية أكبر لاستعادتهم إلى حظيرتها، وتحويلهم إلى جزء من رصيدها.
القسم الرابع: هم أولئك الذين لا يتقون وهم قادرون ولا يصبرون على الأخرى حين يبتلون، ولا يشكرون على النعمة حين ينعم الله عليهم بما يشتهون. ولعل منهم أولئك الذين قال -جل شأنه- فيهم: ﴿إِنَّ الإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا {19} إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا {20} وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا﴾ (المعارج:19-21) وهؤلاء تجدهم أظلم الناس إذا حكموا، وأذلَّهم إذا حكموا، وأبعدهم عن العدل إذا قضوا، وأضعف الناس إذا هزموا، وأسرعهم إلى إظهار الذل والخضوع إذا غلبوا يستولى اليأس على قلوبهم عند الصدمة الأولى. وهم أقل الناس رحمة وإحسانًا وعفوًا وهم مادة أعداء أمتهم كثيرًا ما يتخذون منهم أجنادًا لإذلال أهليهم، لأنّهم يسارعون في إرضاء أعداء أمتهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة. وهؤلاء في حاجة إلى مراجعة إيمانهم، وتصحيح عقائدهم وتقويم أفكارهم وتصوراتهم والتخلّص من انحرافاتهم والعودة إلى أحضان أمّتهم نسأل الله السلامة والعافية.
أ.د. طه جابر العلواني
الناس في مواقفهم من “التقوى والصبر الجميل” على أقسام
القسم الأول: هم الذين يجمعون بين “التقوى والصبر” ويتواصون بهما: “وهم أهل التقوى وأهل المغفرة” الذين وصفهم الله تعالى بأنّهم الذين “يتواصون بالحق ويتواصون بالصبر عليه والثبات على طريقته” وقادة ركب هؤلاء الذين أنعم الله عليهم من النبيّين والصديقين والشهداء والصالحين الذين تأسّوا بهم وساروا على نهجهم، وسلكوا سبيلهم.
القسم الثاني: أناس منّ الله تعالى أن وفقهم ليكونوا على جانب من “التقوى” فهم يؤدون الصلوات، ويحرصون على الفرائض، ويتجنّبون المحرّمات. لكنَّهم لا يصبرون على البلاء ويجزعون عند الابتلاء إذا أصاب أحدهم شيء في ماله أو بدنه أو عرضه أو هدّده عدو في شيء من ذلك عظم جزعه، وظهر هلعه ، وفقد توازنه، واضطربت أحواله ولم ينفعه ما لديه من التقوى في التحقق بالثبات والشجاعة التي تعينه على التحلّي بالصر ومقاومة الخوف والجزع؛ وهو أمر قد يرجع إلى مرض نفسيّ، وحالة فطريَّة تقتضي منه معالجة ذلك بالوسائل الملائمة لذلك.
ومن أهم ما يعينه على تجاوز تلك الحالة المرضيَّة استحضار عظم الله، والإكثار من ذكره وحمل النفس على الإحساس بمعيَّته، واليقين بأن لا يصيب الإنسان إلا ما كتب الله تعالى له. وقد ينفع مثل هؤلاء القصص الصادقة التي تشتمل على ما يؤكد هذه المعاني، وكيف ينجي الله المتقين!! وفي مقدّمتها قصص الأنبياء في القرآن وكذلك قصص أولئك الذين أنجاهم الله –تعالى- من مخاطر شبه أكيدة الوقوع لولا لطف الله –جل شأنه- وقد ينفع مثل هؤلاء بعض ما يستخدمه علماء النفس من وسائل وتدريبات لتعديل هذا النوع من الأمزجة البشريَّة. ويعدّ الصيام وما يتطلبه من صبر، وما يشتمل عليه من معان، وذكر دائم لله –تعالى- من أهم وسائل إعادة “التوازن النفسيّ” وتعديل وتقويم الانحرافات السلوكيَّة عندما يؤدّى على وجهه المشروع.
القسم الثالث: الذين يستطيعون “الصبر” لكنهم لا يتّقون. فقد يتحمّل هؤلاء المشاق بصبر وجلد، ويكون فيهم من لا يبالون بالآلام وإن اشتدت، ولا يأبهون بالمخاطر وإن عظمت يقودهم تصميم عجيب للحصول على ما يريدون. فقد يكون أحدهم من قطّاع الطرق أو طلاب الرشاوى، أو الساعين إلى الرئاسات فيقتحمون المجازفات والمهالك، ويستهينون بالعواقب، بحيث يتمنى المصلح لو رأى هؤلاء في جسارتهم بين حملة الأهداف النبيلة والتيارات الإصلاحيَّة التي تخدم الأمَّة فذلك لو حدث لعاد بالخير العميم على الأمَّة ولو حدث ذلك لتحققت انجازات متعثّرة؛ لأنّها لا تجد الأقوياء الأمناء الذين يدفعون بها إلى غاياتها. وهؤلاء من يحتاجون من حملة “خطاب الأمَّة” إلى عناية أكبر لاستعادتهم إلى حظيرتها، وتحويلهم إلى جزء من رصيدها.
القسم الرابع: هم أولئك الذين لا يتقون وهم قادرون ولا يصبرون على الأخرى حين يبتلون، ولا يشكرون على النعمة حين ينعم الله عليهم بما يشتهون. ولعل منهم أولئك الذين قال -جل شأنه- فيهم: ﴿إِنَّ الإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا {19} إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا {20} وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا﴾ (المعارج:19-21) وهؤلاء تجدهم أظلم الناس إذا حكموا، وأذلَّهم إذا حكموا، وأبعدهم عن العدل إذا قضوا، وأضعف الناس إذا هزموا، وأسرعهم إلى إظهار الذل والخضوع إذا غلبوا يستولى اليأس على قلوبهم عند الصدمة الأولى. وهم أقل الناس رحمة وإحسانًا وعفوًا وهم مادة أعداء أمتهم كثيرًا ما يتخذون منهم أجنادًا لإذلال أهليهم، لأنّهم يسارعون في إرضاء أعداء أمتهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة. وهؤلاء في حاجة إلى مراجعة إيمانهم، وتصحيح عقائدهم وتقويم أفكارهم وتصوراتهم والتخلّص من انحرافاتهم والعودة إلى أحضان أمّتهم نسأل الله السلامة والعافية.