Menu
منهجية التعامل مع التراث الإسلامي - مراجعة لكتاب من أدب الاختلاف إلى نبذ الاختلاف - أُمْنِيّة أهلِ السجود([1]) - The future of Islam in America and west - جانب من جلسات فريق باحثي الأزهر للعمل على وضع منهجية مراجعة التراث - حوار حول الربيع العربي - الإسلام والمسلمون من وجهة نظر غربية - برنامج اخترنا لمكتبتك - معالم في المنهج القرآني - ومضات فكرية

نحو استّراتيجيَّه فاعلة لخطاب إسلاميّ جديد 1

 

أ.د.طه جابر العلواني

إنَّ الناظر لما يجري، المتفكر فيما يدور في العالم الإسلامي الخارجيّ يرى التغيَّرات السريعة في كل شيء؛ بحيث صارت عمليَّة ملاحقة الأخبار والمعلومات وحدها مما تنوء به مراكز بحوث عملاقة، فضلاً عن دراستها وتحليلها واستخلاص النتائج منها، الأمر الذي يجعل الأعمال الفرديَّة سواء أكانت فرديَّة شخصيّة أم مؤسّسيَّة غير ذات موضوع، وقد تكون من سبل أو وسائل استنزاف طاقات أصحابها وتفريغها؛ ذلك لأنّ المبادرات كلّها بأيدي الطرف الآخر “المسيهوديّ” الدوليّ الذي جعل من العالمَ كلّه رقعة شطرنج هو المتحكم بكل ما عليها من أحجار؛ ذلك لأنَّه جعل من الّلاعب الثاني مجرّد لاعب مفترض يتمرّن فيه بعد أن عرف جميع نقاط ضعفه وقوته فحوّله إلى جزء من أحجار الرقعة ليلاحظ ردود أفعاله التي افترضها الّلاعب المنفرد ليطمئن على صحة تقديراته وافتراضاته وسلامتها من حين إلى لآخر([2]).

التحدي الخطيــر

     إن رصيد الغرب من المعرفة بالإسلام ومصادره ومناطقه وشعوبه ولغاته وثقافاته، وما ورائيّات ذلك –كلّه- رصيد هائل شاركت في تأسيسه وتكوينه جيوشٌ من العلماء والمفكرين والمستشرقين، وأسهم فيه علماء الانثروبولوجيا والاجتماع والسياسة واللاهوت، وغيرهم، وقد بذل الغرب بكل أنواعه ومستوياته عبر ثلاثة قرون ونصف من الجهود في معرفة المسلمين ما من الصعب إن لم يكن من المتعذّر عرض تفاصيلها كاملة للوصول إلى تحديد ذلك الكم الهائل من المعرفة، وقد يكون من المفيد استعراض “التجربة الأندلسيَّة”([3]) من تاريخنا، وتتبّع تفاصيلها التي انتهت بإجلاء المسلمين بشكل كامل عنها، ثم”التجربة العثمانيَّة” وما آلت إليه منذ أن كانت “المسألة الشرقيَّة”([4]) تعني “التهديد العثمانيّ” لأوربا، قبل أن تصبح أوربا، حتى صار معناه “اقتسام تركة الرجل المريض”، وكذلك “التجربة الصفويّة” في إيران.

     ففي القرون الثلاثة والنصف الأخيرة كانت الجهود الغربيَّة فيها قد استفادت من ذلك التاريخ –كله- ثم انطلقت منه في أهداف محدّدة واضحة: فكانت “الصيغة الأندلسيَّة” هي الصيغة التي اختارتها الصهيونيّة لتكرارها في فلسطين، وصيغة “المسألة الشرقيَّة” هي التي اختارتها دول أوروبا للتكرار في الأقاليم التي احتلتها، وقد حاولت فرنسا تطبيق “الصيغة الأندلسيّة” مع دول المغرب العربيّ، وإلحاقها بها، لتكون جزءاً من جنوبها، وحينما لم تتمكن من ذلك ارتضت من الغنيمة بالهيمنة الثقافيّة والتأثير في الأقطار المغاربيّة ثقافياً، وبصيغة معدّلة عن التأثير في النخب تسمح لها بالاحتفاظ بنقاط تأثير تفرض نوعاً من الاستتباع المتفاوت المرن لهذه الأقطار.

أهــداف إدارة الصراع الغربية

    لقد كانت الأهداف الأوربيَّة محدّدة بوضوح، أهمها:

  • تفكيك “الأمَّة المسلمة”؛ بحيث يتعذَّر توحيدها من جديد أو إقامة كيان موحَّد لها بأيّة صيغة من صيغ الوحدة أو الاتحاد، أو التضامن.
  • بعث الخلفيَّات العرقيَّة على اختلافها؛ بحيث تتقدم تلك الخلفيَّات الفرعونيَّة والبابليَّة والفينيقيَّة وما إليها على روابط “الأمّة” التي تتحول إلى روابط ثانويَّة غير فاعلة، لا في سياسة ولا اقتصاد ولا اجتماع ولا ثقافة، وتنشيط النزعات الإقليميّة والطائفيَّة بين المسلمين بأقصى قدر ممكن.
  • كسر الحواجز النفسيَّة بين الشعوب الإسلاميَّة والشعوب الأوربيَّة وأمريكا، وأضيفت – اليوم- إسرائيل إلى القائمة، وتمييع المفاهيم القرآنيّة؛ بما يسمح للأفكار الغربيَّة أن تهيمن على عقول النخب وقلوبهم، ولجعل الأقطار العربية حليفًا بديلاً من الأقاليم الإسلاميّة المتخلّفة القبليَّة التي تستقبلها الأقاليم والأقطار الإسلاميَّة للحصول على ما تحتاج، مع استغلال حالة “تخلف المسلمين” و”تقدم الغرب” وربط تخلف المسلمين بالإسلام، وربط تقدم الغربيّين بالمسيحيّة؛ لتحقيق مزيدٍ من الهزيمة النفسيّة لدى المسلمين.
  • إنهاء دور العلماء في قيادة عمليَّات المواجهة، وتهميش التعليم الدينيّ واللُّغة العربيّة؛ لتفكيك الثقافة المشتركة، وتحويل المفكر العلمانيّ المعاصر إلى بديل عن العالم والفقيه والمصلح الاجتماعي.
  • تكريس حالة التخلف لدى الشعوب المسلمة، وبيع المنتجات لهم، وعدم السماح لهم – بكل الوسائل – بالوصول إلى أصول المعرفة القادرة على إحداث حالة النهوض، وصناعة أدوات الحضارة، واجتياز حواجز التخلّف، ولذلك أجهضت محاولات “سليم الثاني (ت:982هـ= 1574م) ومحمد علي (ت:1265هـ = 1849 م) وخير الدين التونسي (ت: 1307هـ = 1890 م) مروراً بأفكار الآخرين ومحاولاتهم، وما تزال العقليَّة الإغريقيّة في حرمان العبيد من المعرفة الحقيقيّة المنتجة هي السائدة والمسيطرة على العقل الغربيّ المعاصـر.

    والمتابع لما وصلت إليه حالة باكستان بعد ما عُرِف عن تمكنها من صناعة ما سمّوه “القنبلة الإسلامية” يستطيع أن يرى بوضوح هذه الحقيقة بدءاً من اغتيال ضياء الحق حتى الاقتتال الداخليّ الراهن، والتجارب الأخرى ماثلة في الأذهان، ومنها ما يجري في إيران حالياً، بل إنّ استعمال الإمكانات الإسلاميَّة لتحقيق أيّ هدف إسلاميّ أمر لا يقبله الغرب بحال، وحين استعمل الملك فيصل -رحمه الله- سلاح البترول سنة (1973م) دفع حياته ثمناً لذلك، وبذلك تمَّ صرف العقل المسلم عن توظيف إمكانات العالم الإسلاميّ لخدمة ذلك العالم، وإخراجه من حالة التخلّف، ولقد بلغ الأمر حد اعتبار زراعة ما يحقق “الأمن الغذائيّ” لأيّ قطر من أقطار المسلمين عملاً عدائياً للغرب، فهو يجنّد من أجل إيقافه كل ما في جعبته من صنوف الضغط السياسيّ والاقتصاديّ؛ لأنّ المطلوب أن يظل العالم الإسلاميّ مفككاً جائعاً مريضاً تسوده الفوضى والاضطرابات وانعدام الأمن، مستهلكاً لسائر منتجات الآخرين، معتمداً على البترول الذي يتحكمون فيه إنتاجاً واستهلاكاً وأسعاراً أكثر بكثير ممّا يتحكم به أصحابه.

  • تكريس النزعات الفرديَّة والاستبداديّة لدى الحكام، لتسهيل إدارة الصراع الغربية، وتدعيم كل ما يعمق الفجوات بين الحكام والشعوب المسلمة لإيجاد حالة احتماء من الحكام بالخارج، وحالة استلحاق واستتباع للشعوب، إلى أن بلغ المسلمون اليوم حالة جعلتهم بحيث يستنصر فيها بعض الحكام على شعوبهم، وبعض الشعوب على حكامهم، بالأجنبيّ الذي تسلّم -بسعادة بالغة- زمام الجميع؛ فأفقد الأنظمة شرعيَّتها، ودمّر في الشعوب فاعليَّتها.
  • توظيف ما بقى في نفسيَّة الأمَّة من أرصدة العزّة والكرامة والتطلّع إلى الاستقلال والجهاد لدفع الأمّة إلى اتخاذ جيوش تستهلك النصيب الأوفر من إيراداتها، وتتسلّط بها على شعوبها، وتستبد بمقدرات الشعوب، وتفرز بدائل الحكام الذين يفقدون صلاحيّتهم للاستمرار، وتكرّس فيهم حالات التخلّف، وتنشر الفساد السياسيّ والمالي، وتتعامل مع شعوبها وكأنّها عدو في ساحة حرب؛ فتوجد انقسامات، وتكرّس أخرى، وتفقد شعوبها الوعي، وتكرِّس الانتهازيّة والفساد، وتمارس عمليّات الاستقطاب بكل أنواعها إذا استطاعت؛ لتتمكن من مزيد من الاستبداد والفرديَّة.
  • الحيلولة دون قيام أيّ نوع من أنواع التقارب بين شعوب الأقاليم الإسلاميَّة إلا في حدود غير مؤثّرة؛ فلا تعاون ولا مواصلات ولا اتصالات بينها، ولا طرق منظمة، ولا تساهل في التداخل بين الشعوب المسلمة، وهناك تكريس للعزلة فيما بينها، ويكفي مثالاً على ذلك عجز مصر والسودان، وهما البلدان اللذان كانا في الخمسينيات بلداً واحداً يحكمه ملك واحد يطلق عليه اسم “ملك مصر والسودان”، عن مد شبكات مواصلات واتصالات تسمح بتداخل جنوب الوادي وشماله لصالح الطرفين، وتحول دون الوصول إلى الحالة الراهنة؛ حيث يتفكّك السودان تدريجياً، وصعيد مصر مهدّد بأن يكون مثل جنوب السودان في وقت قريب، وفي عام (2017م) سوف تقل حصص مصر من مياه النيل إلى درجة العطش، فقد أقامت إسرائيل مع دول منابع النيل من العلاقات ما يسمح لها بأن تفرض على مصر والسودان معركة مياه لن يكونا رابحَيْن فيها، ولعل الوقت لم يفتْ بعد تماماً ليعمل البَلَدان، ومعهما المجموعة العربية كلّها، على تلافي حدوث ذلك، أو التقليل من آثاره.

ضرورة بناء شبكة مواصلات واتصالات إسلاميّة

إنّ العناية بربط الأقاليم العربيَّة والمسلمة بشبكة واسعة من المواصلات والاتصالات أمرٌ يحتل موقع الضرورة والفريضة الغائبة، ولا بد أن يكون لذلك موقعه في الخطاب الإسلاميّ؛ لتجاوز موقف العجز والتكاسل في هذا المجال.

 إنّ سكة “حديد الحجاز” نموذج شاهد من نماذج عجز المسلمين؛ فلقد فجرّ الكولونيل لورانس هذه السكة بيديه وهو يقود فصائل ثورة العرب ضد إخوانهم الأتراك في (9) شعبان من عام (1916م)، ومنذ ذلك التاريخ حتى يومنا هذا عجزت الأيدي الإسلامية –كلّها- عن أن تعيد بناء ما حطمته يدا لورانس، وفي كل عقد أو يزيد تجتمع الجهات العربيّة المعنيّة، وتَعِدُ بإعادة بناء سكة حديد الحجاز، ثم يُطوى الملف فلا يفتح إلا بعد عقد أو يزيد، وتصدر التصريحات نفسها مع تغيير في التواريخ وحسابات التكاليف، ثم لا يحدث شيء.

   وفي العام الماضي قرّرت السعوديّة ومصر بناء جسر بينها وبين مصر ييسّر عمليّات التواصل البشريّ والتجاريّ فيما بينهما، ويقلل من الأخطار التي يتعرض لها المسافرون بطريق العَبّارات من أبناء البلدين، ثم توقف المشروع من دون إعلان صريح عن الأسباب الحقيقية لذلك التوقف.

العلاقة بين الشعوب والحكام

العلاقة بين الحكام والشعوب في مختلف الأقطار صارت إلى حالة تستدعي الكثير من المراجعة والتصحيح، وقديمًا قال ابن خلدون: “إنّ الحاكم إذا عَدَلَ وأحسنَ فقد يكسب نصف الناس” ونقول: فكيف إذا لم يعدل أو وقع في أخطاء، فإنّه بلا شكٍّ سيخسر كلَّ الناس، وحين يشعر حاكمٌ ما بأنّه فَقَدَ ولاء شعبه وحبَّهم وتأييدهم فإنّه سوف يرتاب فيهم، و”إنّ الحاكم إذا ابتغى الريبة في الناس أفسدهم”، وفي هذه الحالة تسود حالة من أزمة الثقة بين الحكام وشعوبهم، وهي حالة لن يستفيد منها إلاّ المتصيّد الخارجيّ، وعلى حَمَلَةِ الخطاب الإسلامي أن يعملوا على إعادة تأطير العلاقة بين الطرفين، بشكل يعالج أزمة الثقة، ويعيد بناء العلاقة بشكل أفضل.

لقد طغت على الساحة الإسلاميَّة في القرن الماضي روحُ الخطابات الراديكاليَّة، وحركات العنف، والماركسيّة، والصراع الطبقيّ، وغيرها، واستطاعت هذه الروح أن تتغلغل في كثير من الاتجاهات المعاصرة، ومنها الاتّجاهات الإسلاميَّة التي وَجَدَ بعضُها في بعض تراث الفرق والطوائف الكلاميَّة القديمة ما يضفى نوعاً من شرعيَّةٍ على اتجاهات “العنف والصراع المسلّح”؛ فبرز خطاب مَنْ عُرِفوا “بالجماعات الجهاديَّة” التي ترتكب من أعمال العنف ما لا أثر لـه يذكر إلاّ في الجوانب السلبيّة، إذ ما قيمة قتل أجنبيّ أو اغتيال مسئول، أو خطف شخص أو اثنين، وما قيمة ذبح أحد منهم بتلك الطرق الوحشيّة التي تستعدي العالم كلّه؛ ليقف صفاً واحداً ضد المسلمين، وينددّ بالإسلام، وينفِّـر الناس منه، ويضر بقضايا المسلمين!؟.. ثم يأتي أولئك الذين دعوا إلى تلك الأعمال وسوّغوها، وجعلوا من أنفسهم مفتين فيها؛ ليعلنوا بعد عقود من الزمان أنّهم كانوا مخطئين، وأنّ من قتلوهم أو اغتالوهم من المسلمين كانوا شهداء!! ويتم ذلك بعد أن يكون الإضرار بقضيَّة الأمّة قد بلغ غايته.

إن هذه الظاهرة تدل على غياب مفهوم “الأمَّة”، وهزيمته أمام مفهوم “الفئة أو الحزب أو الجماعة أو التنظيم”، إنّها الحالة التي يمكن تسميتها “بحالة الافتئات” على الأمة، وتهميش مفهومها، وإلغاء دورها، وإحلال تلك الفئات أو الأفراد محلّها؛ وذلك لغياب “الأمَّة” مفهوماً ووجوداً، وكان الواجب على الجميع العمل بجدٍّ من أجل إحياء مفهوم “الأمَّة”، وإعادة بناء كيانها، حتى تعود إلى حالة “الشهود” التي أناطها الله بها، وتقوم بضبط العلاقات وتحديدها داخليّاً وخارجيّاً، الأمر الذي يعني تغييراً جذريّاً في طبيعة “الخطاب الإسلاميّ”؛ بحيث يُستبعد منه كل ما من شأنه أن يؤدي إلى الافتئات على “الأمَّة”، وتغييبها، والنطق باسمها، أو التصرف بالنيابة عنها بحال من الأحوال.

وإعادة “بناء الأمَّة” في ضمير أبنائها ووجدانهم، ثم في واقعهم في حاجة إلى أن يكون ذلك جزءاً من “المشروع الحضاريّ الإسلاميّ” الشامل، ولن يبنى هذا المشروع بناءً سليماً من غير تضافر سائر الطاقات العلميّة الإسلامية، لوضع مشروعٍ من شأنه أن يفجِّر طاقات الأمَّة، ويجعلَها قادرة على تجاوز عجزها، واسترداد فاعليَّتها في سلوك سبيل “التجدّد والنهوض”، بإذن الله، فلقد أثبتت سائر التجارب أن سبب أزمات الأمة ومشكلاتها الراهنة إنَّـما يعود إلى تخلُّـفها، بالمعنى الشامل للتخلُّف الذي يتناول الفرد والأسرة والجماعة، كما يتناول سائر مستويات التخلُّف عن القيم، وعن المستوى العلميّ والحضاريّ اللائق بها.

مشكلات الخطاب الإسلامي المعاصر

إنّ الخطاب الإسلاميّ إذا أردنا ذكر خصائصه على سبيل الإجمال نجده يشتمل على الخصائص التالية:

  1. إنّه خطاب يركز على الخلاص الأخرويي- إنّه خطاب يركز على الخلاص الأخروىّ الفرديّ، وحين يتجاوزعلى الخصائص التالية:
  2. أن تعادل صياغته بحيث للعالم العربيّ والإسلاميّ- ّ الفرديّ، وحين يتجاوز الفرد فإنّه لا يعدو أن يكون خطاباً للجماعة أي عدد من الأفراد، يجتمعون في جامع يمكن أن يصلَّوا- معاً- الجمعة والجماعة بالمفهوم الشعائريّ لا بمفهوم “الجماعة المساوي للأمّة” والخطاب لم يوضع ولم يعدَّ بحيث يجعل منهم “جماعة وأمّة” فهو خطاب فرديّ يدور حول خلاص فرديّ أخرويّ.
  3. إنّه خطاب ينطلق من فكرة أداء حامله ما عليه من واجب الدعوة في نظر صاحبه. فينطلق من فكرة: ]مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ[ (الأعراف:164) أكثر من كونه منطلقًا من منطلقات محدّدة باتجاه واقع يدرك حسناته فيعمل على إنمائها وتعزيزها، ويدرك سيئاته ويعمل على تغييرها، فهو خطاب يهدف إلى البناء.
  4. هُوَ خطاب يقوم على تجاوز الحاضر ومغادرة الواقع الحاليّ إلى الواقع التاريخيّ، تعبيرًا عن عجز عن مواجهة هذا الواقع؛ وأحيانًا عن رغبة في الراحة والسكون والدعة والتقليد.
  5. خطاب يقدم «الاستعلاء الإيمانيّ» باعتباره دواءً لكل داء، فما من علّة سياسيّة أو أزمة اقتصاديّة أو مشكلة اجتماعيّة أو قضيّة تربويّة إلا وتواجه بهذا الاستعلاء باعتباره دواءً مريحًا ناجحًا يصلح لكل داء، وحلًّا لكل مشكلة، إذ يجري تحويلها إلى مشكلة لغويّة وفلسفيّة تأمليّة سجاليّة.
  6. هُوَ خطاب يفتقر إلى مراعاة مقتضى الحال بكل مَا يحمله مفهوم «الحال» من معان.
  7. هُوَ خطاب يفتقر إلى «فقه الكلمة» وإدراك أبعاد المسؤوليّة عنها.
  8. هُوَ خطاب يفتقر إلى توخي الهدف بعد تحديده بدقة.
  9. هُوَ خطاب لا يمتلك أدوات النفاذ إلى الواقع والاشتباك معه لإحداث نقلة فيه على المستوى النوعيّ أو سواه.
  10. هُوَ خطاب لحظة ومناسبة؛ لذلك فإنَّه -غالبًا- مَا يتّسم بالعفويّة، ورد الفعل.
  11. هُوَ خطاب تغلب عليه الجزئيّة، فلا ينظر للأمّة بعمومها، ولا إلى الإسلام بشموليّته.
  12. هُوَ خطاب لا يخضع لمقاييس وضوابط صياغة الخطاب ومحاكمته إلى معايير معروفة بحيث يتقرر -وفقًا لها- نجاحه من فشله.
  13. هُوَ خطاب تعوزه الأبعاد المعرفيّة، والمنهجيّة، وما تتوقف عليه من أبعاد عقليّة وخبرات وتجارب علميّة، ووسائل إقناع.
  14. هُوَ خطاب يتسم بالعاطفيِّة، وقد يعتبر قمة نجاحه إثارة الخيال وكسب الاستحسان!
  15. هو خطاب ينظر إلى الفتوى الفقهيّة على أنّها حل سحريٌّ للمشكلات.

مراجعة الخطاب الإسلامي

والخطاب الإسلاميّ المعاصر في أزمة ولا شك وهو في حاجة إلى مراجعة وإعادة صياغة تجعل منه خطابًا قادرًا وفعالا يمكنه أن يجمع طاقات الأمّة في «مشروع نهضويّ حضاريّ واحد»، وليحدث هذا فإنّنا بحاجة إلى تحويله إلى خطاب جادٍّ هادف غائيّ وواقعيّ، وذلك بملاحظة أمور عديدة ينبغي أن يتضمنّها ويوفرها ليكون خطابًا معبّرًا عن شخصيّة هذه الأمّة، محقّقًا لأهدافها وغاياتها، جامعا لكلمتها، مفجرًا لطاقاتها، وليكون كذلك لا بدّ أن يتضمن مَا يلي:

  • إدراك الخصائص الذاتيّة لأمّتنا وبيئتنا ومنطقتنا ومعرفة «المنظور الحضاريّ» القادر على إعادة الفاعليّة الإيجابيّة لأبناء الأمّة وإخراجها بجميع شرائحها من السلبيّة والتواكل.
  • أن يكون خطابًا قادرًا على تحديد أولويّات الأمّة بمجموعها، بدقة وانضباط يحولان دون تفشي ظاهرة الافتئآت على الأمّة، وتجاوزها، وشيوع الفرديّة والحزبيّة الضيقة.
  • أن يكون خطابًا قادرًا على التمييز بين الثوابت والمتغيّرات في الخطاب الإسلاميّ وضرورة ملاحظة الفروق بينها، والتخلّص من فوضى الخلط والتداخل بينها.
  • أن يكون خطابًا قادرًا على إدراك مدى تكيُّف المتغيّرات في الخطاب الإسلاميّ مع الوقائع الجديدة في الحياة: وهل استطاع هذا الخطاب التطور في دائرة البعد التاريخيّ، والامتداد إلى الحاضر، دون السكون في الموقف التاريخيّ لهذا الخطاب خاصّة في مجال المتغيّرات؟ وما مدى فاعليّة «الاجتهاد المعاصر» بالنظر لاختلاف محتواه ووسائله عبر الزمن الواحد من مكان إلى مكان ولقياس هذه الفاعليّة لا بدّ من النظر في آليّات الاجتهاد –باعتباره حالة عقليّة للأمّة- ومدى قدرته على استيعاب البعد الجغرافيّ واختلافه بتلك الآليّات، ومدى استيعابه للبعد الاجتماعيّ واختلافه، ومدى استيعابه للبعد الثقافيّ واختلافه.
  • أن يتجاوز تجاوز الخطاب لقضيَّة طرح الإسلاميّين بديلاً عن النظم الحاكمة الحاليّة بهدف “تطبيق الشريعة” وإعادة إنتاج “صيغة المدينة السياسيَّة” فلقد ثبت عجز هذا الخطاب عن إقناع الأمَّة بأنّ حملة هذا الخطاب يمثَّلون البديل الذي يحقق الآمال خاصّة بعد فشل العديد من التجارب وآخرها “التجربة السودانيّة” في المحيط السنّيّ، والتجربة الإيرانيَّة في المحيط الشيعيّ فضلاً عن تجربة حزب الدعوة ومن إليه في العراق، وأسباب ذلك كثيرة جداً أهمها التعلّق بواقع تاريخي صنعوا له أجمل الصور انطلاقاً من خيال فلم يدرسوه دراسة الخبير البصير المعتبر. لقد تجاهلوا وأولوا أحداثاً وسير أشخاص كان الأجدر أن يركزوا بمعرفيّة ومنهجيَّة على أخذ العبر والدروس منها بدلاً من أن يشغلوا أنفسهم بعمليات التأويل والدفاع أو الهجوم، وتجاهل حكمة القرآن المجيد العليا في قوله تعالى: ﴿تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ (البقرة: ١٣٤)، ونفى المسئوليَّة عن أعمالهم لا يعني عدم أخذ العبرة من قصصهم: ﴿لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأُولِي الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ (يوسف: ١١١).

    إنّنا نواجه في هذا العصر ما لم نواجهه سابقاً، ومنها ما يعرف “بالفوضى الخلاقة” في مستوياتها -كلّها، فوضى مخطط لها، ولأهدافها تستغل الصغير والكبير من الثغرات في واقعنا –كلّه- التاريخيّ والمعاصر، هذه الفوضى تستهدف أصولنا وفروعنا وفكرنا وشعوبنا وبلادنا ومواردنا، وذلك يعني أنَّ أيّ خطاب أو مشروع نحاول التأسيس له سوف يصطدم بجدر وراءها جدر أتقن شياطين الأنس والجن بنائها وإعدادها لإجهاض أيّ شيء نفعله مع توظيف أعلى التقنيات والعلوم وجوانب المعرفة الإنسانيّة -كلّها؛ لجعلنا دائماً مثل أولئك الذين قال الله تعالى فيهم: ﴿لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾ (الحجر: ٧٢)، أو كما في بعض الآثار “في فتنة تدع الحليم حيران” فهي فوضى فكريّة وعقيديَّة وثقافية وفنيّة ونظميّة ودينيَّة ومذهبيّة وأخلاقيّة، فوضى فيها كل عناصر “القوة والغطرسة والمطامع الغربيّة” نقطة ضعفها الكبرى أنّها تأتي على خلاف السنن الإلهيّة “فإنّ الشر لا يأتي بخير” وإن كانوا يرون أنَّ الشر الذي يقع فينا قد يأتي لهم بالخير العميم.

   إنَّ هذه الفوضى تحتاج منَّا إلى استراتيجيّة متقنة مساوية لها في الفعل والتأثير مخالفة لها في الاتجاه، فهي مثل تلك الصواريخ المدّمرة التي لا يوقف آثارها التدميريّة إلا صواريخ اعتراضيَّة أقوى منها تفجرها قبل أن تبلغ أهدافها، أو تحولها إن استطاعت إلى صدور مطلقيها، والخطاب الإسلاميّ بكل جوانبه أعجز من أن يواجه هذه الفوضى، بل إنَّ آثار مقدّماتها بدأت تظهر في فوضى “الخطاب الدينيّ خطاب الفضائيّات الدينيّ والتراشق والتراجم في الفتاوى، والقضايا التي كان يفترض أنّنا قد تجاوزناها منذ أن شهدنا أن “(لا إله إلا الله وأنّ محمداً رسول الله) مثل قضايا السحر والشعوذة بكل أنواعها…”.

     إنّ طاقات الأمّة على اختلافها تتعرض لحالة استنزاف عالية تحتاج إلى عون إلهيّ للإبقاء على شيء منها، ومراكز البحوث التي تصنَّع فيها هذه “الفوضى الخلاقة” صارت تزرع داخل بلداننا، وتغذّى بمواردنا، ويقوم عليها بعض أبناء جلدتنا، وتموَّل من أموالنا، وهنا نجد مظهراً من مظاهر نجاح أصحاب “الفوضى الخلاقة” وذلك بالتأسيس لها على حسابنا.

مقتضيات إعادة بناء الخطاب

 إنّ العمل على إعادة بناء الخطاب الذي يقوم بدورين خطيرين في وقت واحد: دور دفاع متنوع الجبهات، ودور هجوم يعزّز الدفاع؛ حيث إنَّ “الهجوم أعلى أنواع الدفاع”. إنّ هذا الأمر يقتضى ما يلي:

  • تشكيل ما يعرف “بهيئة إدارة الأزمة أو الصراع” التي من الواجب ألا يكون فيها إلاّ أولئك القادرون على “الوعي الإستراتيجي” فكراً وفلسفة وتخطيطاً، وهم أندر من الندرة، خاصة في عالمنا الإسلامي اليوم. ولابد من وضع مواصفات تفصيليَّة لهذا النوع من الطاقات. إنّ القرآن المجيد قد اشتمل على مجموعة كبيرة من الأسس والقواعد والدعائم الإستراتيجية لا يعلمها إلا أولئك الذين يتمتعون بقابليّات “الاستنباط”: ﴿وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلا قَلِيلا﴾ (النساء: ٨٣ (والمتدبّر لآيات “صلاة الخوف” في سور النساء: ﴿وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا * فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا * وَلا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لا يَرْجُونَ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا * إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا﴾ (النساء: 102- 105)  يدهش حين يرى القرآن المجيد يأخذ بالأبعاد “الإستراتيجيَّة في الصلاة، ولا يقضى العجب حين يرى تأويل رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- وتفعيله لهذه الآيات في “صفة صلاته لصلاة الخوف” والآيات والتطبيق النبويّ كلاهما يقدمان لنا دروساً في غاية الأهميَّة في فلسفة الخطاب وفلسفة التلقي؛ بناء فكر إستراتيجي شامل فاعل.
  • إنّ “هيئة إدارة الأزمة أو الصراع” المقترحة تحتاج إلى أعداد كبيرة من العلماء الباحثين الجادّين القادرين على المتابعة والتحليل وحسن التفسير لمساعدة الهيئة في عملها الخطير.

وهؤلاء، أو فريقٌ منهم، مسئولون عن رصد الظواهر المختلفة ومتابعتها، الإيجابيَّة منها والسلبيَّة، في العالم كلّه، وفق جدول أولوّيات؛ لمعرفة كل ظاهرة من الظواهر، ورسم السبل الكفيلة بتوظيفها أو الاستفادة منها في إدارة الأزمة، كما أنَّها في حاجة إلى الباحثين المراسلين من أنحاء العالم كله لمتابعة ما ذكر.

  • لاشك أن ميزانيّة هذا النوع من الجهود ستكون مكلّفة جداً، ولذلك فإنّ الهيئة ولجانها المتخصصة مطالبة بالتخطيط لاستثمار كل ما هو متوافر، أو يمكن توفيره بأموال الآخرين وجهودهم، وإتقان عمليّات الاستفادة والتوظيف لسائر الإمكانات التي يمكن الوصول إليها.
  • مراجعة تراثنا وتاريخنا ورصد جميع الظواهر فيه، الإيجابيَّة منها والسلبيَّة، بدءاً من “جيل التلقي” وانتهاءً “بجيل التقليد والتبعيَّة” الحالي.
  • إدخال مبادئ التأييد والرفض المدنيّ الحضاريّ (العصيان المدني)، وتوظيف المؤسسات والإمكانات القائمة والممكنة لإيجاد الوعي به، ونشر ثقافته، ونبذ العنف والكفاح المسلَّح، خاصَّة على مستوى الداخل الإسلامي.
  • رسم الخطط اللازمة لاحتواء الخطاب والاتجاهات التي انبثقت عن حالات الكفاح والمقاومة المسلحة في مراحل العمل على الاستقلال والتحرير، وتحويلها بقدر الإمكان إلى جزء فاعل في الخطاب المقترح وحملته.
  • التخلص بشكل مدروس مخطَّط له من كثير من الثنائيّات التي يتوزع العمل الإسلاميّ عليها وحولها، ومن ذلك ثنائيَّة “المفكر والفقيه”، و”الصوفي والسلفي” و”الشيعيّ والسنيّ”، وتيّارات “الأصالة والمعاصرة”، و”الرجعيَّة والحداثة”، وما إلى ذلك من ثنائيّات؛ لأنّ “المشروع الحضاريّ المقترح” لابد أن يصاغ بحيث يقنع جميع الفئات المتصارعة بأنّه ليست هناك فئة واحدة تملك معالجة مشكلات الأمَّة، وتقديم الحلول المناسبة لها، وأنّ المشروع المقترح لابد أن يكون قادراً على تفجير طاقات فئآت الأَّمة كلّها؛ بحيث يؤمن كل فريق بضرورة قبوله للآخر وتعاونه معه، أمّا نقاط الاختلاف فقد طورت البشريّة وسائلها العديدة في احتوائها، وتحويلها إلى جزء من عناصر القوّة، لا إلى جزء من عناصر الضعف، بدءاً من اكتشاف “القرعة” وانتهاءً “بصناديق الاقتراع” دون مساس أو تجاوز للقرآن المجيد والسنّة والسيرة العطرة، ثم التجارب الإسلاميَّة في مختلف الفترات التاريخيَّة.
  • إنّ هيئة إدارة الأزمة لا بد لها من التوجيه نحو معرفة إسلاميَّة حقيقيّة بالغرب تنافس مستوى معرفة إدارة الصراع الغربيّة بالمسلمين والعالم الإسلامي، وتتجاوزها، وهذا وحده يحتاج إلى جهود جبَّارة متواصلة، وفترة زمنيّة ليست بالقصيرة، وأموال طائلة.
  • إن سائر من تكون لهم صلة بهذا المشروع مطالبون بأن يكون لديهم وعي برؤية كليَّة إسلاميَّة مشتركة، ومنظور حضاريَّ إسلاميّ قابل للقياس في خطواته كلها، وفي سائر وسائله، ويمكن مراجعته في كل مرحلة، ويكون قابلاً للتعديل في سائر المراحل.

والله المستعان.

 

 

[1] كتب هذا المقال في أغسطس 2008 ولم ينشر في حينه.

([2]) هناك دراسات غربيّة عديدة صدرت وتصدر عن “إدارة الصراع في البلاد المستعمرة وغيرها” تبيّن الكثير من المعلومات عن المهارة الغربيّة في “إدارة الصراع” ولا تخلو منتجات مراكز البحوث والدراسات من صدور الدراسات في هذه الأمور، بل حتى المجلات والصحافة والإعلام المرئي والمسموع صار ميدانا لعرض التحليلات والدراسات في هذا الموضوع.

([3]) من أحسن ما كتب في هذا الشأن سلسلة كتب المؤرخ الراحل محمد عبد الله عنان، والحلل السندسيّة لشكيب أرسلان، وهناك دراسات أخرى، وما تزال هذه الكارثة في حاجة إلى بحوث أعمق ودراسات أشمل لاستخلاص الدروس والعبر.

([4]) أول من استعمل مصطلح “المسألة الشرقيَّة” الأوربيّون حين وصلت جيوش الدولة العثمانيّة إلى فينا عاصمة النمسا في وسط أوربا الحاليَّة، وأرادوا بذلك تحذير الحكومات النصرانيّة من الخطر العثماني الإسلاميّ. ولانشغال الجيوش العثمانيّة بذلك فإنّها لم تستطع نجدة الأندلس والدفاع عنها. وظل المصطلح متداولا حتى أطلق على جهود الأوربيّين في القضاء على دولة “الرجل المريض” أي الدولة العثمانيّة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *