Menu
منهجية التعامل مع التراث الإسلامي - مراجعة لكتاب من أدب الاختلاف إلى نبذ الاختلاف - أُمْنِيّة أهلِ السجود([1]) - The future of Islam in America and west - جانب من جلسات فريق باحثي الأزهر للعمل على وضع منهجية مراجعة التراث - حوار حول الربيع العربي - الإسلام والمسلمون من وجهة نظر غربية - برنامج اخترنا لمكتبتك - معالم في المنهج القرآني - ومضات فكرية

مفهوم المغضوب عليهم

أ.د/ طه جابر العلواني

الحمد لله رب العالمين، نستغفره ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئآت أعمالنا، ونصلي ونسلم على رسول الله ومن اتبعه واهتدى بهديه إلى يوم لقاه.

 سينال المشركين والمنافقين غضب الله في الآخرة، قال (تعالى): ﴿وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيرًا (الفتح:6).

ونتيجة جحود قوم عاد وكفرهم بما جاء به نبي الله هود (عليه السلام) غضب الله (تبارك وتعالى) عليهم، قال (تعالى): ﴿قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَآؤكُم مَّا نَزَّلَ اللّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ فَانتَظِرُواْ إِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُنتَظِرِينَ (الأعراف:71).

وقد استغل المفسدون من قوم موسى (عليه السلام) لحظة ميقاته مع ربه وغيابه عنهم وعبدوا العجل، وبذلك سينالهم غضب الله (تبارك وتعالى) قال (جل شأنه): ﴿إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ (الأعراف:152).

كما أَخْبَرَنَا القرآن الكريم عن غضب الله (تبارك وتعالى) على بني إسرائيل لقتلهم الأنبياء بغير الحق، قال (تعالى): ﴿وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَآئواْ بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَواْ وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ (البقرة:61)، وقال (تعالى): ﴿وَبَآئوا بِغَضَبٍ مِّنَ اللّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَيَقْتُلُونَ الأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ (آل عمران:112)، وجاءت الآيات من سورة البقرة (89-91) لتبيّن حقيقة بني إسرائيل وكفرهم بما نزل على مُحَمَّد (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو الَّذِي جاءه القرآن المجيد مصدق لما نزل عليهم من قبل، ولظلمهم هذا وإعراضهم ازدادوا غضبًا من الله (تبارك وتعالى) على الغضب الَّذِي لحقهم من قبل.

من خلال الآيات السالفة الذكر وغيرها في القرآن الكريم، يتضح أنَّ الغضب هُوَ الإبعاد عن رحمة الله (تبارك وتعالى) في الدنيا والآخرة، كما أنَّ غضب الله (تبارك وتعالى) يعود على المجرمين والمنافقين والمشركين والكافرين والذين حرَّفوا وبدَّلوا مَا جاءهم من عند الله (تبارك وتعالى)، واستبدلوا الذي هو أدنى بالذي هو خير. فهؤلاء حرموا أنفسهم وأعرضوا عن نعمة الله (تبارك وتعالى) وهي نعمة الإيمان بما أنزل من الكتاب، والنصارى كذلك، كما حذَّر القرآن الكريم المؤمنين ألّا يتولوا هؤلاء، فمن تولاهم فهو منهم، قال (تعالى): ﴿يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ (الممتحنة:13).

إنَّ غضب الله (تبارك وتعالى) يلحق كل ظالم لنفسه بغير حق، فمن قتل مؤمنًا متعمدًا بغير حق غضب الله عليه، قال (تعالى): ﴿وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا (النساء:93).

إنَّ غضب الله (تبارك وتعالى) في الآخرة هُوَ العذاب الأليم والمهين، ودخول جهنم. وقد يلحق غضب الله (تبارك وتعالى) في الدنيا لمستحقيه بزوال النعم وما يحل عليهم من المصائب. فالأنواع الثلاثة التي غضب الله (تبارك وتعالى) عليها من المنافقين والمشركين والكافرين من أهل الكتاب شملتهم سورة الفاتحة -بالمغضوب عليهم- فهؤلاء المغضوب عليهم ليسوا على صراط الله في شيء، وهو دين الإسلام الَّذِي دل عليه القرآن المجيد. كما أنّ هذا اللفظ لم يذكر بهذه الصيغة -المغضوب عليهم- إلّا مرة واحدة في سورة الفاتحة، لكن نجد أخرجه من هذا الشمول في الآيات القرآنيَّة الأخرى والتي أوردنا الكثير منها.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *