Menu
منهجية التعامل مع التراث الإسلامي - مراجعة لكتاب من أدب الاختلاف إلى نبذ الاختلاف - أُمْنِيّة أهلِ السجود([1]) - The future of Islam in America and west - جانب من جلسات فريق باحثي الأزهر للعمل على وضع منهجية مراجعة التراث - حوار حول الربيع العربي - الإسلام والمسلمون من وجهة نظر غربية - برنامج اخترنا لمكتبتك - معالم في المنهج القرآني - ومضات فكرية

رأي الدكتور حول قضية المآذن في سويسرا

الأخ الأستاذ: همام عبد المعبود السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

تلقيت رسالتكم حول “أزمة المآذن” في سويسرا أولا: أرجو حذف الألقاب التي وضعتها في مقدمة رسالتك ويكفيني اسمي الذي أنادى به يوم القيامة، فلا مفكر ولا إسلامي ولا عراقي ولا الدكترة وشكرا لك، لكن لك أن تضع ذلك في تحقيقك وليس في مخاطبتك لي، ثانيا: بالنسبة لما نقلتموه عن أصحاب المبادرة في البند الأول من رسالتكم أن منع المآذن إجراء احتراذي أو استباقي لما يرونه من زحف للأسلمة على المجتمع السويسري وأن هذا المنع يأتي في إطار الدفاع عن الهوية النصرانية اليهودية للمجتمع السويسري وأود أن أقول في هذه النقطة قد أفهم أن سويسرا غالبية أهلها نصارى وفيها أقلية يهودية وأقلية مسلمة فلماذا تصبح اليهودية وهي غير النصرانية جزء من تلك الهوية اعترافا بالأقلية اليهودية ولا يلتفت إلى أن الأقلية المسلمة في وجودها لا ينبغي أن تكون أقل شأنا في التأثير في الهوية السويسرية من اليهودية. كما أن تحديد الهوية بدقة يقتضي أن يخبرنا هؤلاء عن مكوناتها بتفصيل لكي يعرفوا ونعرف العناصر الأساسية في تكوين تلك الهوية والعناصر التي ينبغي استبعادها لحماية تلك الهوية أو الدفاع عنها. ولنفرض أن هناك زحف للأسلمة فبأي معنى ينظرون لهذا الزحف فحين يشترون البترول من بلاد المسلمين ويكنزون أموال المسلمين في بنوكهم ويستقطبون طلابا وسواحا مسلمين ويبيعون للمسلمين بضائعهم من الساعات وغيرها وتذهب شركاتهم إلى بلاد المسلمين لما لا يعد ذلك زحفا لأسلمة أو تداخلا معها ويعد بروز رأس مئذنة ذات شكل جميل يضفي على أي موقع يكون فيه جمالا وبهاءا خطرا على الهوية؟! مع أن فيه إشارة للتنوع والتعدد التي تعتبر مفخرة من مفاخر المجتمع السويسري وما أضعف الهوية التي يهددها رمز جمالي ثقافي مشترك ولما لم يعتبر الأسبان أن وجود الآثار الإسلامي وما أكثرها يشكل تهديدا لهويتهم النصرانية ولماذا احتضنوا ذلك كله واعتبروه جزء من تراثهم مع أن في ذلك تذكيرا دائما ومستمرا بأن أسبانيا هي أندلس المسلمين وما إلى ذلك. فحجة هؤلاء ضعيفة للغاية ولا تستحق الضجة المثارة حولها، ثالثا: النقطة الثانية في رسالتكم مخاوفهم من أن تكون البداية مآذن إسلامية وتنتهي بالمطالبة بتطبيق الشريعة. ولنفرض أن ذلك سيحدث فيفترض أن البلد ديمقراطي وأن أهله جميعا يتحاكمون إلى دستور وقوانين اختاروها بأنفسهم والتزموا بها بشكل ديمقراطي منفتح غير مغلق فالإطار الديمقراطي السليم كفيل بأن يستبعد ما يصتدم مع الدستور والقوانين وأعراف الأكثريات ويشكل تهديدا لهم وللهوية المشتركة التي يتعذر أن تحكم الأقلية الأكثريات في أي نظام ديمقراطي، رابعا: ما يحتجون به من أن الأقليات المسيحية في البلدان المسلمة لا تتمتع بالحريات التي يريد المسلمون في الغرب أن يتمتعوا بها ذلك محض افتراء، إذ ما من بلد مسلم إلا وفيه آلاف الكنائس فمصر التي لا يزيد عدد الأقباط فيها عن سبعة في المئة فيها ما يزيد عن ثلاثة آلاف كنيسة إضافة إلى الجامعات والمدارس والأديرة وما شاكل ذلك، ونحن لا نريدهم أن ينظروا للمسلمين إلا على أنهم مواطنون لهم ما لبقية المواطنين من حقوق يضمنها الدستور وعليهم مثل تلك الواجبات، خامسا: فيما يتعلق بالنقطة الرابعة في رسالتكم حين أرى النظرة الغربية للمسلمين سواء في الغرب أو في العالم الإسلامي لا أشعر بتفاؤل كبير حول مصير الوجود الإسلامي في الغرب بصفة عامة لأن النظرة الغربية للمسلمين متأثرة بشكل كبير بالرؤية الصهيونية اليهودية إلى العرب المسلمين وهي في حالة صراع دائم ومستمر ومع أن العرب واليهود ساميون ولكن قوانين حماية السامية اقتصرت على الصهاينة واليهود ولم تشمل العرب المسلمين وما لم ينتهي الصراع الصهيوني اليهودي العربي فستبقى الدعايات والإعلام الصهيوني نشطا في مقاومة الوجود الإسلامي في الغرب لأن الصهيونية قد استفادت كثيرا من الوجود الصهيوني اليهودي في الغرب إذ بذلك الوجود حصلت على وعد بلفور وبذلك الوجود حصلت على كل الضغوط التي وجهت إلى العرب والمسلمين لفتح أبواب الهجرة اليهودية إلى فلسطين وبذلك الوجود في الغرب حصلت على كل الدعم المطلوب لإقامة الدولة الصهيونية العبرية والاعتراف بها وهي تخشى من تهديد ذلك كله لو صار للمسلمين وجود مؤثر وفاعل في الغرب ولذلك فإنها ستحاول دائما خلق مشكلات للمسلمين في الغرب وتدعيم الإسلاموفوبيا لحرمان المسلمين والعرب من أن يكون لهم وجود فاعل وعلاقات طبيعية مع الغرب أما المسلمون أنفسهم فإنهم مهيؤون فكريا وثقافيا وفقهيا للإندماج مع جيرانهم وإخوانهم في بلدانهم وخاصة بالنسبة للجالية المسلمة المقيمة في سويسرا فسويسرا بلد تعددي متسامح متنوع منفتح سياحي مهما وجد فيه من أحزاب متشددة أو راديكالية فإنها لن تستطيع أن تغير طبيعته المنفتحة ولن تستطيع أن تفقد ذلك المجتمع المتوازن توازنه لتدفعه نحو التشدد ضد هذه الشريحة أو تلك من شرائح المجتمع السويسري أقترح أن يقوم المهندسون المسلمون في سويسرا بتصميم مآذن لمساجد المسلمين هناك تجمع بين الخلفية الإسلامية للمآذن والأبعاد الحضارية والقيم التي يتبناها المجتمع السويسري فلقد عرف العالم الإسلامي تنوعا وتعددا في أشكال المآذن فهناك مآذن تأخذ شكل قلم الرصاص ومآذن تأخذ أشكالا قاجارية فارسية ومغولية وأسيوية وعربية ومآذن تأخذ شكل منائر الموانئ وأتمنى أن أجد في سويسرا مآذن تنبه إلى الخصوصيات السويسرية في هندسة وأشكال المآذن لينتقل هذا النقاش من الجانب الديني الضيق المتشدد اليميني إلى الجانب الحضاري وأتمني أن أرى تصميم لمئذنة سويسرية يسهم فيها مهندسون مسلمون وغير مسلمين وفقكم الله لما يحبه ويرضاه والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.           

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *