Menu
منهجية التعامل مع التراث الإسلامي - مراجعة لكتاب من أدب الاختلاف إلى نبذ الاختلاف - أُمْنِيّة أهلِ السجود([1]) - The future of Islam in America and west - جانب من جلسات فريق باحثي الأزهر للعمل على وضع منهجية مراجعة التراث - حوار حول الربيع العربي - الإسلام والمسلمون من وجهة نظر غربية - برنامج اخترنا لمكتبتك - معالم في المنهج القرآني - ومضات فكرية

حوار حول ورقة فيشمان

بسم الله الرحمن الرحيم

                                                  

                                                                                    الثلاثاء‏، 19 أبريل‏، 2005

 

عزيزي الأستاذ شماي فيشمان

 

          سلام عليكم وأرجو أن تكون وأسرتك وأستاذك ومن حولك بخير وعافية وبعد،،،

          فقد تلقيت رسالتكم الكريمة التي تساءلتم فيها عن موضوع الاجتهاد وأرسلت لكم بجوابها حين كنت في زيارة للمغرب. وقد اطلعت على ما كتبتموه من خلال الموقع: (www.e-prism.org)، وأشكركم على حسن الظن والكلمات الطيبة التي ذكرتموها عن شخصي الضعيف حيث لا أرى نفسي أكثر من طالب علم وباحث يحاول الوصول إلى نوع من الفهم لقضايا صارت تحتل حيّزاً مهمّاً من تفكير المفكرين في عالمنا هذا. وأودّ بهذه المناسبة أن أوضّح لكم بعض الأمور:

 

أولاً: أنا لا أرغب أن أُصنَّف أو أُنسب لأية حركة إسلامية أو غيرها، لا راديكالية ولا وسطية ولا غيرها، لأنني أؤمن إيماناً عميقاً بأن القيادات الدينية والذين يحملون أية صفة دينية ولو لم يكونوا من القادة يجب عليهم أن يكونوا للإنسانية كلها. ولا يجوز لهم أن ينحازوا إلى أية فئة. أما أنا شخصيّاً – فبكل تواضع – أؤكد لكم أننى أعتبر نفسي خادماً للإنسانية بقطع النظر عن الدين والعنصر واللغة والموقع الجغرافي أو الإقليمي، لأن الدين لله تعالى، والله – تبارك وتعالى – هو الرحمن الرحيم الخالق لكل شيء. وهو الذي منحنا الدين ليجعل منا خلفاء في الأرض نعمرها جميعاً باعتبارنا أسرة إنسانية تنزلت من أب واحد وهو آدم وأم واحدة وهي حواء. وبالتالي فإن جميع الفوارق بين البشر، ومنها الفوارق الدينية  إنما هي لتهيئة سبل ووسائل التعارف بين البشر، لكي يتعارفوا ويتآلفوا ثم يتعاونوا على كل ما هو خير. ولذلك فإنني من هذه الزاوية لا أستطيع أن أجد لنفسي موقعاً في أية حركة إسلامية أو غير إسلامية تحُدُّ من هذا الانتماء الإنساني، أو تقلصه أو تحصره في دائرة ضيقة. ولقد شعرت من خلال ما كتبتم أنكم وضعتموني ضمن تيار الوسطية، وسحبتم على فكري وما أقدمه توجه هذا التيار. وأنا أفضل أن أعامل شخصيّاً ويعامل فكري وإنتاجي على أنه مستقل.

 

ثانياً: حينما عملت على استبدال “دار الحرب” و”دار الإسلام” و”دار العهد” التي أسّس لها قديماً صاحب الإمام أبي حنيفة محمد بن الحسن الشيباني، ثم أضاف الإمام الشافعي “دار العهد”، رفضت هذه القسمة وأعطيت بدلا منها بدائل “دار الإجابة” بدلاً من دار الإسلام، و”دار الدعوة” بدلاً من دار الكفر؛ وأعني بها الدخول في حوار مع أهل هذه الدار يؤدي إلى فهم مشترك وقبول كل من الأطراف للآخرين. ولم أعن ما ذكرتم أنني أريد من المسلمين ممارسة الدعوة حتى الوصول إلى السلطة والدولة وتطبيق الشريعة وما شاكل ذلك. فهذا الفهم لم يخطر لي على بال، ولا أرضى لك – باعتبارك باحثاً جاداً-  أن تحمل كلامي ما لا يحتمله. فـ”دار الإجابة” هي كل أرض استجاب أهلها للوفاء بالعهد الإلهي مع البشر، وقبلوا أمانة الاستخلاف وعملوا على الوفاء بمتطلباتها، وحملوا الأمانة الإلهية بإخلاص إلى البشرية كلها، لا ليفرضوا عليهم ديناً أو سلطاناً، بل ليشركوهم فيما يؤمنون بأنه خير إن شاؤوا ذلك وقبلوه. و”دار الدعوة” هي دار أهلها في حاجة إلى أن يُذكَّروا بالعهد الإلهي مع البشر المشتمل على وجوب إقامة الحق والعدل في الأرض وإعمارها وجعل البشر كلهم إخوة كلهم لآدم وآدم من تراب. فأنا مؤمن بوحدة البشرية ومؤمن بوحدة الأرض بيتاً لهذه الأسرة البشرية لا ينبغي لها أن تفرط في جزء منها، أو تجعل منها خراباً غير صالح للحياة الإنسانية. والأرض كلها – فيما أؤمن به – مباركة. وهناك بقعتان من الأرض اتصلا كلاهما بأبينا المشترك إبراهيم هما: الجزء المقدس من مدينة القدس الذي  بارك الله حوله، والجزء المحرم في مكة. فهاتان البقعتان أضفى الله – تبارك وتعالى – عليهما القدسية والتحريم ليكونا نموذجين أمام البشرية ليذكر بني آدم كلهم خاصة الموحدين منهم وهم اليهود الذين التزموا بالإيمان بوحدانية الله تعالى، والمسلمون الذين التزموا بذلك أيضاً تذكرهم بأن لله – تعالى الواحد الأحد – أن يصطفي من الملائكة رسلاً ومن الناس، وأن يصطفي من الأرض التي خلقها بيتاً للإنسان أجزاءاً يمنحها القدسية والتحريم، كما يصطفي من الزمن أياماً يضفي عليها نوعاً من الامتياز. فذلك سوف يشجع الإنسان على أن يسمو بأشواقه ويتطلع إلى الاقتراب من الله – تبارك وتعالى – وإخلاص التوحيد له والعبادة لوجهه ليسمو بروحه. والله – تبارك وتعالى – حين اختار بني إسرائيل واصطفاهم إنما أراد بذلك أن يحملهم أمانة أساسية هي بناء النموذج الذي يمكن للبشرية أن تقتدي به في توحيده لله وعبادته له، وإعمار الأرض وإبعاد شبح الخراب عنها، وبناء الأخوة الإنسانية. وأترك لك الفرصة لتراجع تاريخ بني إسرائيل قديماً وحديثاً لتستطيع أن ترى موقع ذلك الاصطفاء من حياة هذا الشعب، ومدى قيامه بالأعباء التي تمثل شروطاً لذلك الاصطفاء.         

وإذا كان الله – سبحانه وتعالى – قد كلّف أولاد إسماعيل بأن يحملوا الرسالة بعد أن مرّ بنو عمهم إسحاق بالظروف التاريخية التي تعلمها، وجعل منهم “خير أمة أخرجت للناس” واصطفاهم كما اصطفى بني عمومتهم من قبل فذلك يعني أنه قد اختبر الفريقين: بني إسرائيل وبني إِسماعيل، ليجد من بين الأمتين الأمة التي تستطيع أن تجسد قيم التوحيد أمام البشرية. وينبؤنا القرآن بأن بني إسرائيل قد صبروا على المهمة وأدائها فترة قصيرة ثم بدأت موجة انحرافات، حتى ورد في سورة الجمعة، الآية الخامسة، قوله تعالى: ﴿مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (الجمعة:5) وأنت تعلم كيف يحمل الحمار الكتب.

المهم من ذكر هذه الآية أن أقول لك بأنني حين أقرأ هذه الآية على بعض المسلمين في محاضراتي ودروسي أستبدل كلمة التوراة بالقرآن وأقول “مثل الذين حمِّلوا القرآن ثم لم يحملوه كمثل الحمار يحمل أسفاراً”. فالأمتان – في نظري المتواضع – فقدتا شروط الاصطفاء الإلهي، ولم يعد أبناء إبراهيم جميعاً سواء أبناء إسحاق أو أبناء إسماعيل قادرين في وضعهم الحالي على تقديم النموذج المطلوب للبشرية.

إننا في حاجة إلى مفكرين أكفاء ينتمون إلى البشرية كلها، وينظرون إليها في وحدتها لكي نتوقف عن الصراع على أمور أرادها الله أن تكون وسائل هداية وحفز على التآخي والتآلف والتعاون والتنافس في الخيرات لا في الشرور والآثام والصراعات.

أرى أن من أعقد المشكلات التي يواجهها اليهود والمسلمون معاً هي تشبث الفريقين بصفة “الخيرية والاصطفاء” وهي صفات لم تعد في نظري المتواضع موجودة بشكلها الذي جاء به موسى وأنبياء بني إسرائيل ومحمد -عليهم جميعاً الصلاة والسلام. فلو أدركت الأمّتان أن الاصطفاء والاختيار الإلهي يعتمد كل منهما على مواصفات لا بد من توافرها، وإذا لم تتوافر فإنه تفقد الأمة تلك الصفة التي فقدت من قبل شروطها. لذلك فإنني أرى أن من واجب رجال الدين الإسرائيليين والكُتّاب والمفكرين ونظراءهم من المسلمين أن يعملوا على إعلاء شأن القيم المشتركة وأهمها قيمة التوحيد، والإحساس بالانتماء إلى الأصل الواحد والهدف الواحد، وأن “الخيرية والاصطفاء” من الصفات المتحركة التي يمكن أن تفقدها الأمة إذا ما فقدت شروطها.

          أودّ أيضاً أن ألفت نظرك إلى ما أبرزته بقوة حول لقائي بالأمير فهد بن عبد العزيز لكي تكون دقيقاً في دراستك. فأرجو التصحيح: فذلك اللقاء قد تم وكنت مع وفد من الأفرو-أمريكان (Afro-Americans) يرأسه السيد وارث الدين محمد، ومعه مجموعة من العاملين في المؤسسات الإسلامية، وكنت يومها أستاذاً في الرياض. ولأن وارث الدين كان ضيفاً على جامعتنا هو ومن معه كلفت باصطحابهم لمقابلة الأمير فهد بن عبد العزيز باعتباره ولياً للعهد آنذاك. وخلال الأحاديث كان بعض رجال الوفد يشتكون من تدخل بعض الحكومات الإسلامية في شؤون الأقليّة المسلمة أرادوا بذلك لفت نظر الأمير إلى أن السعودية واحد من تلك الحكومات المطلوب منها الامتناع عن التدخل في شؤون الأقليّة المسلمة في أمريكا وأوربا، وأنها إذا تبرعت ببناء مسجد أو مدرسة أو شيء من هذا فينبغي أن يكون ذلك تبرعاً غير مشروط. فأكد الأمير آنذاك أن السعودية لا تستهدف التدخل، وأنه يوصي الجميع بألاّ يسمحوا بالتدخل في شؤونهم. فأرجو تصحيح هذه في أية كتابة لك لاحقة، وتوضيح هذا الموضوع خوفاً من اللبس وحذراً من سوء الفهم، ورغبة منّي في أن تكتسب باعتبارك باحثاً صفة الدقة والموضوعية فيما تكتب. فذلك مهم جدّاً لمستقبلك.

 

           كما أود أن ألفت نظرك أيضاً إلى قضية المرشد الديني (Chaplain) الذي ذكرت أنه تخرّج من مدرستنا. والحقيقة أنه قد تخرج من سوريا وأن علاقته بمدرستنا لم تعْد أن البانتغون (Pentagon) قد طلبت منا النظر في شهاداته وبيان ما إذا كانت معادلة لبرنامجنا الذي اعترفت البانتغون به باعتباره البرنامج المقبول لديهم. وقد عرضت أوراقه وبرنامجه على لجنة المعادلة فأرسلت برأيها إلى الجهة العسكرية التي طلبت ذلك وهذا كل علاقته بنا. كما أنّ الرجل قد تمت محاكمته عسكرياً وثبتت براءته، وأنه لا صلة له لا بقاعدة ولا بقاعدين؛ واعتذرت الجهة الرسمية منه ومع ذلك فقد أصر على الاستقالة وعدم الاستمرار في الوظيفة التي أسيئ فهمه فيها.

          الأمر الثالث: شعرت أنك تحاول أن تربط بيني وبين رئيس بلدية الفلوجة لأن كلينا يحمل لقب العلواني. ولعلمك فإن البوعلوان عشيرة كبيرة يسكن نصفها في محافظة الأنبار منتشرين بين الفلوجة والرمادي، ويسكن نصفها الآخر في المناطق الشيعية في المُسَيَّب وجرف الصخر وهؤلاء كلهم شيعة. والعشيرة بمجموعها تبلغ ما يزيد عن 30,000  أسرة وهي منتشرة ليس في العراق وحده بل في سوريا والسعودية واليمن وغيرها. وقد يكون الآن بعضهم في إسرائيل، لا أدري. فأرجو ملاحظة ذلك أيضاً.

          كما أن موضوع الشهادة على الناس- my cousin Shamai – هو مفهوم مهم وقد ذهبت به مذهباً بعيداً تماماً عن اللغة وعن الفقه الإسلامي، لأن الشهادة – أيها الصديق – هنا ليست من الشهيد. فالجذر اللغوي للشهيد جاء من شهِد، والشهادة مصدر يعني الحضور. فالشهيد يراد به من تحضر الملائكة موته، والشهيد على الناس من الشهادة فهو من أولئك الذين سوف يشهدون على الناس وعلى أعمالهم ولن يكونوا من المتهمين يوم القيامة بما فعلوا. فهي قضية أخروية وعلاقتها في الدنيا: أن الأمة الشاهدة مهمتها أن ترقب خطوط الاستقامة والانحراف في المسيرة الإنسانية. فإذا استطاعت أن تقوم بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والنصح للآخرين وقبلوا ذلك منها فقد تحقق المراد. وإلاّ فسوف تشهد عليهم في الآخرة أنها قامت بواجبها وأمرت بالمعروف ونهت عن المنكر ولم يستمع الآخرون لها؛ ولذلك فالحوار بين الله وعيسى في سورة المائدة في القرآن – وأرجو أن ترجع إليه – قال فيه: ﴿ … وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَّا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (المائدة:117). فهذا النص يوضح لك تماماً أنّه وإن اتفقت الكلمات فإن المعاني مختلفة جدّاً. وأنا لا أريد لباحث مثلك جاد أن يرتكب مثل هذه الأخطاء. وليتك تشاورت معي قبل أن تنشر ما نشرت لكنت صححت لك هذه الأمور وحُلْتُ بينك وبين الوقوع في أخطاء معرفية ومنهجية مثل هذه. ولا شك عندي أنها غير مقصودة ومع ذلك فمبروك عليك الجائزة التي حصلت عليها! ولكن ألا ترى أنني أستحق نصفها على الأقل باعتباري الموضوع أو المشروع؟ كما تحب أن تسميني.

          أبلغ أستاذك تحياتي وأهلك كذلك، وأرجو أن يكون العلم رحماً بين أهله ووسيلة تعارف وتآلف لا تكاذب وتنافر. وأرجو أن تتذكر ابن زكاي وابن ميمون وابن رشد وأمثال هؤلاء الذين  استطاعوا بتعاليهم عن التعصب وترفعهم أن يضعوا “دلالات للحائرين”.

          شكراً لك مرة أخرى أن جعلتني أفتح لك صدري وأكشف لك عن شيء لا يمكن لكل أدوات التحليل أن توصّلك إليه؛ مع أنني أؤكد لك أنني لم أصل إلى هذه القناعات وأنا في السبعين من عمري الآن – هكذا –  دون أن أمرّ بمراحل عديدة وتطورات فكرية كثيرة. ولذلك فإن من يقرأ كتاباتي قبل ثلاثين عاماً قد لا يجد فيها هذه الروح، ومن هنا لا بد لنا أن نحسن قراءة الناس ونتبين المراحل التي مرّوا بها وننسب لكل مرحلة ما يخصها من أفكار إذا وضعت في إطارها فستبدو معقولة بالنسبة لتلك المرحلة، وإلاّ فقد ينظر البعض إلى سيدنا موسى – عليه السلام – أنه ربيب لفرعون عاش في كنفه ونشأ وترعرع في قصره حتى أطلق عليه البعض Prince of Egypt. وإذا لم ننظر إلى شخصية موسى – عليه السلام – في تكاملها فقد ننسبه إلى القتل لأنه قتل المصري، وقد ننسبه إلى أي شيء آخر في مراحل حياته المختلفة. فالباحث يجب أن يأخذ ذلك في نظر الاعتبار. وإذا درس شخصية ما فعليه أن يدرسها في إطارها الكلّي وبمراحل حياتها المختلفة لكي لا يسيئ الفهم ويسقط ما كان في مرحلة على مرحلة أخرى فيخطيء. أعود إلي تلخيص رؤيتي لك بأنني أنتمي إلى البشرية كافة وأؤمن بالتوحيد: وحدانية الله ووحدة الأنبياء ووحدة رسالاتهم ووحدة الدين، وأتطلع إلى غد أفضل لأسرتنا البشرية ولبيتنا المشترك الأرض، وقيمنا المشتركة في التوحيد والتزكية والعمران.

          أتمنى لك التوفيق مع مزيد من التواصل سائلاً الله – تبارك وتعالى – أن يهيئ لأسرتنا البشرية أمر رشد ينقدها من جميع عوامل الصراع والاختلاف. إنه سميع مجيب ولك تقديري.

 

طه جابر العلواني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *