كيف نتدبر القرآن الكريم؟
الجواب:
تبدأ بالقراءة المتكررة مع الوقوف عند كل آية ومحاولة فهمها بشكل عام أولًا ثم محاولة معرفة ما تتعلق به أهو من عالم الغيب أم من عالم الشهادة؟، ثم معرفة القيمة العليا التي تتصل بها أهي التوحيد أم التزكية أم العمران أم الأمة أم الدعوة؟، ثم معرفة ما إذا كانت تصنف في الأوامر أم النواهي بحكم ما تشتمل عليه والعموم أو الخصوص والإطلاق أو التقييد ثم تقرأ الآيات مجتمعة لتحديد المناسبة بين آية وأخرى والعلاقة التي تربط بينها والأخرى والعلاقة بينها وبين السابق لها واللاحق لها، ثم محاولة الكشف عن السياق التي جاءت به أو إخبار أم قصص أم أمثال أم إنشاءات ثم محاولة النظر في الآيات المماثلة لها، والتي تشكل أشباه ونظائر لها وفي كل خطوة يحتاج الباحث أن يدون في دفتر للملاحظات ما توصل إليه ويستطيع أن يعيد القراءة عدة مرات ويدون المعاني الإضافية في كل مرة حتى يبلغ الإحساس بأنه ليس لديه مزيد من المعاني يمكن أن يضيفه وتوقفت إرادة التساؤل لديه ثم بعد ذلك يستطيع أن يستخلص المعنى الكلي لمجموعة الآيات أو السورة التي قراءها وتدبرها.
أما تنمية المهارة الذهنية لديه فتحتاج إلى أن يتعلم كيف يمرر ما يقراءه بعينيه إلى لسانه لينطق به ثم يعرج به إلى المخ “الجهاز العصبي” ليفكر فيه ويعيد ما يكتسبه إلى القلب وذلك ليجعل معاني القرآن تجري منه مجرى الدم وتفعل مثل ما يفعل الدم ويتأمل قوله جل شأنه: ﴿ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ﴾ (الشعراء:194) لتكون من المنذرين فهذا الكتاب من شأنه أن ينزل على القلب أولًا فينفعل به ويتفاعل معه ثم يأخذ دورته الكاملة حتى يبلغ بالمتدبر حالة الوعي بما قراءة وتدبره وهذه حالة تحتاج إلى تدريب بحسب طاقات المتدرب فقد تأخذ منه بضعة أشهر أو سنة أو أكثر ليتعلم تفكير التدبر أو التفكير التدبري بالقرآن الكريم ويرقى شيئًا فشيئًا حتى يمارس سائر أنواع التفكير فيه ويصبح ملكة راسخة في نفسه حاضره على الدوام والله أعلم .