أ.د: طه جابر العلواني
الأستاذ الرئيس أحمدي نجاد رئيس جمهوريَّة إيران عوَّد الأمم المتحدة على مفاجئآته الحادة، كان من الممكن أن يعلن في كلمته المطولة في الجمعيَّة العامَّة سقوط النظام الشيوعيّ الذي مر على صدور شهادة وفاته اثنان وعشرون عامًا، حيث صدرت شهادة الوفاة 1989م، ويبيِّن بأنَّ الأزمات الحادة التي يترنح تحتها النظام الرأس مالي سوف تودي به عاجلًا أو آجلًا، خاصَّة بعد أن سقط مشروع إنقاذ الرأس ماليَّة الماركسي، وأصبح النظام الرأسمالي نظامًا وحيدًا في العالم تسقط على أم رأسه سائر الأزمات، ولا يكاد ينتهي من معالجة أزمة إلا وتظهر أزمة أخرى.
وكان في مقدور السيد الرئيس الإيرانيّ أن يقدم بين يدي الجمعيَّة العامَّة مشروع المرحوم الشهيد محمد باقر الصدر، الذي عبَّر عنه في دراسات عديدة منها: (اقتصادنا، والبنك اللاربوي في الإسلام، وفلسفتنا) ودراسات كثيرة أخرى، فيقترح على العالم بدائل قرآنيَّة تستبعد الربا وتحارب الاحتكار، وتعيد النظر في سياسات الإنتاج والتوزيع والاستهلاك انطلاقًا من قول الله -جل شأنه: ﴿… وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا …﴾ (فصلت:10)، وقوله: ﴿وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ عِندَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ﴾ (الحجر:21)، وأحاديث نبويَّة كثيرة، وأقوالًا للأئمة، وفي مقدمتهم الإمام علي الذي انتشر وشاع قوله المشهور: “ما جاع فقير إلا بتخمة غني”، فكلما أخذ الأغنياء ما لا يستحقون اختل نظام التوزيع في العالم وانتشر الفقر في جوانب منه وبرز الغنى في جوانب أخرى.
وفي هذه الأمور كان يمكن أن يجد من المفكرين الغربيّين الكثير ممن يتفهمون ما يقول ويؤيدونه فيه، فإنَّ كثيرًا من البنوك الغربيَّة في الولايات المتحدة وفي أوربا قد بدأت تتفهم خطورة الربا وفائض القيمة، وتوظيفه لمراكمة الأموال والفوائد، ويتمنَّون لو وجدوا سبيلًا لتجاوز ذلك والتخلص منه، لكنَّه آثر الطريق الصعب، وأصرّ أن يسلك السبيل الصفويّ، الذي لا يجد دليلًا واحد من الكتاب الكريم يدل عليه أو يؤيده، ألا وهو دعوى مجيئ المهدي المنتظر، وهي دعوى وردت في أحاديث آحاد ما زالت حتى اليوم تحتاج إلى كثير من الفحص والتدقيق في أسانيدها وفي متونها، خاصَّة والقرآن لا يشهد لموضوعها بالإمكان العقليّ، والوقوع الفعليّ.
فاختار أن يعلن أنَّ هناك حاكمًا للعالم يقبع في جبل من جبال الشام يسمى جبل (رضوى) يعيش على العسل والماء، وينتظر الإذن في الخروج من ذلك الجبل، ليؤسّس دولته التي سوف تملأ الأرض عدلًا بعد أن مُلِأت جورًا؛ ولأنَّ السيد أحمدي نجاد يعرف أنَّه يتحدث في بيئة تسودها النصرانيَّة فقد أعلن تحالفًا من طرف واحد مع النصرانيَّة ليأتي بسيدنا عيسى -عليه السلام- مع المهدي؛ ليشكل النظام الموحَّد البديل عن النظام الرأس مالي، ويحققا معًا العدل، وهذا ما لم يرد في أي نص حتى من تلك النصوص المشكوك فيها التي وردت في موضوع المهدي، وورد بعضها في موضوع المجيئ الثاني والنزول للسيد المسيح، لكنَّه حتى في هذه القصة التاريخيَّة -على كل ملاحظاتنا عليها- طرحها طرحًا سياسيًّا ملتويًا؛ لكي يأتي الناس بالغرائب كعادته، وقد قيل:
وقصيدة تأتي الملوك غريبة ** قد قلتها ليقال من ذا قالها.
إنَّ السيد الرئيس أحمدي نجادي قد جازف فيما أعلنه بعالميَّة الخطاب القرآنيّ، وحاكميَّة القرآن، وختم النبوَّة، وتخفيف الشريعة لتكون عالميَّة، وقيام التشريع على المقاصد العليا القرآنيَّة الحاكمة من: (توحيد وتزكية وعمران)، لقد جازف بذلك كله بناء على فكرة ظنيَّة خلافيَّة، بالغ بعض الشيعة الإماميَّة بتكريسها لأغراض سياسيَّة، وكل ذلك الذي جازف الرئيس نجادي فيه من دعائم الدين وأساسيَّاته التي لا ينبغي أن تعرَّض لاهتزازات السياسة، وذبذبتها. كما أنَّ أمّتنا المسلمة ليست على استعداد لأن تجازف بعالميَّة الخطاب الإسلاميّ، وحاكميَّة القرآن، ومسئوليَّة الأمَّة، وشهادتها، وخيريّتها، ووسطيّتها، ففي سوق عكاظ أممي، اختاره نجاد لتجربة قنبلته، التي لا شك أنَّ خبراء حوزويين كثيرين قد شاركوا السيد الرئيس في عمليَّات إعدادها.
إنَّ نزول السيد المسيح لم يرد في القرآن نصًا ظاهرًا، كما هي عادة القرآن في الأمور الاعتقاديَّة واليقينيَّة الكبرى، مثل: الإيمان بالله، واليوم الآخر، والكتب، والرسل، بل وردت بطريق أقصى ما يمكن أن يستفاد به التنبيه والإشارة، فقد جاءت في قول الله تعالى: ﴿وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا * وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا * بَل رَّفَعَهُ اللّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا * وَإِن مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا﴾ (النساء:156-159) وهذه الآية الكريمة اختلف المفسرون فيها وأئمة اللغة هل يعود الضمير في قوله -جلَّ شأنه: (ليؤمنن به) الذي هو الهاء إلى سيدنا عيسى وهو البعيد عن هذا الضمير، أو يعود إلى أهل الكتاب (وإن من أهل الكتاب) وهو القريب؟
رجح الأكثرون إن لم نقل الكل عودة الضمير إلى أقرب عائد، ألا وهم أهل الكتاب، فالله -تبارك وتعالى- يريد أن يقول: (إنَّ كل كتابي يهوديّ أو منكر للسيد المسيح سيعرض عليه السيد المسيح قبل وفاته)، وهي المرحلة التي أشار القرآن إليها بقوله: ﴿… فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ﴾ (ق:22)، فعند سكرات الموت يرى الكتابي سيدنا عيسى باعتباره حقيقة، ويفرض عليه بعد أن يراه بالبصر الحديد أن يؤمن به كرهًا قبل أن يموت، وهذا يشمل الكتابيين الذين جاءتهم البشرى بمجيئ السيد المسيح بعد سيدنا موسى.
أمَّا الذين قالوا بعودة الضمير إلى المسيح وهو القول المستبعد لغة؛ لأنَّه قصر للضمير وحمل له بتعسف على أن يعود على ما هو بعيد عنه، ألا وهو السيد المسيح، وقد يزيد في استبعاد هذا الرأي إضافة إلى أحكام اللغة أنَّ الآية –آنذاك- تشمل الكتابيين كافَّة، وتقتضي دليلًا على أنَّهم جميعًا قد كلفوا من عرف السيد المسيح ومن لم يعرفه ومن عاصره ومن لم يعاصره بالإيمان به، وهذا أيضًا مستبعد، يضاف إلى ذلك أنَّ إعادة الضمير إلى السيد المسيح تقتضي القول على سبيل الجزم بحياته بعد الصلب، وتصديق كل ما جاءت به قصص وروايات الأناجيل والحواريين حول قيامة السيد المسيح، ورفعه، وما إلى ذلك، ويقتضي تحديد تاريخ نزول المائدة والعشاء المقدّس، وكيف تم الرفع بعد ذلك، إلى قضايا كثيرة يستلزمها القول الثاني؛ ولذلك أيَّد جمهرة المفسرين القول الأول أي: أن يؤمن الكتابي قبل موته بأنَّ الله قد أرسل سيدنا عيسى وأنزل عليه الإنجيل مصدقًا لما بين يده من التوراة، إلى آخر المهام التي كُلِّف بها السيد المسيح.
إنَّ أهل الكتاب منذ تاريخ طويل فعلوا كل ما بوسعهم وما ليس في وسعهم أن يفعلوه من أجل نفي رسالة سيدنا محمد، ونفي كونه خاتم النبيّين، ونفي كونه حامل الرسالة العالميَّة والخطاب العالميّ، ونفي كون القرآن الكريم آخر كتب الله نزولًا، فطرحوا كل ما استطاعوا أن يطرحوه، وأخطر فكرة طرحوها فكرة المخلِّص والفادي؛ لأنَّها فكرة تحقق لهم أولًا: تدمير التوحيد. ثانيًا: إعلاء كلمة الشرك. ثالثًا: فتح الباب باتجاه التثليث. وفي الوقت نفسه تصادر على رسول الله محمد –صلى الله عليه وآله وسلَّم- كونه صاحب الرسالة العالميَّة، وحاكميَّة الكتاب، وختم النبوّة، وسائر الخصائص التي اختصه الله -جلَّ شأنه- بها.
فالإقرار بمجيئ سيدنا عيسى بعده يستلزم أن لا يكون رسول الله خاتم النبيّين، وإن قال المؤيديون لنزول السيد المسيح بأنَّه سوف يطبق شريعة سيدنا محمد –صلى الله عليه وآله وسلَّم، فمن أولى بتطبيق شريعة محمد –صلى الله عليه وآله وسلَّم- من محمد –صلى الله عليه وآله وسلَّم- نفسه؟ فكان الأولى إذا كان من يموت يمكن أن يعود قبل البعث ويرجع إلى الحياة الدنيا أن يكون العائد سيدنا محمد –صلى الله عليه وآله وسلَّم- فهو الأعلم بشريعته، والأعلم بما أنزل عليه، والأقدر على تطبيق تلك الشريعة، والأقدر على فهم القرآن من سيدنا المسيح وسواه.
والذين يرددون هذا القول كل ما يهمهم هو أن يفرضوا على الناس الإذعان لصحة تلك الروايات والأحاديث الآحاديَّة التي رووها، ومن المعلوم أنَّ لأهل العلم بالحديث طريقين إذا تعارض الحديث مع القرآن الكريم، أو أدى القول به إلى تعطيل آية من آيات الكتاب.
الأمر الأول: أن يجري تجاوز الحديث، والالتزام بالقرآن الكريم؛ لأنَّه القطعي من كل وجهة، فهو كتاب الله –تعالى- أولًا، وكلماته التي تمت صدقًا وعدلًا، وهو في الوقت نفسه يقيني الثبوت يقيني الدلالة، فالأحوط للإنسان المؤمن والأولى أن يأخذ به. وذلك مذهب الشيخين وعثمان وعلي –رضوان الله عليهم أجمعين- وكذلك أمنا عائشة وابن عباس وابن عمر وابن عمرو، وغيرهم من قراء الصحابة.
أمَّا الأمر الثاني: فهو أن نؤول الحديث وفقًا لما جاء القرآن به، فننصر مثلًا الرأي الذي انتصرت له اللغة، ألا وهو ضرورة عودة الضمير إلى العائد الأقرب لا إلى الأبعد، وبالتالي فإنَّ سيدنا المسيح كلمة الله ألقاها إلى مريم وروح منه، بُعِث -عليه السلام- رسولًا خاصًا ببني إسرائيل، وقال الله فيه: ﴿وَرَسُولاً إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ …﴾ (آل عمران:49)، فكيف يكون رسولًا لغيرهم؟ وهو مكلف بأن يُحِل لبني إسرائيل بعض ما كان حرم عليهم من قبيل التشديد والتربية والعقوبة، فأي قول يغاير هذه النصوص لابد من تأويله، كما أنَّ الله -تبارك وتعالى- حينما ذكر لنا موضوع المائدة وهو من آخر إن لم يكن آخر نشاط ديني للسيد المسيح حين سأله ربه: ﴿… أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِن دُونِ اللّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ * مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلاَّ مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَّا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ﴾ (المائدة:116-117)، فلو أنَّ سيدنا عيسى كان يعلم أنَّه عائد مرة ثانية، وأنَّه سوف يبقى ألف عام على وجه الأرض، وسيقيم حكومة عالميَّة لكان الأولى أن يقول لله -جلَّ شأنه: (يارب سوف أصحح هذا الخطأ الذي ارتكبوه في مجيئي القادم، وسأعيدهم إلى الطريق، وإلى الالتزام بما أمرتني، أن أقول لهم أن اعبدو الله واتقوه، وسأشهد عليهم في المرة الثانية بذلك)، لكنَّه لم يقل كلمة من هذه، ولم يشر أيَّة إشارة مما يدل على أنَّ قوله -عليه السلام: ﴿… فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ …﴾ (المائدة:117) أنَّه قد توفي، وانتقلت الرقابة عليهم ومسئوليّتهم إلى الله -جلَّ شأنه.
هذا فيما يتعلّق بالسيد المسيح، وأمَّا ما يتعلق بالمهدي فهي عقيدة آمن بها إخواننا من الشيعة الإماميَّة وهي أنَّ الإمام الثاني عشر من أئمتهم سوف يمتد زمنه فيختفي في غيبتين، غيبة صغرى، وغيبة كبرى، وبدأت الغيبة الكبرى في القرن الرابع الهجري[1] لتستمر حتى نهاية الزمن، ليكون من وجهة نظرهم الزمن كلّه غير خال من إمام حجة من آل محمد قائم بالأمر، ولو كان غائبًا أو مختفيًا، فمن أجل تغطية ذلك الزمن كلّه بإمام موجود مختف قيل بالغيبة، وقيل بأنَّ الإمام الثاني عشر أخفاه الله عن عيون أعدائه من عباسيين ومن جاء بعدهم في جبل من جبال الشام، وهيأ له خلايا نحل تقدم له العسل، فهو يعيش على العسل والماء منذ بداية الغيبة حتى اليوم، وأنَّه سيظهر في نهاية الزمن، وبعد أن تمتلئ الأرض جورًا.
ومناقشتنا لهذا باختصار شديد لنوضح أنَّ هذه الفكرة هي نفسها فكرة المخلِّص والفادي، وهي فكرة تدعوا الأمَّة إلى الاستقالة، وتنفي عنها أيَّة مسئوليَّة، فلتمتلئ الأرض جورًا وظلمًا وبغيًا وعدوانًا، وليظهر الفساد في البر والبحر والجو بما كسبت أيدي الناس، وليحدث ما يحدث، فإنَّ المهدي قادم لا محالة، وسيحكم ألف سنة، وسيملأ الأرض عدلًا بعد أن مُلأت جورًا.
وحين طرحت ولاية الفقيه إنَّما كانت أطروحة في المحيط الشيعي يراد بها: أنَّ الفقيه الولي سوف يقوم مقام المهدي في مقاومة الظلم، وتحقيق العدل، وذلك يقتضي أول ما يقتضي أن يُنْظَر إلى الولي الفقيه وإلى أيَّة حكومة شيعيَّة على أنَّها ظالمة، وأنَّ المهدي هو من يأتي ليزيل الظلم والتعسف، فإذا عمل غيره دون إذن مباشر منه بذلك فذلك يعني أنَّه قد افتات على الإمام المهدي وتجاوزه، وهناك أمور كثيرة يمكن أن تطرح ويستحسن الاستفادة من كتاب (المهدويَّة في الإسلام) لمعرفة أنَّ هذه الفكرة كانت تبعث وتنعش كلما أريد تخدير المسلمين وتخذيلهم عن المقاومة، ورفع الحرج والمسئوليَّة عن ضمائرهم إذا لم يقاوموا الظالم والمعتدي، وهناك كتاب أيضًا هو (الفكر السياسيّ الشيعيّ) لمجموعة من الكتَّاب الشيعة في مقدمتهم الشيخ أحمد الكاتب، إلى كتب كثيرة أثبتت أنَّ طرح هذه الفكرة بهذا الشكل إنَّما كانت لتخدير عامَّة المسلمين وتخذيلهم عن المقاومة، ولذلك قد احتفظ تاريخنا بما يزيد على خمسين أسمًا كل منهم ادعى المهدوية ونسبها لنفسه، وبذلك فقد اعتبر المحللون السياسيّون أنَّ أهم فكرة قد أحياها الراحل الخميني ووظفها أحسن توظيف سياسيّ هي فكرة ولاية الفقيه، وبهذه المناسبة أحب أن أعيد نشر مقابلات سبق أن أجريت معي حول هذين الموضوعين، لعلّ ذلك يزيل ما علق في الأذهان من أطروحات أحمدي نجاد، سائلين العلي القدير أن يحفظ أمتنا والبشريَّة كلّها من اجتيال الشياطين، وتحريفات الغالين وانتحالات المبطلين، وتأويلات الجاهلين. إنَّه سميع مجيب.
[1] الغيبة الأولى: وهي التي تُسمى بالغيبة الصغرى، بدأت بولادة الإمام المهدي سنة 255 هجرية أو بوفاة والده الإمام الحسن العسكري سنة 260 هجرية، وانتهت بوفاة السفير الرابع أبو الحسن علي بن محمد سنة 329 هجرية.
الغيبة الثانية: وهي التي تُسمى بالغيبة الكبرى، بدأت سنة 329 هجرية بوفاة السفير الرابع، و لا تزال مستمرة حتى الآن وستستمر حتى يأذن الله عَزَّ و جَلَّ للإمام المهدي بالظهور ليملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت ظلما و جورا.