ما هو مفهوم الأمانة الذي ورد في آية: 72 سورة الأحزاب
في الآيه الكريمه ﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا﴾ (الأحزاب:72) أفكر إذا كنت أنا الإنسان الذي تتحدث عنه الآيه .. فأنا لم أُخير لحمل الأمانه؟ و لا أعرف كيف أحملها؟ … وإذا كان الإنسان ظلوما جهولا .. فِلـــمَ حملها .. ليس القصد الاعتراض ولكن ربما جهل ..
الجواب:
﴿إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا﴾ (الأحزاب:72)، الأمانة التي وردت في هذه الآية الكريمة هي إئتمان الإنسان على نفسه في حرية الاختيار، فقد عُرض على أبي البشر آدم ما إذا كان يرغب أن يكون كالمسخرات من بقية المخلوقات كالملائكة المسخرين للطاعة فهم لا يستطيعون القيام بمعصية:﴿ .. لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾ (التحريم:6)، والشياطين المردة الذين لا يستطيعون إلا أن يكونوا شياطين ومردة، وبقية المخلوقات من شجر وحيوان وسواها كلها مسخرة، ﴿.. وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾ (الأعراف:54).
والإنسان عرض على أبي البشر ممثلًا لذريته كلها ما إذا كان يريد أن يكون مسخرا لطاعة الله أو أنه يريد أن يكون مختارا؛ فاختار أن يكون مختارا لا مسخرا، ومن هنا جاء مرحلة ظلمه لنفسه وجهله بقواعد حماية حرية الاختيار التي أؤتمن عليها، بعد أن طلبها بنفسه؛ ولذلك كان من البشر ظالم لنفسه ومقتصد وسابق بالخيرات بإذن الله ﴿ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ﴾ (فاطر:32)، وكونه ظلوما جهولا ليس قدرا عليه بل هو استعداد منه. والله أعلم.