هل كُل الأحكام الشرعية يجب أن تكون مؤيدة بالفعل السياسى السلطوى ، بحيث تكون واجبة التنفيذ من الناحية القانونية على كل فرد من أفرد المجتمع ، أو أن منها ما هو كذلك ، ومنها ما هو إلتزام فردى ذاتى مبني على الاختيار الحرّ المنوط بالمسؤولية التكليفية أمام الله (تعالى)، من دون إجبار و إكراه خارجى سلطوى ؟
الجواب:
الشريعة الإسلاميَّة تعني الإسلام كله، ﴿ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِّنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاء الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾ (الجاثية:18)، ﴿شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاء وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ﴾ (الشورى:13)، وهناك فروض فرديَّة تسمى بفروض الأعيان، وهناك فروض تجمع بين الفرديَّة والجماعيَّة، تكون الأمَّة مخاطبة بها ولكن يقوم بها أفراد، مثل بعض فروض الكفايات، وهناك فروض مفروضة على الأمَّة وتقوم الدولة بها، مثل الأنظمة العقابيَّة والجزائيَّة وما شاكل ذلك، والضمير الفردي مثل الضمير الجمعي يحمل المسئوليَّة المناطة به، والدولة المختارة من الأمَّة والممثلة لإرادتها يناط بها بعض الأحكام بحيث تقوم هي وحدها باتخاذ الإجراءات اللازمة لتطبيق تلك الأحكام، ولا يجوز ولا يكفي ولا يجزئ أن تقوم أيَّة جهة بما هو مفروض على جهة، فصلاتك أنت المسئول الأول والأخير عنها، وصيامك وتدينك وامتناعك عن المحرمات وما نهى الله عنه ذلك كله منوط بك، وما تكون الأمَّة مسئولة عنه على الكفاية لابد أن يتصدى بعضها للقيام به، فلكل مستوى واجباته، والله أعلم.
ولابد من التكامل والتعاون بين الجهات كافَّة، ليؤدي الناس ما عليهم من حقوق الله جل شأنه، وما عليهم من حقوق بعضهم على بعض، والله أعلم.