Menu
منهجية التعامل مع التراث الإسلامي - مراجعة لكتاب من أدب الاختلاف إلى نبذ الاختلاف - أُمْنِيّة أهلِ السجود([1]) - The future of Islam in America and west - جانب من جلسات فريق باحثي الأزهر للعمل على وضع منهجية مراجعة التراث - حوار حول الربيع العربي - الإسلام والمسلمون من وجهة نظر غربية - برنامج اخترنا لمكتبتك - معالم في المنهج القرآني - ومضات فكرية

اختلاف الدارين

اعمل على رسالة ماجستير بعنوان ” اختلاف الدارين وأثره فى أحكام عقود المعاوضات المالية” وانا حاليا فى تحرير المراد من كل من الدارين وتناولتهما كما هو المعنى التقليدى عند الفقهاء أى أنهما (دار الإسلام,ودار الحرب) إلا اننى أميل الى انهما دار الدعوة ودار الاستجابة وقد وجدت ورقتين بحثيتين تدور حول ذلك إلا أنهما غير موثقتين , فإن كان هناك ثمة مراجع تدور حول دار الدعوة ودار الاستجابة فهلا تفضلت بها على , وقد وجدت فضيلتكم قد تكلمتم فى هذا الموضوع فلا تحرمونى النصح والارشاد

الجواب:

اختلاف الدارين لا يخفى أن التسمية بدار الإسلام ودار الحرب تعتبر التسمية التي أطلقها أهم علماء الحنفية بعد أبي حنيفة محمد بن الحسن الشيباني، الذي يعتبر مؤسس علم العلاقات الدولية بين الفقهاء،  وزاد الإمام الشافعي على الدارين دار العهد،  وكنا عند انتقالنا للعيش في أمريكا قد صادفنا هذه المشكلة عند الإمريكان وعند الفرنسيين بالذات، الذين كانوا يضايقوننا بطرح أسئلة ماذا تقولون في بلادنا نحن الأمريكان، وكذلك الفرنسيون كانوا يرددون نفس السؤال فتعتبر أنهما دار حرب فلما تأتون للسكن عندنا والإقامة مادامت هذه الدار تعد دار حرب في شريعتكم، فلا ينبغي أن تطلبوا التجنس بجنسيتها ولا الإقامة فيها، وكان السؤال مزعجا ومحيرا في الوقت نفسه، ثم وجدت الإمام الرازي في مواضع من تفسيره يستعمل كلمة أمة دعوة وأمة إجابة، فقلت في نفسي ولـــِمَ لا نقول عن دار الحرب دار دعوة، وعن دار الإسلام دار إجابة، فيُقال الأرض داران دار إجابة نسقط عليها كل ما قاله الفقهاء في دار الإسلام، ودار دعوة ونعني بها الدار التي لم تدخل الإسلام بعد، وهي تستحق أن تدعى إلى الإسلام ويشرح لها، ثم هي بالخيار، فبدأت أخاطب الأمريكان بهذا وأبين أن فقهاءنا قد اختلفوا فيما يطلقونه على الدار التي تحكم بالفقه الإسلامي للشريعة، ويدخلها الناس بأمان المسلمين، والدار الأخرى التي هي موضع دعوة لأنها مواطن إقامة أمة الدعوة، وبالفعل تقبل الناس ذلك، وصاروا يرددونه، ودعيت لفرنسا وألقيت محاضرة في جامع باريس الكبير في هذا الموضوع وناقشني ممثل يعتبر من كبار موظفي وزارة الداخلية الفرنسية، كان يحاول أن يرد على الذين يطالبون فرنسا بمنح الجنسية للمولودين على أرضها من أبناء الأقطار الأفريقية المسلمة المغاربية وغيرها، وكانت الداخلية الفرنسية تدافع بأن هؤلاء لا يؤمنون بأن فرنسا وطن لهم، بل هي دار حرب، فلما قلت له إن فرنسا بالنسبة إلينا دار دعوة وليست بدار حرب حاول أن يتخلص من ذلك الإلزام بالقول ولكن أئمة مساجد فرنسا لا يتبنون الموقف الذي ذكرته، ومنذ ذلك التاريخ بدأ هذا الاستعمال يشيع ويتحدث الناس به، ووجدت أن كثيرا من كتب المتقدمين اشتملت على إشارات لهذا لكن الاصطلاح لم يشع وينتشر بين الفقهاء، ولأسباب سياسية تشجع الحكومات الغربية على تداول المصطلحات السابقة ليحولوا بين المسلمين وبين الاندماج في تلك المجتمعات مع الاحتفاظ بدينهم وهويتهم الإسلامية، ويصرون على أن هذه اجتهادات حديثة لمثل طه جابر من فقهاء معاصرين متأثرين بالفكر الغربي، أما الإطلاق الفقهي السليم الصحيح فهو دار الحرب ودار الإسلام، ذلك لأن طرحنا هذا أمة دعوة وأمة إجابة ودار دعوة ودار إجابة لا يرغب الغربيون به لتك الأسباب السياسية، وخاصة البلدان التي فيها تنظيمات يهودية ناشطة، لأن اليهود يرون في ذلك خطرًا على دولة إسرائيل من ناحية ومنافسة لهم على كسب الغرب إلى القضايا الإسلامية والعربية كما كسبوه لقضاياهم.

وددت أن أوضح لك هذه النقطة لتكون على بينة من الأمر، وارجع إلى تفسير الإمام فخر الرازي، تجد تلك الإشارة وحاشية الفاكهي على لقطة العجلان، في الصفحة السابعة منه، تجدي -إن شاء الله- شيئا منه لكن التأصيل والتقديم المعاصر هو بعض ما تفضل الله به علينا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *