ما رأيك في موضوع الولاء والبراء الذي تم ذكره في العقيدة ، أريد طرحك ورأيك بوضوح في هذا الموضوع حتى أستفيد من حضرتك ؟
الجواب:
حينما يكون بناء الأمة مقصدًا قرآنيا أعلى مثل التوحيد والتزكية والعمران والدعوة؛ يكون بيان الأسس التي يقوم عليها بناء الأمة والتعريف بها بتفصيل دقيق والأمور التي تعارض ذلك البناء لابد أيضا من معرفتها معرفة دقيقة، ليكون بناء الأمة سليما، متينا، قائما على أقوى الدعائم وأشدها رسوخا، فلا يستغرب آنذاك أن يؤسس مع البناء الأساسي للرؤية للدعائم الأساسية لبناء أمة الإجابة لله ولرسوله صلى الله عليه وآله وسلم، ولا يتم ذلك بدون معرفة الخطوط الفاصلة بين أمة يجب أن تكون خيرة، تقوم خيريتها على دعائم التوحيد والإيمان، والوفاء بعهد الله (جل شأنه)، والقيام بحق الاستخلاف، وأداء الأمانات إلى أهلها، وحفظ الأمانة الكبرى التي عرضت على الأرض والجبال والسموات، فأبين أن يحملنا وأشفقن منها وحملها الإنسان ﴿إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا * إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا﴾ (الأحزاب:72-71)، لابد والحالة هذه من وجود المعالم التي تميز أمة الإجابة عن أمة الدعوة، وتجعل أمة الإجابة قادرة على الوعي بدورها والفهم السليم لدورها ومهامها تجاه أمة الدعوة، وهم بقية البشر إدراكا منها لذلك كله، ولأن البشرية كلها لآدم وآدم من تراب، ولحماية البشر من الوقوع في شرك الإغواء والمشروع الشيطاني الذي يصرف الناس عن سبل الإجابة ولا يجعلهم قادرين على قبول متطلبات الدعوة لتحقيق الإجابة، فجعل الله الولاء والبراء من وسائل ودعائم بناء ذلك الوعي، ليعرف كل دوره، فيدرك المنتمون لأمة الإجابة واجبهم تجاه إخوانهم الآخرين من أبناء أمة الدعوة، وفي الوقت نفسه يدرك الناس كافة خطورة وضرر أولئك الذين يصدون عن سبيل الله من آمن ويبغونها عوجا، وضرورة حماية أمة الدعوة من أخطارهم، وأضرارهم ومحاولات إفسادهم، وأن على أمة الإجابة بعد أن تبذل كل جهودها في تبليغ رسالة الله إلى خلقه ودعوتهم للاستجابة له، ولنداء رسله، أن تعزل أولئك الصادين عن سبيل الله المتنكبين لصراطه السوي، الذين استجابوا للشيطان ورفضوا الاستجابة للرحمن، مع أن الشيطان سيتخلى عنهم ويعلن براءته منهم، ﴿وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُواْ أَنفُسَكُم مَّا أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَآ أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ (إبراهيم:22)، فكشف أولياء الشيطان والبراءة منهم والبعد عنهم ذلك هو البراء، وحب الخير لآدم وبنيه كافة من أمة الإجابة كانوا أم من أمة الدعوة، وموالاتهم والعمل على بناء وعيهم، وجعلهم أمة واحدة ذلك هو الولاء، ولاء لله (جل شأنه)، وبراءة من الشيطان، ولاء لآدم وبنيه في الإجابة والدعوة، وبراء من الشيطان وجنده، وحزبه، وإلا فلا يمكن أن تُبنى أمة الإجابة لتستقطب بعد ذلك كل المنتمين لأمة الدعوة إلا من صدق عليهم إبليس ظنه فأطاعوه، وذلك هو الولاء والبراء الذي أُمرنا به، وما أكثر الآيات والأحاديث التي جاء بها ذكر ذلك التنويه، ولنا رسالة صغيرة أعددناها في بدايات ممارستنا الكتابة نشرت بعنوان: “النهي عن الاستعانة والاستنصار في أمور المسلمين بأهل الذمة والكفار”. وهناك دراسات كثيرة كتبت في الولاء والبراء لعل ما ذكرت لك كاف إن شاء الله، ومغن لك عن الإطناب، وفقك الله.