Menu
منهجية التعامل مع التراث الإسلامي - مراجعة لكتاب من أدب الاختلاف إلى نبذ الاختلاف - أُمْنِيّة أهلِ السجود([1]) - The future of Islam in America and west - جانب من جلسات فريق باحثي الأزهر للعمل على وضع منهجية مراجعة التراث - حوار حول الربيع العربي - الإسلام والمسلمون من وجهة نظر غربية - برنامج اخترنا لمكتبتك - معالم في المنهج القرآني - ومضات فكرية

التعامل مع غير المسلمين المحبين المتعاونين

فضيلة الدكتور العلواني نحن في أمريكا قل أن نصلي جمعة في البلدان التي لا مساجد ومراكز إسلامية فيها إلا ضيوفا على كنائس، وأحيانا يرفضون أن يتقاضوا منا أي شيء غير تسليمهم الكنيسة نظيفة مثلما أستلمناها، خاصة دورات المياه التي يصر بعضنا أن يضع رجليه في أحواضها ليغسلها بدلا من أن يمسح على جواربه، فهل مثل هؤلاء نقاطعهم، ولا نقول لهم كل عام وأنتم بخير في أعيادهم؟

الجواب:

 إن الآية صريحة في أن هؤلاء الذين احترمونا واحترموا ديننا وفتحوا أبواب كنائسهم لعبادتنا وأنشطتنا يجب علينا أن نقابلهم بالمثل، وأن نبادلهم برا ببر وإحسانا بإحسان، وأن نقسط إليهم، ﴿لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ (الممتحنة:8 -9)، فهؤلاء شيء والذين يستعمرون البلاد ويستضعفون العباد ويدمرون المدن في أفغانستان والعراق وغيرها شيء آخر، ويجب علينا أن نسلمهم مع الشكر الكنيسة بأنظف مما تسلمناها مع شكر وتقدير، ويمكن أن نعوضهم عن رفضهم اقتضاء الأجر بإصلاح أي شيء نراه في الكنيسة يستحق الإصلاح أو الاستبدال، لنكون قد رددنا الجميل إلى هؤلاء.

 ومسألة التهنئة بالأعياد يمكن أن نميز فيها بين عيد وآخر، ففي أمريكا عيد الشكر الذي يحل في الخامس والعشرين من نوفمبر كل عام، يتذكر فيه الأمريكان كيف نجى أسلافهم من الغرق في المحيط ووصلوا الشواطئ الأمريكية، فهذا عيد بالنسبة لهم لتقديم الشكر والثناء لله (جل شأنه) على النجاة، لا شيء فيه من حيث المبدأ وتهنئتهم والاستجابة لدعاواتهم فيه أمر حسن، وهناك أعياد أخرى أو أيام كالأيام الوطنية التي لم يعد بلد في العالم الإسلامي لا يحتفل بيوم وطني له، فالمواطنون هناك جزء من المحتفلين بتلك الأيام بوصفهم مواطنين، وهناك أعياد دينية، ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حين رأى اليهود صائمين وسألهم عن سبب صيامهم، قالوا: هذا هو اليوم الذي نجى الله فيه موسى، وأجدادنا من فرعون، وأغرق فيه أعداءهم، قال صلى الله عليه وآله وسلم نحن أولى بموسى منكم، لأن عشت إلى قابل لأصومن التاسع والعاشر”.

وهناك أعياد الاحتفال بها يقوم على أمور مختَلَف فيها بيننا وبينهم، وهذه يمكن أن تكون مواقفنا فيها مواقف التصحيح لتك الوقائع التي نختلف معهم في حقيقتها، ولا مانع من إبداء الرأي في أن هذا اليوم أو المناسبة أو العيد لنا فيه رأي مخالف، فلا نرى الاحتفال به سليما بالطريقة التي تحدث، ويمكن أن يكون البديل عنه مقترحا آخر، فالله (جل شأنه) حين ألغى أعياد الجاهلية أبدلنا عنها بعيدي الفطر والأضحى، وغير من طبيعة العيد والاحتفال به فجعله عيدا لذكر الله (جل شأنه) وتسبيحه وتكبيره، فهذه المسألة مسألة تحتاج من أئمة المساجد وقادة المجتمعات المسلمة في دار الدعوة وفي أمة الدعوة إلى وعي وفهم عميقين لئلا يُنسب إلى الإسلام ما ليس فيه، ولئلا يقف البعض موقفا يعود بالضرر على سمعة الإسلام والمسلمين كافة، وقد يصعب تغيير الانطباعات لدى جيراننا وتوجيهها الوجهة الإيجابية.

فالإفتاء هنا لابد أن يأخذ بنظر الاعتبار جميع الظروف المحيطة بأهل الواقعة، ومصالحهم، ومصالح الأمة المسلمة جميعها، ومصالح دعوة الإسلام كلها، في الحاضر وفي المستقبل، فهذا النوع من الفتاوى قد يدخل في المجال الذي نسميه اليوم المجال الاستراتيجي، أو فتاوى الأمة التي لا يحق لفقيه منفرد من أي اتجاه كان من أن ينفرد بالفتوى فيه، بل لابد من أن تجتمع عليها عقول كثيرة، ومن تخصصات مختلفة، لئلا نضر الأمة من حيث نريد نفعها، والله أعلم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *