Menu
منهجية التعامل مع التراث الإسلامي - مراجعة لكتاب من أدب الاختلاف إلى نبذ الاختلاف - أُمْنِيّة أهلِ السجود([1]) - The future of Islam in America and west - جانب من جلسات فريق باحثي الأزهر للعمل على وضع منهجية مراجعة التراث - حوار حول الربيع العربي - الإسلام والمسلمون من وجهة نظر غربية - برنامج اخترنا لمكتبتك - معالم في المنهج القرآني - ومضات فكرية

فكر المرحوم محمد قطب

ما رأيك في فكر المرحوم محمد قطب؟

الجواب:

عرفت الأستاذ محمد قطب يرحمه الله وأنا ما أزال طالبا في كلية الشريعة والقانون في جامعة الأزهر، وبدأت أقرأ له منذ ذلك التاريخ وهو مترجم في مشروع الألف كتاب الذي تأسس في زمن الراحل عبد الناصر، وكان أكثر ميلا للكتابات ذات الصلة بقضايا التربية والأسرة وما إلى ذلك، وزارنا في أمريكا أستاذا زائرا مرتين، وكان فكره مرآة تعكس فكر أخيه الراحل سيد قطب، ولم يكن يخرج عن فكر أخيه بشيء يذكر، بل كان يردده ويكتب فيه وعنه، بطريقته ومن الزوايا التي يتقنها، ولا شك أن فكر الرجلين كان متقدما وأقرب إلى العلمية من فكر غيرهما من الإسلاميين في تلك المرحلة، وحين أطلق أخوه الراحل سيد -يرحم الله الجميع- كلمة الجاهلية المعاصرة كتب هو ليؤصل لذلك وينشره كتاب جاهلية القرن العشرين، وكرس هذه الفكرة وما تفرع عنها من اعتبار كون المسلمين في الوقت الحاضر في العهد المكي إلى غير ذلك، وهذه الأفكار كرست مبدأ السكونية في العقل المسلم المعاصر. والفكر السكوني من شأنه ومن خصائصه أنه يكرس فكرة الدائرة في التداول ويستلزم “السكونية” التي تؤدي بدورها إلى الإيمان بإمكان إنتاج أية فترة تاريخية مضت في أية فترة زمانية مستقبلة، وهذا يصطدم بقول الله (جل شأنه): ﴿تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ وَلاَ تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ (البقرة:134)، التي لا تسمح بالتفكير في هذا الإطار الدائري الذي يفتح أو يقود بعد ذلك إلى أخطاء كثيرة، فهو حين أعاد إنتاج مفهوم الجاهلية أراد أن يعيد إنتاج مفهوم الجيل الأول والتلقي؛ لذلك تأثرت الحركات الإسلامية المعاصرة معظمها بهذه الفكرة السكونية بحيث أيقن بعضها أن بإمكانه إعادة إنتاج مرحلة جيل التلقي والصحابة وكل ما تلى ذلك وهذا أمر يخالف كثيرا من السنن الإلهية، فالتاريخ سائر إلى الأمام والإنسان كادح إلى ربه كدحا فملاقيه، وهناك صيرورة تحدث في البشر تغيرات نوعية، ولذلك تفرد ديننا بالتأكيد على أن اللحظة التي تمر لا يمكن إعادتها بحال، وأن هناك آجال مقسمة لكل شيء، فإذا جاء الأجل لا يستقدمون ساعة ولا يستأخرون، والأجل حاكم في الأفراد وفي الجماعات والشعوب والأمم والحضارات على حد سواء، فكل له أجل مسمى هو بالغه وأجل آخر لا ريب فيه ألا وهو يوم القيامة، فهناك أجل خاص وأجل عام، وكلها متحركة في إطار صيرورة وأيلولة متجهة نحو الأجل الخاص فإذا حضر يبقى هناك الأجل العام.

 وأفكار الأستاذ محمد -يرحمه الله- المستمدة من أفكار أستاذه وأخيه سيد -يرحمه الله- لدى انتشارها كرست الفكر السكوني الذي يفسح المجال واسعا لتصور إمكان إعادة إنتاج أية فترة تاريخية في فترة حاضرة أو مستقبلة، وهذا لا ينسجم مع كثير من السنن الإلهية، هذا التوجه لا يخفى أنه توجه قد أضر بالعقل المسلم وأحدث آثارا سلبية في كثير من الحركات الإسلامية، ويحتاج إلى مراجعة دقيقة تتناول بحيدة وموضوعية تراث الأخوين سيد ومحمد، والله أعلم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *