ماذا تفهم من هذه الآية يا دكتور ﴿وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِن كُلِّ مَثَلٍ وَكَانَ الْإِنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا﴾ (الكهف:54) ؟
الجواب:
إن الله (جل شأنه) جعل القرآن الكريم هاديا وقائدًا للناس ونبيا مقيما فيهم بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الذي حمله إليهم، وتلقَّاه من ربه الذي أنزله على قلبه ليبشر به المؤمنين وينذر قوما لدا، واستعمل القرآن الكريم في خطابه وحواره مع القلب والعقل والوجدان البشري مختلف الأساليب؛ لكي يسلم الإنسان القياده لهذا القرآن ويهتدي به، وما لم يذكره بعينه أشارت إليه أمثاله، وقصصه، وكلياته، وعموماته، بحيث يجد الإنسان في هذا القرآن كل ما هو بحاجة إلى وجوده ليهتدي به، ويستنير بضيائه، ويواجه أزماته، ويبتعد عن حبائل الشيطان، وكل مثل أو قضية تعرض للناس في سلوكهم وتصرفاتهم ونظم حياتهم لو أحسنوا تدبره وغاصوا وراء حكمه؛ لوجدوا لها تناولا مباشرا، أو مثلا ينبه إليها، أو قصة تشير إليها ضمن عبرها ودروسها، وبالتالي فهو كاف شاف، ﴿أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ (العنكبوت:51)، لكن رغبة الإنسان بالجدل والمعارضة والعناد والممانعة تحول بينه وبين التأثر بهذا الكتاب والاهتداء به، ولكن لو أحسن الإنسان تلاوة القرآن وتلاه حق تلاوته وتدبره بكل قوى وعيه وطهَّر نفسه من كل الصوارف عنه فإنه في هذه الحالة سوف يجد تفسيرا لكل ما يهمه بالعبارة، أو الإشارة، أو العبرة، أو الحكمة، وما كان ربك نسيا. فالكتاب الكريم ما فرط الله فيه من شيء له علاقة بسبل الهداية، فلعل في ذلك ما ينشرح له صدرك.