دكتورنا الغالي تعبت وأنا أحاول أن أجد كتابا أو بحثا موضوعيا حول اقتتال الصحابة في صفين وغيرها….. فارشدني إلي بحث أو رسالة أو كتاب فيه فصل المقال دون طعن أو تقديس.
الجواب:
ليس هناك كتاب موضوعي فيما أعلم، والموضوعية نفسها مجرد أسطورة معرفية، يتذرع بها الراغبون بالاقتناع بشيء من الأشياء، فإذا اقتنعوا به أو أقنعوا أنفسهم به أضفوا عليه صفات الموضوعية والاستقامة وما إلى ذلك، فما سمي الإنسان إلا لنسيه، ولا القلب إلا أنه يتقلب. فالإنسان لا يستطيع التجرد من تحيزات وإن شاء أو تخيل، ولقد شبعت من نقاشات الأصوليين والكلاميين حين يقول المستدل للمعترض سأفرض نفسي حاليا من كل هوى ومن كل رأي أو موقف وأقول كذا، ومهما افترض فلن يتجرد من تحيزاته، والمعترض حين يعترض فلأنه يرى وجها آخر من خلال تحيزاته هو، فالموضوعية في غير كتاب الله (جل شأنه) أسطورة، لا تحاول البحث عنها، ولكن عليك أن تقرأ كثيرًا وتقرأ الرأي والرأي الآخر، والدليل وما يعارضه، والرأي وما يخالفه، والقضية وما ينقضها، ومنَّ الله عليك بعقل عليك أن تحسن استخدامه وتستعمله حتى يبلى، فلا تترك عقلك للزمن يبليه ولا تعمل على المحافظة على جدته، بل استعمله بكل ما لديك من طاقة لكي تتوصل إلى ما يريحك وما يغلب على ظنك أنه الصحيح، أما إذا عطلت عقلك فلابد أن ترى نفسك كل يوم في موقف فتقرأ كتابا لهذا فتميل إلى تصديقه، فإذا قرأت لمعارضه أوهمك بأنه هو الأحق، وهو الأصدق، وهكذا، ولذلك كانت الدنيا دار ابتلاء، فلابد من القيام بالجهد الشخصي، وتكوين العقلية الفاحصة الناقدة القلقة، لتستخدم سائر الوسائل المعرفية والعقلية والمنطقية للوصول إلى عملية ترجيح بين ما يعرض عليها من أفكار واقتراحات، والله يوفقك ويعين وعنده علم الكتاب.