Menu
منهجية التعامل مع التراث الإسلامي - مراجعة لكتاب من أدب الاختلاف إلى نبذ الاختلاف - أُمْنِيّة أهلِ السجود([1]) - The future of Islam in America and west - جانب من جلسات فريق باحثي الأزهر للعمل على وضع منهجية مراجعة التراث - حوار حول الربيع العربي - الإسلام والمسلمون من وجهة نظر غربية - برنامج اخترنا لمكتبتك - معالم في المنهج القرآني - ومضات فكرية

تجديد العقل تجاه النص القرآني

 أرى أن تجديد الفكر تجاه النص يحدث بتجديد رسالة القرآن وترسيخ واقع الترابط بين القرآن والنهضة فما رأيك في هذا الكلام؟ وهل هناك إضافة يمكن أن تتفصل علينا بها؟

الجواب:

القرآن المجيد أكبر كثيرا مما ذكرت وذكرنا، فالقرآن مصدر حياة للأموات ومخرج بنوره من الظلمات، ومعالج لا ينافسه أحد أو شيء لسائر فنون الحيرة والاضطراب والمشكلات والاختلافات، ولا تكفي لذكر فاعليته وتأثيره وخصائصه ومزاياه المجلدات، وقد يسره الله (جل شأنه) لعباده مرات ومرات، ليصبح ذلك القول الثقيل خفيفا ميسرًا لسائر المدركات، فإن شئت الشرعة المعجزة والمنهاج القويم، والرسالة الكاملة فهو بها زعيم، وهو بها كريم كذلك، وإن شئت بناء ثقافة فإن أنواره كفيلة بمنحك ثقافة معجزة متحدية لا تطاولها ثقافة، وإن شئت أن تتخذ منه قائدا ورائدا لبناء حضارة لم يخذلك ولم يتركك، إذا عرفت كيف تقرأه وتتلوه حق تلاوته وترتله ترتيلا وتنزله على قلبك تنزيلا، أما إذا قرأته بطرق أخرى فقد تخطئ سبيل الوصول إلى ما ذكرنا، وإن مشكلات أمتنا في ماضيها وحاضرها مرتبطة بعلاقتها بالقرآن الكريم، والتغيرات التي تطرأ بين حين وآخر على تلك العلاقة، وجميع الأمم الكتابية سقطت بمثل ما سقطت فيها أمتنا من عنصرين اثنين: طول الأمد الذي أدى إلى الابتعاد عن الكتاب فصاروا كالذين: ﴿فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ﴾ (سبأ:19).

 والأمر الثاني: قسوة القلوب، فإذا طال الأمد وقست القلوب ران على القلوب ذلك، وحجب عنها أنوار القرآن، وحال بين القرآن والوصول إلى سويداء تلك القلوب، فلا علاج آنذاك غير التمسك بالكتاب مرة أخرى لإزالة آثار طول الأمد وقسوة القلوب والفرقة والانقسام والتشرذم إلى درجة التفسخ، والسقوط فيما تتمرغ أمتنا اليوم فيه وسيظلون كذلك: ﴿وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُواْ بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (الأنعام:110)، وقال في أهل الكتاب الآخرين: ﴿وَمِنَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُواْ حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللّهُ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ﴾ (المائدة:14)، فالقرآن لا يعطي نفسه لمن في آذنهم وقر، ولا للذين وضعوا بينهم وبينه حجابا مستورا، ولا للذين لهم أعين لا يبصرون بها، ولهم آذان لا يسمعون بها، ولهم قلوب لا يعقلوب بها، بل يعطي نفسه للخاشعين الذين: ﴿.. يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاء وَمَن يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ﴾ (الزمر:23)؛ ولذلك فإني أريد منك ومن الإخوة والأخوات القارئين أن نعيد النظر في علاقتنا بالقرآن الكريم، ونتعلم كيف نتدبر آياته، وكيف نتلوه حق التلاوة، وكيف ننزله على قلوبنا تنزيلا، ليساعدنا في تغيير أحوالنا، وإخراجنا من هذه الظلمات إلى ذلك النور.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *