أ.د/ طه جابر العلواني
وردنا من المجلس الإسلامي الأمريكي الاستفتاء التالي:
“تعلمون أن التسجيل للانتخابات الأمريكية على الأبواب ، والكثير من المسلمين هنا لديهم تردد شديد في المشاركة في العمل السياسي في هذه البلاد (الولايات المتحدة الأمريكية) لأسباب دينية . فمنهم من يحتج بأن المشاركة السياسية من المسلمين مع غيرهم تُخلُّ بعقيدة “ولاء المسلمين للمسلمين وبراءتهم من الكافرين”.
ومنهم من يرى في ذلك نوعا من الركون إلى الذين ظلموا وقد قال تعالى : ﴿ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار﴾ (هود: 113).
ومنهم من يرى أن انخراط المسلمين في العمل السياسي في بلاد أكثريتها غير مسلمة ونظامها علماني سوف يؤدي بالمسلمين إلى قبول الأمر الواقع ، والتعامل مع نظام غير إسلامي ، ونسيان أو تجاهل العمل من أجل إقامة نظام إسلامي ، باعتباره واجبا من أهم الواجبات على المسلمين ، ولا تطبيق للشريعة الإسلامية بدونه.
وبعضهم يرى أن الإقامة في هذه الديار ولو مع اكتساب جنسيتها والاستقرار فيها مدة مديدة تعتبر إقامة مؤقتة وغير جائزة شرعا ، إلا لحفظ الضروريات التي لم يعد آمنا عليها في بلاده الأصلية ، بسب النُّظم الدكتاتورية والظروف الاقتصادية السيئة . فإذا زالت هذه الأسباب فإنه تجب عليه العودة إلى بلاده، باعتبارها “دار إسلام”.
وحتى الفقهاء الذين أفتوا بجواز هذه المشاركة جعلوها استثناء وضرورة من الضرورات ، ولا يخفى أن الضرورات تُقدَّر بقدرها ، وأن الاستثناءات إلى زوال .
فنريد من مقام سماحتكم – حفظكم الله – أن تبينوا لنا بيانا شافيا في هذا الأمر ، يحسم مادة الخلاف بين المسلمين في هذا الشأن الخطير مع التدليل والتعليل . وجزاكم الله خيرا”
علي رمضان أبو زعكوك
المدير التنفيذي للمجلس الإسلامي الأمريكي
الجواب
لقد سبق أن تناولنا في بحث مستقل عنوانه “مدخل إلى فقه الأقليات : نظرات تأسيسية” الأصول والقواعد التي ينبغي أن تحكم رؤية الفقيه المعاصر _ والمسلم المعاصر عموما _ لهذا الموضوع . ولأن علاقة هذه الفتوى بذلك المدخل علاقة أصل بفرع ، ومثال بقاعدة ، فإن الاطلاع على “المدخل” – بما اشتمل عليه من تأصيل وتعليل – ضروري من أجل حسن تفهم الفتوى، واستيعاب الأسس التي تستند إليها .
تذكير بالأسس
إن من الأسس الشرعية والمنهجية التي توصلنا إليها في هذا الشأن بعد الدراسة:
- اعتبار البشرية أسرة واحدة كلها لآدم وآدم من تراب ،وهي تنقسم بالنسبة إلى الإسلام إلى أمتين : “أمة إجابة” و “أمة دعوة”.
- اعتبار الأرض كلها ميدانا للإسلام جعلها الله مسجدا للمسلم وطهورا ، ووعد بتوريثها عباده الصالحين والتمكين لهم فيها ، ووعد بظهور الإسلام فيها على الدين كله.
- الانتباه إلى عالمية الخطاب القرآني ، وعدم حصره في حيز جغرافي محدود ، أو كيان اجتماعي محصور.
- الانتباه إلى خصائص أمة الإسلام ، باعتبارها أمة خيِّرة مُخْرَجة إلى الناس شاهدة عليهم.
- اعتبار مبدأ “البر والقسط” الذي ورد في الكتاب الكريم أعظم مبدأ كلي في علاقة المسلمين بغيرهم وردُّ ما سواه إليه.
- عدم التقيد باصطلاحات فقهية حول التقسيم الدولي للعالم ، لم ترد في الوحي ، مثل “دار الإسلام” و”دار الكفر” و”دار الحرب” ، بالمعنى الجغرافي لهذه المصطلحات . فهي اصطلاحات فقهية وإدارية أملتها ظروف العلم القديم ، وطبيعة العلاقات بين الدول والأمم والشعوب آنذاك.
- رد جزئيات الفقه الموروث إلى الكليات التي ذكرناها لاستيعابها في ذلك الإطار . وبذلك نتجاوز تلك الجزئيات وندمجها في كليات الكتاب الكريم وعالمية خطابه وغائيّته.
- النظر إلى وجود الإسلام في أي بلد لا يدخل في حيز عالميته الأولى وانتشاره التاريخي باعتباره وجودا ضروريا وناميا ينسجم مع عالمية الرسالة وتباشير ظهور الإسلام على الدين كله.
- أخذ الواقع الدولي المعاصر الذي يطبعه التداخل وتجاوز الحدود بمأخذ الاعتبار.
- الاستفادة التامة من التشريعات الدولية الحالية ذات الصلة بحقوق الإنسان والمواطن وتوظيفها في خدمة الإسلام والمسلمين ، مثل المادة (21) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي تنص على أنه “لكل فرد الحق في الاشتراك في إدارة الشؤون العامة لبلاده ، إما مباشرة أو بواسطة ممثلين”.
- الالتزام بمبادئ العدل المتضمنة في هذه التشريعات باعتبارها منسجمة مع وصية الرسول -صلى الله عليه وسلم- لأمته في حجة الوداع ، ومع الحلف الذي حضره في بيت ابن جُدعان . وتكريس الوسائل الضرورية للمحافظة عليها ومنها المشاركة السياسية.
- استخلاص العبرة من التجربة الإسلامية الأولى ، وخصوصا الهجرة إلى الحبشة.
- الانتقال من منطق الترخص السلبي إلى منطق الإيجابية وحمل الرسالة إلى الناس.
خصوصيات أمريكية
وللبلاد الأمريكية خصوصيات نحتاج إلى اعتبارها ، من أجل حسن تنزيل الحكم الشرعي ، ومن هذه الخصوصيات :
- إنها بلاد هجرة تكوَّن شعبها من أعراق مختلفة وثقافات شتى . فلم ترتبط بأقوام معينين أو ثقافة محددة ، بشكل حصري يُقصي غير الأوربيين .
- إنها بلاد فتية لا تزال حضارتها وثقافتها ذات نسق مفتوح ، مما يسمح للإسلام بالإسهام فيها ، وليست من الحضارات العتيقة التي تحددت ملامحها نهائيا.
- إنها بلاد حرية ترعي حقوق مواطنيها من كل الأديان والأعراق مبدئيا ، بغض النظر عن مساوئ التطبيق التي تظهر من حين لآخر.
- أن شعبها من الشعوب التي يقل فيها التعصب الديني – نسبيا – بحكم الخلفية الفكرية والتجربة التاريخية للأغلبية البروتستنتية فيها.
وبناء على تلك الأسس وهذه الخصوصيات ، يمكن التوصل إلى النتائج التالية في شأن مشاركة المسلمين في الحياة السياسية الأمريكية :
أولا : من واجب المسلمين هنا أن يشاركوا في الحياة السياسية بإيجابية ، انتصارا لحقوقهم ، ودعما لإخوتهم في العقيدة أينما كانوا ، وتبليغا لحقائق الإسلام ، وتحقيقا لعالميته . ولقد قلنا إن ذلك “من واجبهم” ، لأننا لا نعتبره مجرد “حق” يمكنهم التنازل عنه ، أو “رخصة” يسعهم عدم الأخذ بها ، لأنها من باب حفظ ضروريات المجتمع المسلم وحاجياته وتحسيناته في هذه البلاد.
ثانيا : كل ما يعين على تحقيق هذه الغايات النبيلة من الوسائل الشرعية فهو يأخذ حكمها. ويشمل ذلك :
- ترشيح أي مسلم كفء لأي منصب يُرجى من وجوده فيه جلب منفعة للمسلمين أو دفع مضرة عنهم . ومنها مناصب رؤساء البلديات وحكام الولايات وأعضاء مجالس أمناء التعليم والمجالس البلدية ، صعودا إلى عضوية مجلسي النواب والشيوخ.
- ترشُّح المسلم بنفسه إذا لم تأخذ الجماعة المبادَرة بترشيحه ، أو كان قانون الانتخابات يُلزمه بذلك . (يُراجَع كلام ابن حجر حول سؤال الإمارة في “المدخل”).
- تبنّي أحد المترشحين غير المسلمين ، إذا كان أكثر نفعا للمسلمين ، أو أقل ضررا عليهم.
- دعم المترشح غير المسلم بالمال . فقد أباح الله (تعالى) بِرَّهم وصلتهم دون مقابل ، فكيف إذا ترتب على ذلك مردود واضح ومصلحة متحققة.
- السعي للحصول على الجنسية الأمريكية ، باعتبارها الوسيلة التي تُلزم الدولة بالاعتراف لأي شخص بحقوق المواطَنة.
- التسجيل للانتخابات والتصويت لها ، إذ هما أمران إجرائيان يأخذان حكم الغاية المطلوبة من ورائهما .
ضوابط ومحددات
- إن انتزاع المسلمين لحقوقهم في هذا البلد ، وتفاعلهم الإيجابي مع أهله الأصليين ، يقتضي منهم تشاورا وتكاتفا واتفاقا في الكليات ، وتعاذرا في الجزئيات والخلافيات . ولنا في سلفنا من المهاجرين إلى الحبشة أسوة حين اجتمعوا وتشاوروا حول أمثل الصيغ للردّ على الموقف الحرج.
- يحتاج أبناء الأقلية المسلمة إلى ترسيخ الإيمان بالله ، وتدعيم الثقة في الإسلام ، حتى لا يدفعهم التفاعل مع غيرهم إلى تنازلات تمس أساس الدين مجاراة لعرف سائد أو تيار جارف . وفي رفض جعفر السجود للنجاشي- كما فعل خصماه وكما يقضي العرف- أسوة في هذا السبيل.
- تحتاج الأقلية المسلمة إلى حسن التعبير عن حقائق الإسلام الخالدة ، ونظام قيمه الإنساني الرفيع ، كما فعل جعفر في خطبته البليغة أمام النجاشي التي أوجز فيها أمهات الفضائل الإسلامية ، وأوضح الفرق بينها وبين الحياة الجاهلية . وبذلك لا يكسب المسلمون تعاطف الناس فقط ، بل يكسبون الناس أنفسهم للالتحاق بركب التوحيد.
- إن فن الإقناع وعلم العلاقات العامة لهما دور يحسن الانتباه له . فالكلام الذي ختم به جعفر خطبته يدخل في هذا السياق: “خرجنا إلى بلدك واخترناك على مَن سواك ورغبنا في جوارك ورجونا أن لا نُظلم عندك أيها الملك”.
اعتراضات
أما الاعتراضات التي اشتمل عليها السؤال ، والتي يثيرها بعض إخوتنا حول هذا الموضوع ، فيمكن تلخيصها في خمسة . وفيما يلي نقاش لكل منها :
الاعتراض الأول : أن المشاركة تُخلُّ بعقيدة ولاء المسلمين للمسلمين ، وبراءتهم من الكافرين ، وهذا تصور خاطئ ناتج عن أمرين :
- صياغة أمور عملية صياغةً عقائدية مع الفارق الكبير بين الأمرين . فحسن تعامل المسلمين وتعاونهم مع غيرهم لا يترتب عليه ولاء أو براء ، لأنه ليس أمرا اعتقاديا أصلا ، بل هو أمر عملي وتطبيق لمبادئ “القيام بالقسط” و”البر والقسط” والانتصار والإيجابية .
2- الخلط في قضية الولاء ذاته ، وجعْله شاملا لكل تعاون أو حسن معاملة ، حتى ولو أُريد بها مصلحة المؤمنين واكتساب الناس للإسلام . بينما الولاء الذي حذَّر منه القرآن الكريم هو ما كان “من دون المؤمنين” أي ما كان إيثارا لغيرهم عليهم : حبا ومناصحة ومناصرة . وهذا المعنى مكرَّر في القرآن الكريم بما لا يدع لبسا ، قال تعالى متوعدا المنافقين : ﴿ بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا﴾ (النساء:138) . ﴿الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ …﴾ (النساء:139) ثم عقَّب محذرا المؤمنين : ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ …﴾ (النساء:144) وأكد التحذير في آية أخرى فقال (جل شأنه) : ﴿لاَّ يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُوْنِ الْمُؤْمِنِينَ …﴾ (آل عمران:28).
قال الطبري في تفسير هذه الآيات: “هذا نهي من الله عبادَه المؤمنين أن يتخلقوا بأخلاق المنافقين الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين … يقول لهم جل ثناؤه : لا توالوا الكفار فتؤازروهم من دون أهل ملتكم ودينكم من المؤمنين”(4) وقال :” معنى ذلك : لا تتخذوا أيها المؤمنون الكفار ظهرا وأنصارا توالونهم على دينهم وتظاهرونهم من دون المؤمنين وتدلونهم على عوراتهم”(5).
فالولاء المذموم -كما تصرح به هذه الآيات – هو ما كان على حساب المؤمنين إيثارا ومؤازرة لغيرهم عليهم . وما أبعد هذا مِن فعل مَن يتعاون مع غير المسلمين في حدود “البر والقسط” ومع استصحاب مصلحة الإسلام والمسلمين .
الاعتراض الثاني : أن المشاركة نوع من الركون إلى الذين ظلموا ، وقد نهى عنه القرآن الكريم وتوعد فاعليه في قوله تعالى : ﴿وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ .. ﴾ (هود:113).
وهذا فهم خاطئ لمعنى “الركون” الوارد في الآية ، وتعميم لدلالته –بغير دليل – لتشمل كل أنواع التعاون . بينما الركون هو “الميل إلى الظالمين” أو”الرضى بأعمالهم” أو”الرجوع إلى الشرك” ، وقد روى الطبري المعاني الثلاثة عن السلف (7) . فأين هذا ممن تعاون معهم بهدف انتشالهم مما هم فيه ، وحماية المسلمين من تأثيرهم عليهم أو ظلمهم لهم ؟!؟
الاعتراض الثالث : أن المشاركة قبول للأمر الواقع في بلاد الكفر ، بينما يُفتَرَض أن نسعى إلى تغييره . وهذا منطق معكوس : لأن السلبية والانسحاب من الحياة هما اللذان يشتملان على القبول بالأمر الواقع والإقرار به بالفعل الذي هو أبلغ من القول ، أما المشاركة الإيجابية – التي تقدم النموذج الإسلامي في الحياة والخلُق الإسلامي في التعامل – فهي التي تناهض الأمر الواقع من خلال تقديم البديل الأفضل إلى الناس.
الاعتراض الرابع : أن في المشاركة نسيانا وتجاهلا للعمل من أجل إقامة النظام الإسلامي . ويضمن هذا الاعتراض خطأين منهجيين :
- أنه تنقل إشكالا مطروحا في البلدان التي يشكل المسلمون أغلبية سكانها إلى البلدان التي يشكلون فيها أقلية ، مع الاختلاف الكبير في الواقع ، وفي المقتضيات الشرعية المترتبة عليه .فإذا كانت إقامة النظام الإسلامي في الدول المسلمة من أوكد الواجبات ، فإن المطلوب من الأقليات ليس إقامة نظام إسلامي – بالمعنى السياسي الضيق – فذلك أمر غير مطلوب شرعا ولا وارد عقلا في ظل أغلبية غير مسلمة . وإنما المطلوب هو تدعيم الوجود الإسلامي في البلد من خلال المشاركة الجادة في الحياة العامة ، والسعي إلى بناء جماعة مسلمة متماسكة ، في سبيل إقامة مجتمع مسلم من خلال اكتساب الآخرين وإقناعهم بجمال الحقيقة الإسلامية ، ثم يكون الحديث عن النظام الإسلامي أو الدولة الإسلامية أمرا واردا بعد ذلك على المدى البعيد الذي قد يستغرق قرونا . فهكذا كان منهج الأنبياء – عليهم السلام – وهكذا انتهج نبينا -صلى الله عليه وسلم- ، فبدأ ببناء الجماعة المسلمة فالمجتمع المسلم فالنظام الإسلامي.
- أنه يحصر مفهوم النظام الإسلامي في المعنى السياسي الضيق ، بينما الأدقُّ أن نعتبر كل تغلغل لقيم الحق والخير والعدل لبنة في بناء النظام الإسلامي . فإذا استطاعت الأقلية المسلمة – من خلال مشاركتها الإيجابية في صناعة القرار السياسي أو التأثير فيه – أن تُرجِّح قانونا يمنع بعض الأمور المنافية لقيم الإسلام ، كالإجهاض أو استعمال المخدرات مثلا ، فإن في هذا تدعيما لقيم الحق والخير التي هي قيم الإسلام ، حتى ولو لم يتمَّ ذلك في ظل أحزاب إسلامية أو شعارات إسلامية . فالشعارات والمؤسسات – في مثل حالتنا – لا قيمة لها مقارنة بالنتائج والثمرات.
الاعتراض الخامس : أن المشاركة تنافي مفهوم “الإقامة المؤقتة في بلاد الكفر”، وهذا الاعتراض ينطلق من مصطلحات فقهية تاريخية مثل “دار الإسلام” و”دار الكفر” أو “دار الإسلام” و”دار الحرب” ، وهي اصطلاحات قد بيَّنَّا في “المدخل” ضعف الأسس التي تستند إليها من حيث المبدإ الشرعي ، وعدم ملاءمتها للواقع الدولي المعاصر من حيث الواقع أو تحقيق المناط (راجع المدخل).
ويمكن أن نضيف الآن أن هذا الاعتراض يتجاهل أمرا ذا دلالة بليغة ، وهو أن الإسلام إنما أقام مجتمعه الأول في دار هجرة هي “المدينة المنورة” ، ولم يقمه في الموطن الأصلي للرسالة ، أعني “مكة المكرمة” . ولم يقبل الرسول صلى الله عليه وسلم الانتقال إلى مكة بعد فتحها ، بل ظل متشبثا بدار هجرته ، وخاطب أهلها الذين عزروه ونصروه بقوله : “المحيا محياكم والممات مماتكم” .
وبالله تعالى التوفيق ، وهو الهادي إلى أقوم طريق .
هوامش :
(1)- سورة النساء الآيتان 138-139
(2)- سورة النساء الآية 144
(3)- سورة آل عمران الآية28
(4)- تفسير الطبري9/336
(5)- تفسير الطبري6/303
(6)- سورة هود الآية 113
(7)- تفسير الطبري15/500-501
د. طه جابر العلواني
رئيس المجلس الفقهي لأمريكا الشمالية
رئيس جامعة العلوم الإسلامية والاجتماعية