Menu
منهجية التعامل مع التراث الإسلامي - مراجعة لكتاب من أدب الاختلاف إلى نبذ الاختلاف - أُمْنِيّة أهلِ السجود([1]) - The future of Islam in America and west - جانب من جلسات فريق باحثي الأزهر للعمل على وضع منهجية مراجعة التراث - حوار حول الربيع العربي - الإسلام والمسلمون من وجهة نظر غربية - برنامج اخترنا لمكتبتك - معالم في المنهج القرآني - ومضات فكرية

حوار مع مجلة اللواء الإسلامي

 حوار مع د. طه جابر العلواني

 أجراه: محمود عيسى، حازم عبده .

 الخميس 28 ربيع الأول 1424/ 29 مايو 2003 

 رئيس المجلس الفقهيّ لأمريكا الشمالية لازلت متفائلا بمستقبل أفضل للأمّة الإسلاميّة .

 د. طه جابر العلواني في حوار مع «اللواء الإسلاميّ»

 

 جلد الذات وتوبيخ الأمّة.. يقتل مَا بقي لديها من إرادة

 مستقبل العراق مرهون بضرورة يقظة العالم الإسلاميّ

 الحديث عن لوبي إسلاميّ في أمريكا سابق لأوانه! 

  • كيف تنظرون كمسلمين في الولايات المتحدة إلى مستقبل الأمّة الإسلاميّة؟! 

 اهتمامنا كمسلمين في الولايات المتحدة بمستقبل الأمّة الإسلاميّة لا يقل عن اهتمام كل أبناء العالم الإسلاميّ بهذا المستقبل، إن لم يكن أكثر… لأننا مهما كان ارتباطنا بأوطاننا الجديدة، يظل الارتباط بالأوطان الأصلية قويًّا ويظل انتماؤنا العقائدي أقوى من أيَّة جنسيّة نحصل عليها ولازلنا على ثقة من قدرة المسلمين في وطننا الإسلاميّ على صناعة مستقبلهم بأيديهم .

  • أذن مَا  الدور الَّذِي ترونه لأبناء الأمّة في صياغة هذا المستقبل؟ 

 مستقبل أيّة أمّة من الأمم، يتوقف على مجموعة من العوامل الأساسية. أولها: أن تعي خصائصها الذاتيّة وهو شرط مهم للنهوض من الكبوة التي أصابتها.  

 وثانيها: أن تعيد بناء إرادتها لأن تراجع الأمم يبدأ من حيث تضعف إرادتها ويقل تصميمها وتمسكها بموقفها الحضاري، وهذا التمسك بالموقع الحضاري لا يكون إلا بالمراجعة والتجديد الدائم لكل مَا يبلى أو يضعف من عناصر نهضة الأمّة. وأوربا خير مثال على هذه المراجعة، وهذه الإرادة القوية لاستعادة المكانة الحضاريّة، فبعد الحرب العالمية استجمعت إرادتها وراجعت أخطاءها وقررت إنهاء الحرب وأنه لا بد من الوحدة الأوربية ونجحت في ذلك حتى استعادت مكانتها وأصبحت الدول الأوربية في صدارة العالم الآن وربما تتفوق في ذلك على الولايات المتحدة نفسها .

 المؤامرة على الأمّة

  • ولكن ربما أوربا لا تتحكم فيها عوامل خارجية ولا تتعرض للمؤامرة مثلما يحدث مع العالم الإسلاميّ.. فما رأيكم؟! 

 أرى أن الضغوط الخارجية عامل ايجابي وليس سلبيًّا لأن المفروض أن هذه الضغوط تستفز الطاقات الكامنة فالتحدي الخارجي يمكن أن نطلق عليه «المصل الواقي» من المرض ولا بد من وجوده بل اعتبره شرطًا للنهضة مثلما اعتبر وجود الشيطان أكبر حافز يستفز فينا روح التدين.

  • وهل ترى فاعلية لهذا الاستفزاز الإيجابي في ضوء الوضع الراهن للأمّة سواء على مستوى الأنظمة أو على مستوى الشعوب؟ 

 أما الأنظمة فلا أحب أن أتكلم عنها لا لشيء إلا لأنها إفراز طبيعي لحال الأمّة، فذات مرة سأل شخص الإمام عليا بن أبي طالب -رضي الله عنه- فقال: لم نشهد في عهد أبي بكر وعمر مَا شهدناه في عهدك من فتن فلماذا؟! فقال له: لأنني وأمثالي كنا رعية أبي بكر وعمر، وأنت وأمثالك رعيتي فحكامنا منا ولم يستوردوا لنا من الخارج، فما يهمني هُوَ الشعوب وعليها أن تدرك أن أعداءها ليسوا حكامها وإنما عدوها الأساسي هُوَ حالة الطائفية والتمزق.

 وما حدث في العراق من صراع من عام 1932 إلى 2003 والاصطدام بين السنّة والشيعة هُوَ نوع من الغباء أدى إلى هذا الارتماء المهِيَمن في حضن أمريكا، لتحل لهم مشاكلهم وقد كان الواجب أن يدركوا حجم المؤامرة وأن أمريكا أو الغرب لا يهمه أن ينتصف لأحد منهم وإنما همه الأساسي تحقيق مصالحه.

 جلد الذات

  • وبمناسبة مراجعة الأمّة لأخطائها وما تريده من استفزاز إيجابي… هل ترى أن ذلك مبرر لحالة جلد الذات وتوبيخ الأمّة التي يفعلها بعض المفكرين والرموز بهدف اليقظة والانتباه؟! 

 هناك فرق كبير بين المراجعة والنقد الذاتيّ الايجابي، وبين النقد الذاتيّ السلبيّ، فجلد الذات سيكون عائده سلبيًا، لأنها تبني إرادة مهزومة من الداخل، وأسلوب التقريع والتوبيخ لا يحصد إلا اليأس من الإصلاح بدلا من استيقاظ الهمة، والله تعالى ضرب لنا مثلا للمنهج «الوسط» في هذا الأمر، فحينما تحدث عن الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم- وصفه بأنه «بشير ونذير» وهو «منهج» لا بد أن يفهمه المفكرون والنخب لأن الوصف إذا اكتفى بالبشارة فقط، أدى ذلك إلى الاسترخاء والتواكل، وإذا اكتفى بالنذارة فقط هدم مَا بقي لدى الأمّة من الاستعداد لبناء الإرادة والفاعليّة للتخلص من المشكلات فمن الخطأ الشديد أن أقوم بدعوى إيقاظ الهمم وأوجه سبابًا للأمّة وأوجه اتهامات لها بأنها ظالمة وأمّة من الرعاع والبلطجية وأنها فقدت كل مقومات الحياة.. فكيف تشتم أمّة تريد أن تقودها إلى التقدم؟! 

 أعتقد أنه منهج مقلوب وغير موضوعي يجب أن نحذر منه وأن نحذره.

 المسلمون والغرب

  • نعود إلى المسلمين في الغرب… ونسأل هل يشعر المسلمون في الغرب أن الأمّة الإسلاميّة كيان لا يريدون الانتماء إليه الآن؟! 

 يؤسفني أن أجيب على ذلك بنعم… ولكن لا بد أن نسوق أسباب ذلك فخصومنا أولئك الذين يمثلون الجانب الإنساني من الظاهرة الشيطانية، يصرون على أن يبثوا في المسلمين بالغرب روح الهزيمة الداخلية واليأس من أي إصلاح في العالم الإسلاميّ فهم دائمًا يظهرون لهم وبإلحاح مساوئ مَا يحدث في الوطن الإسلاميّ حتى أن البعض يرد بقوله: أنا مسلم أوربي أو أمريكي ولا علاقة لي بما يحدث في المحيط الإسلاميّ وهذا الأمر أعتبره منتهى الرجعية والانهزامية فالواقع أنني مسلم أعيش في أوربا وأمريكا، لا باعتبارها مجتمعات متميزة ولكن انطلاقًا من أن الإسلام أفهمني أن الأرض كلها لله تعالى وأن الجميع أخوة لي، إن لم يكن في الدين فنحن أخوة في الإنسانية.

 التنظيمات الأمريكية

  • للمسلمين داخل الولايات المتحدة الأمريكية أكثر من تنظيم يجمعهم فهل هذا التعدد هُوَ تعدد تنوع؟ أم تعدد اختلاف يضعف ولا يقوي؟ 

 للأسف المسلمون في الغرب عامة وفي أمريكا يتعلمون لكن ببطء شديد، فمن ذهب منهم إلى الغرب لم يذهب بناءً على قرار واعٍ صدر إليهم من قيادة إسلاميّة، وإنما ذهب بقرار فردي بحثًا عن فرص أفضل في الحياة والحرية والدراسة، وقد ذهب المسلمون إلى هناك بخلفيات مختلفة عرقيّة وطائفيّة ومذهبيّة، ونقلوا معهم هذه الخلفيّات، لذا فهم بحاجة إلى وقت ليتخلصوا من سلبيّات هذه الخلفيّات وتنمية الإيجابي منها حتى يكون لهم تأثير إيجابي.

  • إذن ترى أن المسافة مَا زالت بعيدة بين المسلمين وبين إنجاز قوة ضغط فاعلة؟! 

 لا يزال هناك وقت طويل جدًا لا بد منه لكي يكون هذا الوجود فاعلًا؛ لأن عناصر التأثير السياسي في أمريكا ليست كما يظن البعض أنه بكثرة العدد وصناديق الاقتراع فقط لأن النفوذ يعتمد إلى جانب ذلك على قوة اقتصادية ووعي معين وتوازن ثقافي ومعرفي، أما المقارنة باللوبي اليهودي وعدد المسلمين فهِيَ مقارنة خاطئة لأن اليهود استطاعوا بناء مؤسسات تغلغلت في المجتمع الأمريكي وأصبحت جزءًا منه .

 أوضاع استثنائية! 

  • تعرض المسلمون في أمريكا للكثير من الملاحقات والمداهمات، خاصة بعد أحداث «11 سبتمبر 2001» وبعد الحرب الأمريكية على العراق. .. وأنت واحد ممن تعرضوا للمداهمة والاحتجاز فما هِيَ أبعاد هذا الموضوع الآن؟ 

 كل ذلك أعتبره أوضاعًا استثنائية عابرة، أرجو ألا تمثل موقف سلطة ولا شعب، وإنما إجراءات جاوزت الحد في الاعتداء على الحريات، وهذا اعتداء على قيم الولايات المتحدة والشعب الأمريكي أكثر مما هُوَ اعتداء على مسلم من جذر معين، وأنا شخصيًا تمت مداهمة منزلي والاستيلاء على بعض الأوراق والمقالات وجهاز كمبيوتر، وهذا أمر احتسبه عند الله.

  • ولكن أنت أستاذ جامعي وتعمل في النور فما  مبررات مثل هذه التصرفات معك؟ 

 هِيَ نفس المبررات التي تصدر في بعض البلدان تحت ظل القوانين الاستثنائية، ورغم أن المسلمين خسروا حوالي (330) شهِيَدًا في أحداث سبتمبر إلا أن أمريكا اعتبرت اتهام عدد من المسلمين في ارتكاب هذه الأحداث مبررًا لإجراءات استثنائية ضد المسلمين وفي الوقت نفسه كانوا ينتظرون مني شجب وإدانة فتاوى بحكم أنني رئيس المجمع الفقهيّ لأمريكا الشمالية، لكن اهتماماتي بالقضية اهتمامات الأكاديمي وليس السياسي وهذا لم يعجب بعض الجهات داخل أمريكا!! 

 مستقبل العراق

  • وبصفتك عراقيًا داخل الولايات المتحدة كيف ترى مستقبل العراق؟ 

 أعتقد أن مستقبل العراق رهن بيقظة الأمّة الإسلاميّة، لأن العراق لو كان ينتمي إلى أمّة حية تتمتع بالإرادة والفاعلية لما حدث له كل مَا حدث، ولو حدثت يقظة الآن يمكن إنقاذ العراق… وكذلك على الشعب العراقي أن يتجاوز جراح الماضي.

  • وما رأيك في المتعاركين من العراقيين على المائدة العراقية؟ 

 كلهم تورطوا وضحكت أمريكا على ذقونهم وسيستمر الضحك لفترة لن تكون قصيرة، فهم لم يتقدموا كمجموعة وإنما كأفراد وأعطوا لقب المعارضة ولا يزالون يحملونه، رغم هلاك المعارض وهو صدام، وهم كانوا مصدر معلومات متميزة ومصادر إغراء باستعمال القوة لإحداث التغيير، ولم يكن أحد منهم يعلم أن الأمور ستصل إلى هذا الحد، بعد أن توهم كل واحد منهم أن الولايات المتحدة ستلتقط صدام وتضعه هُوَ على الحكم وهذا بسبب عدم القدرة على الوعي على النفس وعلى الآخر… وما أريد أن أنبه إليه أن الأمريكان لا يمكن أن يعملوا مرتزقة أحد لا للعراقيين ولا لسواهم، فهم دولة عظمى، ومن يعتقدون غير ذلك لا يدركون تاريخ المنطقة ولا تاريخ بلادهم ولا تاريخ أمريكا.

  • ولكن إلى أي مدى يمكن أن تفلح الولايات المتحدة في تفجير العلاقة بين الشيعة والسنّة؟ 

 للأسف الشديد عندنا في تراثنا كثير من القضايا التي أتمنى معالجتها، فقضية الشيعة والسنة تشتمل على مجموعة من الألغام الموقوتة التي يمكن لأي طاغية أن يفجرها وقتما يشاء، وللأسف الأمّة لم تصل إلى مستوى المسئولية والنضج لعمل جراحة ناجحة لتنظيف هذه الأمراض ونزع فتيل هذه القنابل، ولذا لا بد أن نتحاور وأن نحتمل بعضنا البعض وأن ندرك أنه يمكن أن نختلف وأن الاختلاف لا بد أن يقع وأن ندرك كيف نحتويه حتى لا يتحول إلى صراع. 

  • وأخيرًا نريد إلقاء الضوء على جامعة العلوم الإسلاميّة والاجتماعيّة التي ترأسونها؟ 

 تمثل الجامعة برنامجًا للدراسات العليا يجمع بين العلوم الإسلاميّة والعلوم والمعارف الاجتماعيّة، لأننا وجدنا بعد طول خبرة أن من أفضل مَا يمكن أن يعود على الدراسات الإسلاميّة بالنفع وأن نخرج العالم القادر على خدمة المجتمع المعاصر، وأن نعطي لدارس العلوم الإسلاميّة تلك المعارف الاجتماعيّة والإنسانية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *