طه جابر العلواني
اغتيال الملك غازي وعائلته
لقد شهدتُ في طفولتي جنازة الملك غازي الأول بن فيصل الأول بن الشريف حسين، الذي خلف أباه على عرش العراق -آنذاك- ملكًا متوّجًا منتخَبًا. كان الشعب العراقي قد شغف به حبًّا، فذلك الشاب غازي كان متعاطفًا مع القضايا القوميّة والوطنيّة بشكل ملحوظ، ولا يُخفي عداءه للإنجليز. وقد استطاع غازي أن يؤسّس دار إذاعة عام 1938م في قصره المُسمّى (قصر الزهور)، ينادي من خلالها العربَ بصوته ليتّحدوا ويواجهوا بريطانيا ومؤامراتها معًا، ويعملوا على تحرير بلدانهم. وقد نالت دعوته للوحدة العربية استجابةفي ذلك الوقت في أوساط الشباب الكويتي العربي وغيره من أبناء الخليج. ولم تلبث بريطانيا أن فطنت لأثر توجه غازي، وخشيت أن يقود تيّارًا قوميًّا وطنيًّا قد يخرجها من المنطقة كلها؛ فدبّرت له حادثة اغتيال بمعاونة أحد خدمه أو حرّاسه الذين كانوا يرافقونه في جولاته بسيارته المكشوفة في بغداد. كان غازي يقود سيارته بسرعة -في إحدى جولاته- وحين قاربت سيارته عمود كهرباء ضُرب الرجل على رأسه من خلف، لترتطم السيارة بعمود الكهرباء، ويموت من ساعته. ثمّ أصدرت الحكومة بيانًا آنذاك بأن الملك الشاب كان يقود سيّارته بسرعة وفقد السيطرة عليها فاصطدم بالعمود وأصيب رأسه ومات على إثر ذلك. لكنّ شهود عيان وبعض الأطباء سرّبوا خبرًا مفاده أن إصابة الملك كانت من الخلف لا من الأمام كما يُفترض لو كان الحادث حادث اصطدام عادي. فُجع الشعب العراقي في ملكه المحبوب؛ فخرج عن بكرة أبيه يندب ويلطم ويولول وينشد قصائد الرثاء. و تمنّى آلاف العراقيّين لو أنَّهم قُتلوا وافتدوا الملك بحياتهم. ولازلت أذكر ما كانت تقوله بعض الندّابات[1]، وتردده الجماهير خلفها: “أويلي عالوزارة شلون غدّارة…..لو ابنه ﮔـبير وياخذ بثاره”. ولقد رأيت مئات من أبناء الفلوجة وشبابها وشِيبها يضربون صدورهم باللبِن وهم يردّدون ذلك البيت، وفيه اتهام للحكومة بالغدر والتآمر على الملك والمشاركة في اغتياله
ثم رأيت بعد عشرين عامًا من ذلك_ وأنا في عزّ الشباب_ كيف أباد العراقيّون _الذين بكوا دمًا على غازي_ أسرته كلها. فقُتل الملك فيصل، الملك الشاب، ودفن سرًّا دون جنازة. ثم قُتل الولي لعهده عبد الإله بفعل الملازم عبد الستار العبوسي مع أمه وبقيّة أفراد العائلة. أمّا خال الملك والوصي على عرشه، فقد قُتل وسحلته الجماهير التي تصدّرها اليساريّون آنذاك إلى أن وصلت بجثّته الممزقة قرب أحد الجسور، فعلّقت الجثة على شرفة فندق من الفنادق القريبة، وبدأت عمليَّة تمثيل يصعب وصفها، ولم يشفع للعائلة المنكوبة لا تاريخها ولا نسبها الشريف الذي كانت تفخر به.
مقتل نوري السعيد
وبعد يومين قُتل نوري السعيد حين كان متخفيًا في منطقة البتاوين. و حين أُخبر عبد الكريم قاسم بخبر قتل نوري السعيد ، أمر العقيد وصفي طاهر -الذي كان مرافقًا لنوري السعيد وحارسه الأمين لعقود- أن يذهب ويأتيه بجثّة نوري؛ ليتأكد بنفسه أنَّ القتيل هو نوري وتزول مخاوفه ويطمئن قلبه؛ فأتى وصفي بالجثة بعد أن مثَّل إطلاق النار عليها بعد أن فارق نوري الحياة بحوالي عشرين دقيقة، ثمّ ألقاها بين يدي سيّده الجديد، وكوفئ وصفي بأن عيّنه عبد الكريم قاسم كبير مرافقيه بعد أن كان كبير مرافقي نوري. وبعد أن اطمأن عبد الكريم قاسم من كون القتيل هو نوري، أمر بدفنه ووُوري الثرى في مقبرة الشيخ معروف. ويُذكر أنّ عبد الكريم هذا كان يفخر بأنَّه أقرب ضبّاط الجيش العراقي إلى قلب نوري السعيد، وأنَّه يدخل عليه دون استئذان في أي وقت يشاء، والذي كان يشك في إمكان نجاح الانقلاب مادام نوري حيًّا.
لكنّ الجماهير العراقيَّة لم يُرضها مصرع نوري السعيد بهذا الشكل؛ فذهبت بقيادة بعض اليساريّين والشيوعيّين إلى المقبرة في عز صيف بغداد الحار، واستخرجت الجثة التي نهشها التفسّخ، و تغيّرت رائحتها، فوضعوا في رجلي نوري الحبال وسحلوه من المقبرة، وطافوا بأشلائه الممزّقة أحياء بغداد. وقد حكى لي أحد قادة الحزب الوطني الديمقراطي أنَّ السَحَلَةَ قد جاءوا بجثة نوري ومرّوا بها أمام بيت كامل الـﭼادرﭼـي، وكان من قادة المعارضة آنذاك، يقول الرجل: فقلت لكامل الـﭼادرﭼـي زعيم الحزب الوطني الديمقراطي: “أيرضيك هذا يا أستاذ؟”، فقال: “نعم، إنَّها غضبة الجماهير، وللجماهير التعبير عمّا تراه، ولو أنَّ الجماهير أخطأت وسحلتني شخصيًّا لسامحتها، وعذرتها”، يقول الرجل: فسكت وخرجت من بيته وأنا عازم على اعتزال العمل السياسي بعد ذلك[2].
وفي 1/5/1959م كان عدد نفوس العراقيّين لا يتجاوز 8 ملايين، خرج منهم مليون وربع المليون يهتفون: “عاش زعيمي عبد الكريمي، الحزب الشيوعي بالحكم مطلب عظيمي”، وبين فترة وأخرى يُقاطع الندّابةُ الثوريون هذا الهتاف بـ: “عاش الزعيم الأوحد والأوحد والأوحد عبد الكريم قاسم” أو: “عاش الديمقراطي عبد الكريم قاسم”.
وفي 10 شباط فبراير 1963م، انقلب عبد السلام عارف على عبد الكريم قاسم ومعه قادة حزب البعث، وتمكّنوا منه وأعدموه في دار الإذاعة العراقيّة، ولقد رأى العراقيّون، بل والعالم كافّة، ذلك الذي ألّهه عامّة العراقيّين لمدة أربع سنوات على الأقل، يمسك به جندي من شعر رأسه ليضع حذاءه العسكريَّ على رأسه. ولا أدري ما يمكن أن يقوله التربويّون وعلماء النّفس عن الآثار التربويَّة والنّفسيَّة التي يرثها أطفال وأبناء شعب كهذا يؤلّه حاكمًا اليوم ويطأ رأسه أو يسحله غدًا، ويقتله بأسوأ ما يكون القتل وبأكثر ما تكون المهانة.
وقد حاول بعض النّاس سرقة جثّة عبد الكريم قاسم، ربما ليُقيموا عليها ضريحًا يطوفون به، فالقوم كما يقول شوقي:
رَفَعَتْكَ كَالصَّنَمِ المؤلّهِ أُمَّةٌ | لَمْ تَسْلُ بَعْد عِبَادَةَ الأَصْنَامِ |
وطُويت تلك الصفحة، ولم تجد الحكومة البعثيَّة وسيلة لإخفاء جثّة عبد الكريم إلا إلقاء جثّته ليلاً في نهر دجلة بعد ربطها بقضيب من قضبان السكة الحديد، وشهدنا بعد ذلك مقتل عبد السلام عارف في حادث طائرة، ونهاية البكر وصدام حسين، وشهدنا في مصر جنازة جمال عبد الناصر، التي أحاطت بها الملايين الباكية حتى المثوى الأخير، ثم جنازة السادات، وسمعنا عن جنازة نميري في السودان وغيرهم.
مصرع القذافي
واليوم شهد الناس مقتل القذافي بعد اثنين وأربعين عامًا متسلّطًا على شعبه، ولم يتجاوز نصف عام من الحرب الأهليَّة التي صمّم أن يختم بها حكمه وحياته. ووجدنا الاختلافات حول دفن جثته. أتُدفن في ليبيا أم تُلقى خارج المياه الإقليميَّة الليبيَّة، أو يُشترى له قبر في دولة أفريقيَّة، أو خلاف ذلك. ومن أطرف التعليلات ما سمعناه من معارضيه الذين كانوا يخشون أن يجعل المحبون له من قبره مزارًا يُكرّسون بتعظيمه معارضتهم للنظام الجديد، أو بعض المعارضين الذين يخشون اتخاذ قبره _كما اتخذ قبر أبي رغال سابقًا_ موضعًا للرجم والإهانة. وذكّرني ذلك كله بقول أحد الحنابلة، وهو يحاول التقليل من أهميَّة المعتزلة: “بيننا وبينهم الجنائز”، فقد عرف الحنابلة بأنَّ جنائزهم يغلب أن يشيعها الكثيرون، لأنهم فيما يرى بعض قادة أهل السنَّة والجماعة، في حين يرى آخرون أنَّهم كانوا يمثلون دور المعارضة للحكام والتعاطف مع جماهير الأمَّة. وأيًّا ماكان الأمر فللجنائز دلالاتها.
أرأيت قارئي العزيز طرافة موضوع (جنائز الحكّام)، وما في جنائز كل منهم من عبر ودروس؟! وقد يتساءل بعض الناس أليس مصير واحد من هؤلاء كفيل بردع الآخرين عن سلوك سبيل الاستبداد والفساد والدكتاتوريَّة، وإهمال الشعوب والاستعلاء عليها، ويجعلهم يكفّون عن ذلك ويرتدعون. لكنَّ الإنسان محل النسيان، وقد قيل قديمًا:
وَمَا سُمّيَ الإِنْسَانُ إِلا لِنسيهِ | وَلا القَلْبُ إِلا أَنَّهُ يَتَقَلَّبُ |
وشهدنا في الآونة الأخيرة حاكميْن من حُكّام العرب لم يتردّد أيّ منهما في أن يصرّح بأمنيته بأنَّ تشيَّع جنازة شعبه على أن تُشيَّع جنازته. قالها صدام يوم قيل له: “إنَّه مهما طال عمر الزعيم فإنَّه صائر إلى الموت لا محالة، فلِم لا يفتدي شعبه بنفسه؟”، قيل إنَّه أجاب: “إنّ أي شخص يتخيَّل أنَّني قد أترك حكم العراق قبل أن أجعله حمادًا -يعني أرضًا يبابًا لا حياة فيها- فإنَّه واهم، فلو قُدِّر لهم تسلّم العراق بعدي فلن يتسلّموه إلا خرابًا”، وقد فعل. وبمثل ذلك قال القذافي، الذي وصف الثوّار وقادة شعبه بأنَّهم حشرات تستحق الإبادة، وأنَّ استبداده بهم نعمة لم يستطيعوا تقديرها؛ ولذلك لم يتردد بأن يقاتل حتى آخر قطرة من دماء الليبيين. ولكنَّه قد انتهى في حفرة تحت الأرض تشبه إلى حد ما الحفرة التي أُلقي القبض فيها على صدّام، فهل يأخذ الآخرون من ذلك درسًا أو عبرة؟! لا أظن، فمثل هذه الدروس والعبر تحتاج إلى نسبة عالية من رقّة الإحساس، ولطف الوجدان، والإنسانيَّة العالية، والإدراك لمعنى الحياة، ودور الإنسان فيها، وكل ذلك ممّا لا يسهل على هؤلاء أن يفقهوه.
كيف يبدأ الاستبداد
إنَّ القذّافي حين تسلّم السّلطة، كنت تراه يحمل استعدادًا للتّواضع، ويحاول تقليد الراحل جمال عبد الناصر في كثير من خطواته. يذكّرني بسائر من عرفت من الحكّام الذين يبدؤون حياتهم -خاصّة العسكريّون منهم- وأحدهم أشد ما يكون رقّة طبع وتعاطفًا مع شعبه. فلا تمضي أسابيع أو شهور حتى يحيط بكل من هؤلاء انتهازيون شياطين، احترفوا أن يكونوا حاشية، وأن يعيشوا على هامش حياة هؤلاء، ليجعلوا منهم -بعد حين- طغاة مستكبرين يتعالون على شعوبهم ويحتقرونهم ويدوسون عليهم وعلى مصالحهم. ثم لا يلبث أن يجعلهم مديح الانتهازيين أصنامًا، ترى نفسها ملهمة فاهمة فاقهة لكل شيء، قادرة على كل شيء. ومن هنا يبدأ الاستبداد. إنَّ الله -تبارك وتعالى- جعل الدرك الأسفل من النار مقرًّا للمنافقين وموئلاً لهم. وهؤلاء الانتهازيون الذين يحيطون بالحكام ويجعلون من أنفسهم حواشي لهم _ يزيّنون لهم السوء ويقبّحون في أعينهم الحسن _ منافقون جدد، بل هم أتعس أنواع المنافقين.
لقد أدركتُ حكمة الله -جلّ شأنه- في حصر الثّناء والمدح والحمد بذاته العليَّة: ﴿الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾(الفاتحة:2)، هذه الآية التي يكرّرها المسلمون في صلاتهم المفروضة سبع عشرة مرة في كل يوم وليلة، ومَنْ يُوفّق منهم لأداء نوافل قد يكرّرها ضعف ذلك العدد، ومع ذلك فإنَّ ثمّة وزراء ومرافقين ومنتفعين وحاشية ونفس أمارة بالسوء مستعدة للطغيان، تجتمع كل تلك الأقنية الفاسدة المضروبة لتجعل من هذا الإنسان -بعد أسابيع أو شهور- طاغية من طغاة العصر، إذ قال فرعون: ﴿أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى﴾ (النازعات:24)، أو: ﴿مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرِي﴾ (القصص:38) بلسان المقال، فإنَّ الطغاة عندنا يردّدونها بلسان الحال مئات المرات وآلافها، وتحليل أي خطاب من خطابات الطغاة وكيفيّته ونبرات صوته وهو يصك مسامع شعبه تُشير إلى ذلك، بل وتؤكده.
كيف نتقي الاستبداد
إنّ الأمَّة إذا أرادت -بعد كل هذه التجارب وما قد يأتي من بقاياها- التخلّص من حالة الاستبداد إلى الأبد، فإنَّها أحوج ما تكون إلى مراجعة عقيدتها وإيمانها بالله، وتصحيح الإيمان وإعادة بنائه، والتمكين له في قلوب المؤمنين، وملء فراغات القلوب به، وبأنّه: ﴿وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدُيرٌ﴾ (الأنعام:17)، وأنَّه -جلّ شأنه- وحده الذي يعطي ويمنع ويُحي ويُميت ويرزق ويقطع: ﴿وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ*إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ*قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَامًا فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ*قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ*أَوْ يَنفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ*قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ*قَالَ أَفَرَأَيْتُم مَّا كُنتُمْ تَعْبُدُونَ*أَنتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ*فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِّي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ﴾ (الشعراء:69-77). فلكي لا يتكرّر القذافي أو صدام حسين أوأبو رقيبة أو ابن علي أو سواهم، لا بد من تغيير الشعوب وتغيير الإنسان المنتمي لهذه الشعوب؛ ليكون العبد الذي يوجه وجهه لله وحده، ويحصر ثناءه وعبادته وتعظيمه وحمده فيه تبارك وتعالى، بدون ذلك فقد يتكرّر الطغاة بأسماء جديدة وأشكال جديدة، ولن تحول دون ذلك النّظم السياسيَّة. ولن تستطيع الديمقراطيَّة أن تقدّم من الضمانات للشعوب ما يحول بينها وبين هيمنة هؤلاء. إنَّ تغيير الإنسان هو الطريق الوحيد الذي يمكن لشعوبنا أن تتحرّر به. أمَّا مقتل طاغية وهزيمة مستبد وانهيار نظام دكتاتور فهي من قبيل عمليات جراحيَّة، لا تستطيع أن تستأصل المرض من جذوره؛ لأنَّ استئصاله يحتاج إلى إرساء دعائم التوحيد الخالص في قلوب مؤمنة نقيَّة طاهرة، وإلى إرساء النّظام التربوي التعليمي المتين المنطلق من التصوّر القرآني للإنسان والكون والحياة. فيا شعوبنا أجيبي داعي الله ولا يستخفنّك الذين لا يوقنون.
إنَّ الخطوة التي تلي ترسيخ التوحيد لإعادة بناء الأمَّة، هي بناء نظام تربويّ تعليميّ متين يؤدي إلى تزكية الإنسان وتطهيره وتزكية الحياة ونظمها وتطهيرها، وبناء قواعد العمران وإرساء دعائمها. إنَّه ما لم تستطع الأمَّة إعادة بناء ذاتها؛ ليكون كل فرد فيها مثل ما قال الله في كتابه: ﴿ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً عَبْدًا مَّمْلُوكًا لاَّ يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَمَن رَّزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقًا حَسَنًا فَهُوَ يُنفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْرًا هَلْ يَسْتَوُونَ الْحَمْدُ لِلّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ*وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً رَّجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لاَ يَقْدِرُ عَلَىَ شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّههُّ لاَ يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَن يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴾ (النحل:75-76).
[1] والندّابات في العراق نسوة يُجدن استدرار الدموع وإثارة الأحزان ودفع أهل الفقيد ومحبيه لأن يلقوا آخر قطرة من دموعهم لعل ذلك يريحهم، فكانت الندّابة حرفة يتقنها أولئك النسوة ويتقاضين أجرًا عليها.
[2] أمَّا ظاهرة السَّحل التي ألفها العراقيون وفعلوها غير مرّة، فقد بدأت بسحل طاهر بن الربيع مدير شرطة المأمون لجثة الأمين أخيه بعد مقتلهمن الرّصافة إلى الكرخ. وطاهر بن الربيع هذا قد أُقيم على قبره مسجد ما زال قائمًا في حي من أحياء بغداد، يحمل اسم جامع الإمام طه. فانظر المفارقة، خليفة يُسحل ومدير شرطة يُتّخذ قبره مسجدًا.