Menu
منهجية التعامل مع التراث الإسلامي - مراجعة لكتاب من أدب الاختلاف إلى نبذ الاختلاف - أُمْنِيّة أهلِ السجود([1]) - The future of Islam in America and west - جانب من جلسات فريق باحثي الأزهر للعمل على وضع منهجية مراجعة التراث - حوار حول الربيع العربي - الإسلام والمسلمون من وجهة نظر غربية - برنامج اخترنا لمكتبتك - معالم في المنهج القرآني - ومضات فكرية

الكوارث الطبيعيَّة والمواقف اللاهوتيَّة

أ.د/طه جابر العلواني

استمع العالم إلى الكثير من التحليلات حول “الزلزال الذي حدث في المحيط الهادي”، وأطلق عليه “تسونامي”، وضرب مساحات كبيرة من شواطئ جنوب شرق آسيا. وذهب ضحيَّة ما سبَّبه من أضرار مئات الألوف من البشر والحيوان، فضلًا عن بلايين من الدولارات قدرت بها أضرار الممتلكات والأموال والزروع وما إليها. وكان أكثر المتضررِّين بذلك أبناء جزر إندونيسيَّة مسلمة، وجاءت التحليلات اللاهوتيَّة التالية في التعليق على أسباب ما حدث: فهناك تحليلات كنسيَّة استندت إلى الأناجيل، وقالت بأنَّ السيد المسيح “قد تنبأ بحروب واضطرابات في العالم. وزلازل شديدة ومجاعات وأوبئة…” وأنَّه قال ــ وهو يهيئ أذهان تلامذته لمجيئه الثاني: “…وستظهر علامات في الشمس والقمر والنجوم. وتكون على الأرض ضيِقَة على الأمم الواقعة في حيرة؛ لأنَّ البحر والأمواج تعج وتجيش ويغمى على الناس من الرعب، ومن توقُّع ما سوف يجتاح المسكونة؛ إذ تتزعزع قوات السماوات… عنذئد يرون ابن الإنسان آتيًا في السحاب”[1].

 فإذًا: كل هذا الذي يحدث إنَّما هو تمهيد للمجيئ الثاني للسيد المسيح ــ وبناءً على ذلك توقعت قيادات دينيَّة في أمريكا وغيرها، أنَّ السيد المسيح قادم إلى العالم ثانية عام (2007) بالذات. وكل هذه الفوضى هي بعض المقدِّمات الضروريَّة لمجيئه عليه السلام. فنهاية الأرض ونهاية التاريخ لن تحدث إلا والنصرانيَّة بقيادة المسيح منتصرة وسائدة في الأرض كلّها . فالمسلمون لا حل أمامهم ــ والحال هذه ــ إلا التنصُّر أو الموت، واليهود الذين حاولوا صلبه، وأغروا به هذه المرة سيُكفِّرون عن خطاياهم وينضمون إلى السيد المسيح ابن الرب ــ ابن الإنسان!! والآخرون سوف يدخلون النصرانيَّة، وبعد ذلك تكون الخاتمة: نهاية التاريخ وسيادة النصرانيَّة الأرض كلّها.

وهناك تحليلات يهوديَّة لا تختلف كثيرًا إلا في بعض التفاصيل، حيث إنَّ لديهم “مشايا” أو “مشيح” ذا صفات خاصَّة، يظهر ليحكم العالم منتصرًا لليهود واليهوديَّة، وتسبق قيام حكومته العالميَّة مجموعة كوارث ومصائب. فالمصائب والكوارث ــ إذًا ــ محتمة الحدوث عند الفريقين. والمسلمون معرَّضون للتنصير أو الإبادة عند النصارى، والإبادة فقط لا غير عند اليهود.

والنصارى يؤمنون بأنَّ السيد المسيح قد أوجب عليهم أن يبشروا بالإنجيل ويحملوه إلى جميع الأمم[2]. وذلك لكي يجد السيد المسيح النصرانيَّة هي السائدة في العالم. وبالتالي فقد كان على ضحايا “تسونامي” أن يتنصروا قبل الكارثة، أو يبقوا على ما هم فيه من إسلام أو بوذيَّة أو وثنيَّة فيهلكوا، ويكونوا درسًا لسواهم.

أمَّا المسلمون، فإنَّ المؤمنين منهم بعودة السيد المسيح الثانية، وبضرورة مجيئ المهدي المنتظر قبله فإنَّهم لا يختلفون كثيرًا مع التصورات السابقة إلَّا بالتوقيت وبالضحايا، فبعض هؤلاء كانوا يبشرون منذ سنة 2000م بأنَّ السيد المسيح لا بد أن يسبقه “المهدي المنتظر” الذي يملأ الأرض عدلًا بعد أن ملئت جورًا، والمهدي يحكم لسبع سنوات يملأ فيها الأرض عدلًا، ثم ينزل سيدنا عيسى ويصر على الصلاة خلف المهدي؛ لأنَّ نزوله سوف يصادف وقت صلاة الفجر بتوقيت دمشق التي سوف ينزل فيها على منارة بيضاء، وينزل من المنارة مباشرة إلى فناء المسجد فيجد الصلاة قد أقيمت، والإمام “المهدي” قد تقدم فإذا شعر بوجود عيسى تراجع، وطلب من عيسى أن يؤم الصلاة؛ فيرفض عيسى ويقول: “بعضكم لبعض أئمة” !! ويستندون في ذلك إلى أحاديث وأخبار وآثار تحتاج إلى التصديق القرآنيّ والهيمنة عليها.

 المهم: كانت فئآت من هؤلاء تبشِّر وتكتب النشرات بالانترنت وسواه منذ سنة 2000 بأنَّ زمن المهدي قد أطل، وأنَّ ظهوره يغلب أن يكون سنة (2004م أو 2005م)، فإذا حسبنا الفارق بينه وبين نزول المسيح، وهو سبع سنوات، فذلك يعني أنَّ نزول المسيح لن يكون فيما يذهب إليه هؤلاء سنة (2007)، أيّ: إنَّه لن يكون في ولاية الرئيس جورج ووكر بوش الثانية؛ بل ربما يكون ذلك في ولاية “نيوتغرنكَج” أو أي جمهوريّ آخر يبسط البساط الأحمر للسيد المسيح، ولكنَّ النصارى لا يؤمنون بما تؤمن به هذه الطائفة من المسلمين. ولذلك فإنَّ “الجودوكريستيان أو اليهود المسيحيّين” لا يرون ما يمنع من مجيئ المسيح قبل ذلك أو بعده بقليل: وأمَّا اليهود فإنَّ المهم ــ عندهم ــ هو الحكم والنفوذ والسلطان. أمَّا الدولة ــ عندهم ــ فهي قاعدة انطلاق ومقر قيادة؛ لكن النفوذ يجب أن يمتد ليشمل العالم كلّه.

فنحن نشهد ــ والحالة هذه ــ اتفاقًا لاهوتيًّا عجيبًا، هو أحوج ما يكون إلى دراسات تحليليَّة متعمِّقة، تجلِّي لنا ما وراء هذا التوافق العجيب على ضرورة شيوع الفتن والحروب والزلازل والمجاعات والأوبئة. كل هذه المصائب العالميَّة الكبرى التي تُشَم من كل منها رائحة الجريمة، يجب أن تسجل ضد مجاهيل. ويجري تواطؤ لاهوتيُّ عجيب على التعمية على أسبابها ومقدِّماتها، والدور الإنسانيّ والفعل الإنسانيّ فيها أو في إيقافها، سواء أكانت حروبًا أو عمليَّات إفساد في البيئة، وتلوث في البر والبحر والجو وثقب الأوزون، وتغيير طبيعة الأرض والبحر والجو والعيث فيها فسادًا وتدمير عمرانها، والنظر إلى الطبيعة على أنَّها عدو نصارعه لنصرعه وندمَّره لكي يحقق الإنسان الغربي “التنمية الشاملة” ويعيش في حالة علوّ في الأرض.

 والنظر إلى الإنسان الغربيّ على أنَّه “نهاية التاريخ” من أكثر الأوهام البشريَّة دفعًا باتجاه الإفساد في الأرض فلا تاريخ بعده. وهو نهاية التطور الإنسانيّ “السوبرمان” وكل ما عداه أنواع بشريَّة متدنِّية، يكفي أن تقدم له الخامات والأيدي العاملة الرخيصة، وتتيح له فرصة التمتع بالفتات الذي يسمح للدورات الصناعيَّة والتجاريَّة أن تستمر بالعمل.

ما الذي ساعد على بروز هذه التصورات؟.

إنَّ أبرز ما يلاحظه الباحث في هذه الظاهرة من الأسباب هو: الغبش والاضطراب في إدراك مفهوم “اليوم الآخر” على حقيقته. وأنَّه اليوم الذي يبعث الله (تبارك اسمه وتعالى) الخلق للحساب والجزاء على ما قدموا في هذه الحياة الدنيا. وأنَّ تسميته “بيوم” ليس المراد منه أنَّه يقع داخل الزمن الذي نعيشه؛ لأنَّه مختلف تمامًا عن مفهوم “اليوم” وخارج عن مفهوم “الزمن” الدنيوي فهو لا يحدث إلا بعد “تكوير الشمس، وانكدار النجوم، وتسيير الجبال، وتسجير البحار، وانفطار السماء، وتفجير المحيطات والبحار، وبعثرة القبور”. كما أنَّه يوم كألف سنة مما تعدون. وذلك يعني أنَّ هذا الزمن الذي نعيشه له نهاية حتميَّة، وغاية حدَّدها الخالق (تبارك  وتعالى) تنتهي بالفناء: ﴿كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ (الرحمن:26-27). وبعد نهاية هذا الزمن تمامًا بما فيه ومن فيه؛ يجري البعث وتبدأ الآخرة دار الحساب.

والإيمان باليوم الآخر هو الركن الثاني من أركان الإيمان. وهو منطلق وقاعدة “المسؤوليَّة بكل أنواعها”. والإيمان به من أشق الأمور وأصعبها على العقل الإنساني، والمشركون ينكرونه أشد الإنكار ويعجزون عن تصوره. والكتابيُّون الذين حرَّفوا ما أوحي إلى رسلهم وأنبيائهم أدخلوا عليه من التصورات الوثنيَّة والتغييرات ما جعله مفهومًا شديد الغموض، بالغ الاضطراب. ولا يتسع المجال ــ هنا ــ للدخول في تفاصيل ذلك. ومن المفيد لمن شاء أن يعرف اضطراب أهل الكتاب في هذا أن يرجع إلى كتاب ابن حزم “الفصل في الملل والنحل” وإرشاد الحيارى لابن القيم والجواب الصحيح لابن تيميّة وإظهار الحق، والوحي المحمدي لرشيد رضا. وقد أعدت رسائل جامعيَّة في عقيدة البعث والجزاء  كثيرة، فليرجع إليها. لأنَّ الذي يهمنا هنا أن نوضح القاعدة الفكريَّة التي انطلقت منها هذه التفسيرات اللّاهوتيَّة العجيبة!!!

فإذا عرفت أنَّ منطلق هذه التفسيرات، هو الاضطراب في فهم “الزمن واليوم الآخر، والفرق بين الحياة الدنيا والآخرة”. فذلك يعني أنَّ مآل تصوُّر أصحاب الاعتقادات المنحرفة أو الباطلة في اليوم الآخر أن يقولوا بلسان المقال أو الحال: ﴿.. إِنْ هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا .. (الأنعام:29)، والنتيجة الثانية: ﴿.. وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ (الأنعام:29)، ﴿زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَن لَّن يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ .. (التغابن:7)، والإعتقاد التوحيديّ الصحيح باليوم الآخر: أنَّ الحياة دار عمل وعمل وعمل، وأنَّ الدار الآخرة ــ وحدها ــ هي دار الجزاء والحساب والثواب والعقاب. ﴿وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (التوبة:105).

إذًا: فاضطراب الاعتقاد في اليوم الآخر أدى إلى القول “بنهاية التاريخ”. وأنَّ الجنة والنار أرضيَّتان، فالفردوس “هو فردوس دنيوي يحدث بشكل خضوع العالم ــ كلّه ــ إلى مملكة واحدة تنهي الثنائيَّات، والصراع والتدافع (فمملكة صهيون، ومملكة المخلِّص المسيح، ومملكة المخلِّص المهدي المنتظر، وفردوس الاشتراكيَّة، واليوتوبيا التكنولوجيَّة) وكل هذه الجنان المفتعلة جنان أرضيَّة تحدث في الزمن”بمفهومه الأرضيّ”[3].

“والنظم الحلوليَّة (اللاهوتيَّة منها والماديَّة الوضعيَّة) نظم مغلقة تفضي إلى القول بنهاية التاريخ، ففي “وحدة الوجود اللَّاهوتيَّة” يحل الإله في الطبيعة، وفي الإنسان، فيستوعبهما في ذاته، ويصبح كل شيء تعبيرًا عن الإله، وتجسيدًا له (ولا موجود إلا هو، أو ما في الجبَّة إلا هو) فينتهي التاريخ، ويلغى الزمن، ويتحوَّل إلى دورات متكررة تعاقبيَّة … وأمَّا في “وحدة الوجود الماديَّة” فيحل الإله في الإنسان والطبيعة ويستوعب هو فيهما، ويصبح لا وجود للإله إلا بظهوره من خلالهما، والإنسان والطبيعة يتمثلان الإله ويحولانه إلى مجموعة من القوانين، منها “قوانين الطبيعة والمادة” و “قانون الحركة” و “قانون الصيرورة” ويصير كل شيء مسيرًا بهذه القوانين … فمن أحاط علمًا بهذه القوانين بلغ المعرفة التي تمكنه من التحكم في العالم، وفي إنهاء التاريخ الإنساني والزمان، وفي بدء التاريخ الطبيعي وتأسيس الفردوس الأرضي[4].

وهكذا الموضوع نفسه يفقد “الإنسان والفعل الإنسانيّ قيمته ويصبح المخلِّص ضرورة وحتميَّة في الرؤية اللَّاهوتيَّة وفي الرؤية الماديَّة. أمَّا “الرؤية الاسلاميَّة التوحيديَّة” فهي مغايرة لهذه الرؤى جميعها لا تتَّسع لأيّ منها بحال: وبالتالي فلا بد للإنسان إذا رأى الظواهر المماثلة أن يدرك أنَّ هنالك خللًا مَّا قد حدث، فظهور التلوُّث والفساد في البر والبحر والجو لم يحدث بدون أسباب، وممارسات إنسانيَّة خاطئة، ومثلها قضايا الفتن والحروب والصرعات، وثقب الأوزون، والتغيرات البيئيَّة، والجويَّة؛ بما كسبت أيدي الناس. وللتجارب النوويَّة والهايدروجينيَّة، والأسلحة الكيماويَّة والبايلوجيَّة أثمان باهضة تدفعها البشريَّة كلّها من صحتها، وسلامة بيئتها. ومثل ذلك إغراق حاملات النفايات النوويَّة في المحيطات، أو دفنها في الصحاري … فهذه ــ كلّها ــ خارجة تمامًا عن إطار التفسيرات اللاهوتيَّة.

ولقائل أن يقول: وماذا عن آيات قرآنيَّة كريمة ربطت بين ظلم الأمم وانحرافاتها وهلاكها، وكذلك أحاديث صحيحة فسَّرت تلك الأحاديث مثل كثير من الآيات التي تحدثت عن مصائر الأمم والقرى التي عصت أنبياءها فأهلكها الله تعالى، فإنَّ الأنبياء كافَّة كانوا ينهون الأمم عن الفساد في الأرض: ﴿وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا…﴾ (الأعراف:85) ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ * أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِن لاَّ يَشْعُرُونَ﴾ (البقرة:11-12)، ﴿… وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ﴾ (البقرة:205)  ﴿ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ (الروم:41).

والقرآن يفسِّر بعضه بعضًا فقوله تعالى في هذه الآية: ﴿وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ (السجدة:21) مفسر بآية الروم، وذلك يعني أنَّ الإنسان الذي عاهد الله على التوحيد وتزكية نفسه وإعمار الأرض قد نقض العهد؛ فأشرك أو ألحد؛ ففقد “البوصلة الهادية” ولم يزك نفسه، ففقد أهليَّته للوفاء بالعهد، والقيام بمهمة الاستخلاف، فحقق مخاوف الملائكة الذين قالوا: ﴿.. أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ .. (البقرة:30). وتخلى عن الأمانة التي حملها مختارًا: ﴿إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا (الأحزاب:72)، فلم يؤد حقها، ولم يأبه بالكون الذي اؤتمن عليه، ولم يصلح فيه، ولم يقم بما يقتضيه حق العمران. فلابد أن يعم الفساد والشرور البلاد، ويتمرد الكون عليه، وتنقلب الطبيعة ضده. وهو أي الإنسان أولًا وآخرًا المسئول “بمجموعه، وبمعنى الإنسانيَّة فيه” عن ذلك كلّه.

ونسبة بعض الظواهر للخالق (تعالى) في بعض الآيات والأحاديث الصحيحة هي: لتذكير الإنسان بالحضور الإلهي باستمرار؛ لئلا يقع في خطأ الإحساس بهيمنة الأسباب الماديَّة على سبيل الإطلاق وعلى كل شيء، وينسى الدور الإلهيّ، أي: دور خالق الإنسان والكون والحياة، فيقع في حالة الإلحاد أو الشرك أو الحلول.

[1] إنجيل لوقا، تحت عنوان: “نهاية العالم ومجيئ المسيح ثانية” (ص 258-259).

[2] مرقس (152) (علامات نهاية الزمان).

[3] الموسوعة اليهوديَّة (1/8) مدخل نهاية التاريخ، بتصرف.

[4] (الموسوعة اليهوديَّة).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *