Menu
منهجية التعامل مع التراث الإسلامي - مراجعة لكتاب من أدب الاختلاف إلى نبذ الاختلاف - أُمْنِيّة أهلِ السجود([1]) - The future of Islam in America and west - جانب من جلسات فريق باحثي الأزهر للعمل على وضع منهجية مراجعة التراث - حوار حول الربيع العربي - الإسلام والمسلمون من وجهة نظر غربية - برنامج اخترنا لمكتبتك - معالم في المنهج القرآني - ومضات فكرية

سلسلة تأملات رمضانية (6) الركاز الفريضة الغائبة ج2

الركاز: الفريضة الغائبة

(الجزء الثاني)

أ.د/ طه جابر العلواني

    الركاز وأحكامه لا تختلف كثيراً عن الزكاة وأحكامها، فالركاز يختصُّ بنوع معيَّنٍ من الأموال، هي: ما كان مدفوناً في باطن الأرض، دفنه أناس غبروا, أو دفن بتقلبات الطبيعة، والمناخ، فقدَّر الله جلَّ شأنه أن يبقى في باطن الأرض، كأنّه إرث مخزون من أجيال سابقة لأجيال لاحقة، وإذا أوجبه الله تعالى وفرضه على أصحاب الأرض الذين اكتُشفت الموارد والمعادن في أراضيهم, فإنَّ أصحاب الحقِّ فيه من تلك الشعوب والدول والمؤسسات الإسلامية مطالبون بمعرفة ذلك الحقَّ، والمطالبةَ به والحصول عليه، وعدم التساهل في ذلك، بأيٍّ حالٍ من الأحوال, لأنَّ التساهل فيه تضييع لحقوق ما كان ينبغي تضييعها.

     لو أن الأمة الإسلامية متَّحدة، وما تزال أمّة خيِّرة، أمَّةً وسطاً لأدَّى اصحاب الكنوز والدفائن حقَّ الركاز، ولأوصلوه لأهله، فهم مستخلفون فيه مؤتمنون عليه، والذين يستأثرون بما يستخرج من الأرض من: بترول ومعادن، ولا يرون لأحد حقاً فيه اللهم إلا الشركات الكبرى والمتعاملين معهم في ذلك، أو في سواه، معرَّضون لمساءلة الله جلَّ شأنه، ومحاسبته في الدنيا والآخرة؛ فالركاز حقٌّ معلوم، وليس صدقةً أو تطوعاً.

   ولو أنَّ فقهاءنا التفتوا بشكل مناسب إلى فقه الأولويات، لعلموا أنَّ الركاز وأحكامه وفقهه يجب أن يكون من الفقه الشائع بين المسلمين المعروف لديهم، ولكيلا يقلَّ عن فقه الزكاة شيوعاً وانتشاراً، ولكي تحضَّ الشعوب المسلمة التي تستخرج الموارد والمعادن حكامها لتزكيتها، وإعطاء إخوانهم الذين لم تُكتَشَفُ بعد موارد ومعادن في أراضيهم تلك الحقوق بنصِّ الشارع.

      وذلك سيغني بلدان المسلمين المرهقة اقتصاديّاً عن القروض الربويّة، ويحرر رقابهم من الذلة والمسكنة للبنوك وبيوت المال الدولية.

     وشيوع هذا النوع من المعرفة في أبناء الأمة يجعلهم أقربَ لإدراك فوائد التضامن والتكافل، بل والوحدة بين ابناء الأمة الواحدة.

      والانشغال بالأمور الكبرى يؤدِّيَ إلى ترقية الناس، ووضع حاجز بينهم وبين الانشغال في سفاسف الأمور، ممَّا لا يصلحُ أن يكون هدفاً لإنسان سويٍّ ذي دين.

     لقد أنفق المشغولون بقضايا الدعوة والفقه من أعمارهم وأعمار الناس نسباً عالية، في وجوب إعفاء اللحية على سبيل القطع أو الكراهة، وسوَّدوا من الأوراق كميات كبيرة ما دفع المتنبي إلى القول في القرن الرابع الهجري:

أغاية الدين أن تحفوا شواربكم***يا أمة ضحكت من جهلها الأمم.

    …وهل تعفى اللحية كلُّها أو يشذَّبَ بعضها، وهي لا تعدو أن تكون من خصال الفطرة، لكننا لا نجد دراسة أو فتوى في الركاز وأحكامه.

والحمد لله من قبل ومن بعد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *